الإسلام في روسيا: الواقع والتحدياتمقالات

أليكسي مالاشينكو

مترجم عن اللغة الإنجليزية

 

الإسلام في روسيا: الواقع والتحديات[1]

أليكسي مالاشينكو

 

الإسلام في روسيا هو دين أقلية، كما يوجد في روسيا أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية بلغ عدد المسلمين في روسيا عام 2017م 10،220،000 أو 7٪ من إجمالي السكان، إلا أنه لم يشمل المسح سكان اثنين من الأقاليم الفيدرالية ذات الأغلبية الإسلامية بسبب الاضطرابات الاجتماعية، والتي يبلغ عدد سكانها معًا ما يقرب من 2 مليون نسمة وهما الشيشان وإنغوشيتيا، وبالتالي قد يكون العدد الإجمالي للمسلمين أكبر قليلاً من العدد المسجل، وقد قدّر مفتي روسيا الشيخ رويل غينتين تعداد المسلمين في روسيا بـ 25.000.000 اعتبارًا من عام 2018، ويُعتبر الإسلام دينًا معترفًا به بموجب القانون الروسي كواحد من الديانات التقليدية في روسيا، وجزءًا من التراث التاريخي الروسي، وتعود مكانة الإسلام كديانة رئيسة في روسيا إلى جانب المسيحية الأرثوذكسية إلى زمن كاترين العظيمة، والتي رعت رجال الدين الإسلاميين، وأجزلت المنح الدراسية للطلبة المسلمين من خلال جمعية أورينبورغ.

وقد شهد تاريخ الإسلام في روسيا فترات صراع بين الأقلية المسلمة والأغلبية الأرثوذكسية، فضلاً عن فترات التعاون والدعم المتبادل بينهما، وبعد سقوط النظام القيصري أدخل الاتحاد السوفيتي الإلحاد في الدولة، والذي أعاق ممارسة الإسلام والأديان الأخرى في روسيا، وكان السبب في إعدام وقمع العديد من القادة المسلمين، إلا أن الإسلام وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي استعاد مكانته المرموقة، وحاز الاعتراف قانونًا في السياسة الروسية، وفي الآونة الأخيرة عزز الرئيس بوتين هذا الاتجاه، فدعم التعليم الديني، ودفع باتجاه إنشاء المساجد، وشجع الهجرة من دول الكتلة السوفيتية السابقة ذات الأغلبية المسلمة، وأدان خطاب الكراهية المناهض للمسلمين، مثل الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، وهناك أكثر من 5000 منظمة دينية إسلامية مسجلة، أي ما يعادل أكثر من سدس عدد المنظمات الدينية الأرثوذكسية الروسية المسجلة والبالغ حوالي 29268 اعتبارًا من ديسمبر 2006.

 

تاريخ الإسلام في روسيا

قمع الحكم الشيوعي الإسلام مثل الديانات الأخرى في الاتحاد السوفيتي، حيث تم إعدام العديد من القادة المسلمين على يد الشيوعيين، كما جرى إغلاق الكثير من المساجد، ووفقًا لبعض التقديرات تم إغلاق أكثر من 83٪ في تتارستان، وبقي مسجد مركاني هو المسجد الوحيد في قازان المفتوح في ذلك الوقت.

الإسلام في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي

كان هناك الكثير من الأدلة على المصالحة الرسمية تجاه الإسلام في روسيا في التسعينيات، كما زاد عدد المسلمين المسموح لهم بالحج إلى مكة بعد انتهاء الحظر المفروض على أعدادهم إبان الحقبة السوفيتية، وفي عام 1995 بدأ اتحاد مسلمي روسيا بقيادة الإمام خطيب مقدس (وهو من تتارستان) بتنظيم حركة تهدف إلى تحسين العلاقات بين الدولتين، شكل اتحاد ما بعد الشيوعية حزبا سياسيا أسموه حركة نور التي تعمل بتنسيق وثيق مع الأئمة المسلمين للدفاع عن الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية للمسلمين، وكذلك افتتح المركز الثقافي الإسلامي في روسيا الذي يضم مدرسة (مدرسة دينية) في موسكو عام 1991 في التسعينيات، وزاد عدد المنشورات الإسلامية التي كُتب بعضها باللغة الروسية، وقد قال بوتين: "إن المسيحية الأرثوذكسية أقرب بكثير إلى الإسلام من الكاثوليكية"، ويُعتقد أن بوتين دعم احتجاجات المسلمين في روسيا ضد رسوم شارلي إيبدو فرنسا، كما سمح بوتين بالتطبيق الفعلي لقانون الشريعة في الشيشان من قبل رمضان قديروف، بما في ذلك تعدد الزوجات، وارتداء الحجاب.

التركيبة السكانية

أكثر من 90٪ من المسلمين في روسيا يعتنقون الإسلام السني، فيما حوالي 10٪ أو أكثر من المسلمين هم من الشيعة، كما أن هناك حضورًا نشطًا للأحمديين في مناطق قليلة، ولا سيما داغستان والشيشان، وفي عام 2021 أعلن بوتين أن حوالي 20٪ من موظفي صناعة الطيران الروسية هم من المسلمين، ومن أبرز المعتنقين الروس للإسلام فياتشيسلاف بولوسين، وفلاديمير خودوف، وألكسندر ليتفينينكو المنشق عن المخابرات الروسية والذي اعتنق الإسلام وهو على فراش الموت.

الخلافات اللغوية

شكل التتار لقرون المجموعة العرقية المسلمة الوحيدة في روسيا الأوروبية، حيث كانت لغة التتار هي اللغة الوحيدة المستخدمة في مساجدهم، وهو الوضع الذي شهد تغيرًا سريعًا على مدار القرن العشرين؛ حيث هاجر عدد كبير من مسلمي القوقاز وآسيا الوسطى إلى مدن وسط روسيا، وبدأوا في حضور المساجد الناطقة بالتتارية، الأمر الذي سبب ضغطًا على أئمة هذه المساجد لبدء استخدام اللغة الروسية، وبدت هذه المشكلة واضحة حتى داخل تتارستان نفسها حيث يشكل التتار الأغلبية.

الإسلام في موسكو

وفقًا للإحصاء الروسي لعام 2010 فإنه يوجد في موسكو أقل من 300 ألف مقيم دائم من أصول مسلمة، بينما تشير بعض التقديرات إلى أن موسكو بها حوالي مليون مقيم مسلم، وما يصل إلى 1.5 مليون عامل مهاجر مسلم، وقد سمحت المدينة بوجود أربعة مساجد، حيث يدعي رئيس بلدية موسكو أن أربعة مساجد كافية للسكان، ويوجد حاليًا 4 مساجد في موسكو، و 8000 مسجد في روسيا بأكملها.

التصور العام للمسلمين

وجد الاستطلاع الذي نشره مركز بيو للأبحاث في عام 2019 أن 76٪ من الروس لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه المسلمين في بلادهم، في حين أن 19٪ لديهم وجهة نظر غير ودّية.

 

[1] الترجمة نقل دقيق لمحتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب. يمكنكم الوصول إلى المقالة عبر الرابط التالي: https://carnegiemoscow.org/2015/05/13/islamic-challenges-to-russia-from-caucasus-to-volga-and-urals-pub-60334