مترجم عن اللغة الإنجليزية
الإسلام في موزمبيق: وجهات نظر ثقافية وتاريخية[1]
يعود تاريخ الإسلام في موزمبيق إلى القرن العاشر على الأقل، حيث تظهر السجلات أن تلك المنطقة كانت معروفة، ويتردد عليها المسافرون والتجار المسلمون بحلول منتصف القرن الخامس عشر، فقد كانت ومزدهرة، وتم إنشاء سلطنات تجارية ودينية فيها على طول الساحل، وكان البعض منها قد توغل في نهر الزامبيزي، وقد كان الإسلام مستقرًا ومنظمًا في شمال موزمبيق، وساهمت شبكات الطرق في نمو وازدهار الإسلام في تلك البلاد، وخلال الفترة التي سبقت الاستقلال عام 1975 كان المسلمون ينظمون أنفسهم في جماعات ضغط وعمل سياسي تحت ستار البرامج الاجتماعية، إلا أنهم بالرغم من ذلك واجهوا صعوبات كبيرة إبّان سنوات استقلال موزمبيق الأولى.
مقدمة
تشير المصادر العربية القديمة والمعروفة إلى بلد موزمبيق بــ "البلاد السفلى"، وهكذا استخدم المسعودي الذي زار الساحل عام 304 هـ / 916 م مصطلح "سفلى"، ويتحدث عن سفلية الزنج كحد لبلاد السودان، ويمكن تفسير "سفلى" على أنها "الأراضي المنخفضة"، أو "المياه الضحلة"، وتصبح الفروق أكثر وضوحًا عند الإدريسي (493 / 1100-560 / 1166) الذي يقسم ساحل شرق إفريقيا إلى أربعة قطاعات هي: بلاد البربر، والساحل الصومالي الحالي، وبلاد الزنج ، السواحل الحالية لكينيا وتنزانيا؛ فالبلاد السفيلة، أو أرض الزنج، و"بلاد الواق واق"، هذا ولم يرد اسم موزمبيق في الأدب العربي قبل أحمد مجيد (نهاية القرن الخامس عشر) الذي كتبها باسم Musanbıj.
التاريخ المبكر
يُعتقد أن سكان موزمبيق الأوائل كانوا من البدو الصيادين، وقد بدأت الشعوب الناطقة بلغة البانتو تهاجر ببطء من منطقة دلتا النيجر في غرب إفريقيا عبر حوض الكونغو لتصل إلى الجنوب الأفريقي بعد القرن الأول قبل الميلاد، وامتلكت المجموعات الجديدة المهاجرة مهارات زراعية متقدمة، ومعرفة بصناعة الحديد، وفي النصف الأخير من الألفية الأولى للميلاد بدأ التجار من شبه الجزيرة العربية في الوصول إلى المستوطنة الرئيسية في سوفالا، ونظرًا لوجود روابط تجارية لأكثر من ألف عام، فإن تاريخ الإسلام في موزمبيق يمكن تقسيمه إلى ثلاث فترات رئيسة:
الأولى: من القرن السابع إلى الخامس عشرة.
الثانية: القرن السادس عشر حتى الاستقلال عام 1975.
الثالثة: منذ الاستقلال وحتى اليوم.
فخلال الفترة الأولى اقتصر الوجود الإسلامي على المستوطنات الساحلية مثل سوفالا، وجزيرة موزمبيق، وأنغوش، وجزر كويريمبا، وعدد قليل من المستوطنات على طول الزامبيزي، وفي القرن الثالث عشر كان المحيط الهندي بحرًا إسلاميًا، وبالتالي وضع الأساس من أجل وجود إسلامي أكثر ديمومة في موزمبيق، وبحلول منتصف القرن الخامس عشر أنشأ التجار العرب شبكة تجارية واسعة إلى جانب سلطنات دينية على طول ساحل موزمبيق بين جزر أنغوش وموزمبيق في الشمال، وسوفالا في الجنوب.
هذا ولم تصف السجلات المتاحة حاليًا المستوطنات بشيء من التفصيل حتى القرن السادس عشر، إلى أن كتب دوارتي باربوسا عام 1517/1518 م يدعي أنه كانت للمسلمين مستوطنة في أقصى الجنوب في جزر بازاروتو في إنهامبان الحالي، وادعى أن المسلمين استقروا لفترة طويلة في سوفالا، وكانوا يتحدثون العربية، ويرتدون ملابس من الحرير أو القطن مع قطعة قماش فوقها أكتاف مثل الرؤوس، والعمامات أو القبعات في أنجويا (أنجوش).
خاتمة
على الرغم من أن الإسلام له تاريخ طويل ومرموق في موزمبيق، فإن الفترة الاستعمارية، وحقبة النضال من أجل الاستقلال أضرتا به، حيث أحضر المستعمرون البرتغاليون معهم أفكارهم المسبقة عن الإسلام والمسلمين إلى موزمبيق؛ مما أدى إلى مضايقات بحق المسلمين وصلت إلى حد حظر الإسلام في شمال البلاد الذي يشكل فيه المسلمون أغلبية السكان، وقد شهد منتصف التسعينيات انفتاحًا أكبر على المسلمين من قِبل السياسيين، وبدأت الأحزاب تطمئن المسلمين وتبشرهم بالخير، بيد أن السياسات العلمانية للحكومة الموزمبيقية أثرت على وضع المسلمين في المجتمع، وساهمت في إثارة التوترات الداخلية بين التقليديين والإصلاحيين، وغذّت الاختلافات الثقافية بين الجماعات العرقية المختلفة، مما ساهم في إضعاف قدرتهم على المساهمة الحقيقية في بناء الدولة الجديدة، وبالتالي الحدّ من مطالبهم في الحصول على حقوقهم الدينية كاملة.
[1] الترجمة نقل دقيق لجزء من محتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب. يمكنكم الوصول إلى المقالة عبر الرابط التالي: https://www.tandfonline.com/doi/pdf/10.1080/13602000802548201
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.