أثر الإسلام في تاريخ سيراليون: المؤسسات والممارساتمقالات

دافيد سكينر

مترجم عن اللغة الإنجليزية

 

أثر الإسلام في تاريخ سيراليون: المؤسسات والممارسات[1]

دافيد سكينر

جامعة سانتا كلارا

 

المقدمة

يرتبط تاريخ ساحل غينيا العليا ارتباطًا وثيقًا بالعديد من الهجرات والتفاعلات الثقافية والتطور الاجتماعي والاقتصادي، وقد ساهمت كلها في تشكيل التنمية في المنطقة التي تسمى الآن سيراليون على مدى الـ 400 سنة المنصرمة، حيث كان من بين مجموعات المهاجرين تجار وعلماء مسلمون بذلوا الجهود لتعزيز أجنداتهم السياسية والاقتصادية والدينية، لكنهم اصطدموا بجدار الصدّ الذي حال دون تحقيق مآربهم تلك نتيجة عدم تقبل السكان الأفارقة الأصليين لما جاؤوا به، فضلًل عن اصطدامهم بالواقع التبشيري الذي نافح في سبيله التجار والمبشرون البريطانيون الذين وصلوا إلى تلك البلاد في تلك الحقبة الزمنية.

 

الإسلام في سيراليون المستقلة

بحلول نهاية الحقبة الاستعمارية كان القادة المسلمون والمنظمات الإسلامية يشاركون بشكل كامل في الشؤون الثقافية والاقتصادية والسياسية لسيراليون، مما ربط سيراليون بشكل أقوى بالشبكات الإسلامية الدولية، وقد كان الهدف من معظم البرامج التي نظمتها المنظمات الإسلامية هو تحسين المرافق الإسلامية؛ لتدريب وتأهيل القادة المسلمين (المسؤولين القضائيين ، الدعاة ، الأئمة ، والمعلمين)، ورعاية المهرجانات الإسلامية، إلى جانب تمويل العيادات الصحية وبناء المساجد، فتوسعت الأنشطة خلال هذه الحقبة، كما قدمت حكومات الدول الإسلامية المساعدات الاقتصادية المباشرة للبرامج الحكومية كوسيلة لزيادة نفوذهم، ودمج سيراليون في العالم الإسلامي، وتمثلت إحدى النتائج الملموسة في انضمام سيراليون إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، وقد عززت منظمات المجتمع المدني بما ذلك المنظمات النسائية فرص التعليم لمختلف فئات الشعب وللفتيات على وجه الخصوص، فجمعت في سبيل ذلك الأموال اللازمة لمساعدة النساء في الإسهام في المبادرات الاجتماعية والاقتصادية، وذلك بهدف توعيتهم بأن الروابط مع القادة السياسيين والدينيين هي استراتيجيات حيوية مطلوبة لتطور وتقدم المجتمع.

هذا وتواصل المملكة العربية السعودية دورًا بارزاً في إدارة الشؤون الإسلامية في سيراليون، وقد كرّست ملايين الدولارات من النفط للمرافق التعليمية، وبرامج التوعية، واستقدمت مئات من السيراليونيين للدراسة في المملكة العربية السعودية، وساهمت المشاريع التعليمية تلك في جعل مجتمع سيراليون مجتمعًا أكثر انفتاحًا وإنتاجية.

 

آفاق التنمية المستقبلية

ساهم القادة المسلمون والمنظمات الإسلامية في الماضي في بذل أموال كبيرة بغية تحقيق التنمية الاقتصادية في سيراليون، ونظرًا لاستمرار الأنشطة الاقتصادية، فقد شُيّدت المباني السكنية، والمراكز التجارية، كما تم توفير المواد والأغذية لإمداد البلد باحتياجاته الأساسية، وتم بناء المدارس والمساجد والمراكز الدينية، وقد أتيحت الفرص التعليمية لآلاف من السيراليونيين التي ساعدتهم على التطور لأكثر من قرنين.

وتحاول المنظمات الإسلامية المحلية تقديم برامج تساعد سيراليون كي تكون أكثر اكتفاءً واستقرارًا سياسيًا، ومن تلك المنظمات المجلس الإسلامي الأعلى، وهو عضو مؤسس في مجلس الأديان في سيراليون، والذي شارك بشكل كبير في تعزيز الحل السلمي للنزاعات المجتمعية، ومن تلك المنظمات أيضًا مؤسسة إحسان لغرب إفريقيا، والتي تأسست عام 1996على يد أحمد بانجورا وزملاؤه في كاليفورنيا، وقد قدمت تلك المؤسسة خطة طموحة لإنشاء سلسلة من الكليات، والمدارس، ودور الأيتام، والمراكز الصحية، والمشاريع الزراعية، والخدمات الأخرى للمدن والقرى في جميع أنحاء سيراليون، هذا وقد تم إنجاز العديد من مشاريع مؤسسة إحسان التي تستمر أنشطتها على مدار العام لخدمة المجتمعات المحلية، ليس في سيراليون فحسب؛ بل في غينيا، وغانا، والكاميرون، والنيجر كذلك.

وقد ظهرت العديد من المنظمات غير الحكومية التي تم إنشاؤها مؤخرًا في سيراليون، مثل مركز التنوير العام الإسلامي، ومؤسسة الحوار من أجل التعايش السلمي التي لديها مهام وأهداف أساسية تتمثل في تعزيز القيم الأخلاقية، واحترام حقوق الإنسان، وزيادة نسبة حصول النساء والشباب والأطفال على فرص التعليم في المجتمعات الفقيرة، والتشجيع على إرسال الفتيات إلى المدرسة، وإتاحة المنح الدراسية، إلى جانب توفير السكن والتعليم الأساسي لمختلف الفئات العمرية، وتحقيق الاستقرار السياسي في البلاد، وتحسين المرافق التعليمية الموجودة، وخلق فرص للعمل.

هذا ويعزز الإسلام الرفاه الاجتماعي وبرامج التنمية الاقتصادية، بغية تهيئة مناخ اقتصادي صحي لا يشترط فقط أن يدعم المسلمون المجتمع من خلال الزكاة والصدقة، بل عبر إنشاء الصناديق الدينية (الأوقاف) لبناء وصيانة المدارس، والمستشفيات، والمساجد، ودور الأيتام، وقد ساهمت هذه الجهود بشكل كبير في إنشاء دولة حديثة، وخاصة خلال العشرين سنة الماضية، عندما ركز العديد من القادة طاقاتهم في برامج إعادة بناء نظام التعليم، وإنهاء الصراع الأهلي، والمساعدة في بناء حكومة شفافة ونزيهة ترسي قواعد العدل والمساواة في جميع أنحاء سيراليون، وتشجع المشاريع الاستثمارية والاقتصادية والصحية التي من شأنها السمو بشأن البلاد من خلال تعزيز البنى التحتية، مما يحقق الازدهار والرفاه الّذَين يطمح لهما كل أطياف المجتمع السيراليوني.

 

[1] الترجمة نقل دقيق لجزء من محتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب. يمكنكم الوصول إلى المقالة عبر الرابط التالي: https://www.jstor.org/stable/10.14321/jwestafrihist.2.1.0027#metadata_info_tab_contents