مترجم عن اللغة الإنجليزية
التنوع الديني في كوبا: الجالية الإسلامية أُنموذجاً[1]
إرفين زانغ
في هافانا عاصمة كوبا وفي غرفة معيشة صغيرة احتشدت مجموعة من الكوبيين مع طلاب الطب الباكستانيين لأداء بعض واجبات الإسلام، فكانوا يصلون ويقرؤون القرآن أحيانًا، ويتجاذبون أطراف الحديث حول موضوعات شتى أحيانًا أخرى.
قال سمير مدينة وهو كوبي اعتنق الإسلام، وهو يمارس العبادة مع المهاجرين الباكستانيين: "إن العبادة الخاصة تذكره بكيفية بدء الجالية الصغيرة في العاصمة منذ 13 عامًا"، واستجابة لزلزال كشمير المميت في باكستان، فقد منحت الحكومة الكوبية حق اللجوء لـ1000 باكستاني في عام 2005، ودرس غالبية الباكستانيين الذين هاجروا إلى كوبا الطب في جميع أنحاء البلاد، وعن ذلك قال سمير وهو المسؤول عن الأذان: "كانوا أطباء هنا وانتشروا في جميع أنحاء كوبا من غوانتانامو إلى جزيرة خوفينتود"، فكانوا ذا تأثير كبير في مجتمعهم الجديد، فكانوا يستقبلون المسلمين الجدد في منازلهم حيثما استقروا، ولا يألون جهدًا في إسداء النصح والإرشاد لهم، وعلى الرغم من أن العديد من هؤلاء الطلاب الباكستانيين عادوا إلى ديارهم بيد أنهم تركوا وراءهم الأساس لمجتمع نامٍ منذ ذلك الحين، ففي 2005 كان هناك 500 مسلم في هافانا، بحسب بيدرو لازو يحيى رئيس الرابطة الإسلامية الكوبية، بينما زاد هذا العدد كل عام تقريبًا، حيث يشكل الكوبيون الذين اعتنقوا الإسلام 4000 من بين 7000 مسلم، مما يدل على وجود تجمع ديني متماسك ويتزايد باطراد، وقال السيد يحيى إن إنشاء مسجد "مزكيتا عبد الله" ساهم في تحول الكثير إلى الإسلام.
فقبل بناء المسجد كان المسلمون يتجمعون في مكان مخصص يسمى "ماسالا" لممارسة شعائرهم، وقال يحيى: "إنه كان مكانًا مؤقتًا للعبادة لمدة 22 عامًا"، وعن مكان العبادة "ماسالا" قال سمير مدينة: "إنه كان مكانًا مقدسًا، ولكنه كان صغيرًا يبلغ طوله حوالي20 قدمًا، لدرجة أنه عندما بدأ المزيد من الكوبيين في اعتناق الإسلام لم تكن مساحته كافية لتسعهم، وقد وصلت الحاجة إلى ذروتها في آخر يوم من شهر رمضان في عام 2014 حين صلى 600 مسلم على أرضية خراسانية في حديقة بالقرب من الأكواريوم في غرب هافانا، و وصف يحيى ذاك المشهد بأنه "بحر من الرجال والنساء يعبدون الله".
وقد ذهب يحيى إلى القول بأن الإسلام لا يزال صغيرا في كوبا، إذ لا يتجاوز عدد المسلمين 7000 نسمة أي بنسبة 0.01 في المائة من سكان كوبا البالغ عددهم 11.2 مليون نسمة، هذا ويُعرف غالبية الكوبيين بأنهم شكل من أشكال المسيحيين، حيث يُعرف 60 بالمائة منهم بأنهم كاثوليك، و5 بالمائة يُعرفون بأنهم بروتستانت وفقًا لتقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2016، ويقدر التقرير أن 13 في المائة من الأشخاص يعرفون بأنهم أشخاص يمارسون السانتيريا، وهي ديانة متجذرة ومتبعة في غرب أفريقيا.
وقد صاحب نمو الجالية الإسلامية في كوبا وجود مشاكل ومصاعب واجهها المسلمون هناك، وعن ذلك قالت إسقورة أرودين 33 سنة أنه قيل لها إنها لا تستطيع التدريس إذا كانت ترتدي الحجاب، فتقول: "ذات يوم قالوا لي إن عليّ المغادرة فسألت لماذا؟، فقالوا أنتِ مسلمة وبهذا الحجاب على رأسك لا يمكنكِ العمل في كوبا"، ولكنها استعادت وظيفتها بعد أن هددت برفع قضيتها إلى المحكمة.
هذا ولم يكن المسلمون الكوبيون بمنأى عن المفاهيم الخاطئة والصور النمطية التي أشيعت عن الإسلام، كما روى يوسف علي 26 عامًا والذي يعمل في هدم المباني، حيث طُرحت عليه أثناء عمله أسئلة تربط بين الإسلام والعنف، فقال علي : "في كثير من الأحيان عندما أعمل في منزل، فإنه يُأتى لي بالطعام فيقدمون لي لحم الخنزير، وحين أعتذر عن أكله. يسألونني ما إذا كان بي من مرض، ولكنني أقول لهم أنه بسبب ديني الذي يمنعني من أكل لحم الخنزير فأنا مسلم، وعندها يتعجبون ويسألونني أليس الإسلام دين العنف، وأليس المسلمون إرهابيين!؟".
وقال ليونيل دييز سترلينج، وهو كوبي مسلم إنه يعتقد أن المجتمع الكوبي قد تطور وأصبح الناس يقبلون التنوع الديني، حيث قال: "ربما بين الحين والآخر تصادف أفرادًا عنصريين، ولكن ذلك ليس شائعًا بين سائر أطياف المجتمع، فإذا كنت تريد ممارسة الإسلام، فلك ذلك، وإذا كنت تريد ممارسة الكاثوليكية، فلك ذلك أيضًا، وحتى لو كنت تمارس السانتيريا يمكنك ذلك، فهو شأنك الخاص".
وبحسب يحيى فقد خصصت كوبا والمملكة العربية السعودية قطعة أرض تعادل مساحة حديقة كبيرة لبناء مسجد جديد بالقرب من خليج هافانا الغربي على طول شارع فابريكا الرئيس في جنوب هافانا، وقال إن المفاوضات لا تزال جارية، ولم يتم تحديد جدول زمني لتنفيذ المشروع لكنه يتوقع اتفاق بين الجانبين في المدى القريب.
*ملاحظة: هذه القصة جزء من سلسلة تكشف الدور المتنامي للإسلام عالميًا، وتم إنتاجها بالشراكة مع جامعة نورث إيسترن، وبدعم من مؤسسة هنري لوس.
[1] الترجمة نقل دقيق لمحتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب. يمكنكم الوصول إلى المقالة عبر الرابط التالي: https://thegroundtruthproject.org/cubas-emerging-muslim-community-adds-religious-diversity/
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.