الجذور التاريخية للإسلام في أوروبامقالات

موقع وورد بوليتين

مترجم عن اللغة الإنجليزية

 

الجذور التاريخية للإسلام في أوروبا[1]

موقع وورد بوليتين

 

تخلق الروايات التي تزعم بأن أول عهد أوروبا بمعرفة الإسلام كان في خمسينيات القرن الماضي مع وصول المجموعة الأولى من العمال المهاجرين انطباعًا خاطئًا وهو أن القارة الأوروبية لم تكن على دراية بالإسلام من قبل، وحقيقة الأمر هي أن مدينة هايدوبوسزورميني الواقعة في شرق المجر تخبرنا إلى أي مدى تعود جذور الإسلام الأوروبية فعليًا، فعندما اعتنق الملك المجري القديس استيفان المسيحية في القرن العاشر، تحول شعبه بشكل جماعي إلى المسيحية، إلا أن ثلة من الهنغاريين لم يقبلوا المسيحية، بل وفضل بعضهم اعتناق الإسلام، وأطلق عليهم اسم "Böszörmény".رغم بعض الادعاءات القائلة بأن البوزورميني لم يكونوا في الأصل مجريين بل كانوا أتراك شيعة إسماعيليين هاجروا من ضفاف نهر الفولغا واستقروا في المجر، بيد أن من الحقائق التاريخية أنهم كانوا يتحدثون الهنغارية. وقد خصص الأمير المجري جيزا في وقت مبكر من القرن العاشر مناطق للمسلمين المجريين للعيش فيها، وعلاوة على ذلك ، تذكر  Gesta Hungarorum Géza، وهي واحدة من أهم النقوش في التاريخ المجري أن العاصمة بودابست كانت من بين هذه الأراضي التي منحها جيزا، إن جانباً من المدينة - التي تتكون من جزأين "بودين وبست" تم إعطاؤه للمسلمين من قبل الملك جيزا، وبالتالي يكون هذا الجزء قد أسس من قبل المسلمين.

 

أوروبا وثقافة العيش مع الآخر

شهد القرن الرابع عشر تعرض أوروبا لمذابح كبيرة، فقد قضى الطاعون على سكانها، وبدأت في البحث عن سبب هذه المحنة، وسرعان ما اكتشفت أن السبب هو قيام اليهود الذين يعيشون في القارة باختراقات، مثل خطف الأطفال المسيحيين وأكلهم، واغتصاب تماثيل العذراء المقدسة، وقد كانت شباير، وورمز، وماينز مدنًا كان السكان اليهود فيها مصدر قلق، حيث كان لليهود في هذه المدن اليد العليا في الاقتصاد، فكان لابد من "تنظيف" هذه المدن الثلاث منهم بأي ثمن؛ ولهذا السبب قامت الحروب الصليبية التي استهدفت الأراضي المقدسة، وتم قتل عدد كبير من اليهود، ونهب جميع ممتلكاتهم، وحين بدأ كارل الرابع في الحصول على دخل أكبر من السكان المسيحيين مقارنة بما حصل عليه من اليهود، فقد أعطى الضوء الأخضر ليهود نورمبرغ ليحرقوا أحياء بأكملها، ومن هنا تشكلت الساحة التي يقام فيها اليوم معرض عيد الميلاد في نورمبرغ المشهور عالميًا مع هدم الحي الذي يسكنه هؤلاء اليهود.

 

 

هل يزيل "الإسلام الأوروبي" القلق الاجتماعي؟

إن حقيقة أن المسيحية كانت "منضبطة" بحيث لا تعطل أو تزعج التدفق المعتاد للحياة الاجتماعية الأوروبية تجعل الإسلام يُنظر إليه من قبل الأوروبيين كمصدر أكبر للاضطراب بشكل متزايد، فأعدادهم في القارة العجوز تتزايد يومًا بعد يوم، وقد أصبحت قضايا الاندماج في المجتمعات الأوروبية والتي أثارها السياسيون حججاً تُستخدم لتصوير نزعات كراهية الأجانب، إذ تواجه كل امرأة ترتدي الحجاب خارجاً، وكل جزار يبيع اللحوم الحلال غضب الأوروبيين الذين لا يحبون العيش جنبًا إلى جنب مع الآخر، وبالإضافة إلى هذا، فإن كل مسجد جديد يخطط لبنائه هؤلاء الأشخاص الذين يريدون أن تكون لهم دور عبادة كحق أساسي يثير نقاشات حادة حوله، وهذه المواقف المناهضة للإسلام، مثل الحظر المفروض على المآذن في سويسرا في عام 2009 نتيجة لاستفتاء شعبي، والمظاهرات المناهضة للمساجد التي كان من المقرر تنظيمها في منطقة بيريغيتيناو في فيينا، انتشرت الآن في جميع أنحاء القارة، مما يجعل الحياة اليومية للمسلمين هناك أكثر بؤسًا، وقد انتهت المناقشات حول موضوع اللحوم الحلال، والتي استمرت لأكثر من عشر سنوات بالفعل، بمقترحات توصي بحرمان المسلمين من حقهم في ذبح الحيوانات بطريقة إسلامية، وبعد ذلك مباشرة بدأ نقاش قانوني حول الختان، إذ تم طرح مشروع قانون يقضي بأن ختان الأطفال الصغار يتعارض مع حقوق الإنسان وبالتالي يجب حظره، وحقيقة الأمر هي أن الحقوق الأساسية للمسلمين مسموح بها طالما أنها تتماشى مع الممارسات اليهودية، وتماشياً مع هذا الاتجاه فإن التحركات الأخيرة ضد ارتداء الحجاب تزداد شدتها مع الإفلات من العقاب؛ لأن هذه الممارسة بالذات لا مثيل لها في القانون الديني اليهودي.

 

الهدف النهائي لـ "الإسلام الأوروبي"

 إن أكثر التعليقات براءة حول هذا الموضوع هي القول: بأن المقصود من "الإسلام الأوروبي" هو خلق نوع من الإسلام لا يملك حق التصرف، ويبقى جزءًا سهل الانقياد من النسيج الاجتماعي الأوروبي، حيث يمتلك العقل الأوروبي ثقافة يُسمح فيها تمامًا بتغيير الدين بحيث يكون أكثر توافقًا مع الاتجاهات الاجتماعية الحالية، ويريد العقل الأوروبي أن ينظر للإسلام على أنه مجرد دين آخر "قابل للتحويل" مثل المسيحية مع تجاهل جميع الاعتراضات القائلة بأن الإسلام ليس لديه مثل هذه الطبيعة "القابلة للتحويل"، فالنتيجة المقصودة من "الإسلام الأوروبي" هي شل القدرات التشريعية للإسلام إلى أقصى حد ممكن، وبالتالي جعل الإسلام كدين أقل وضوحًا بشكل عام، ومن ثَمّ تحويله إلى مجرد مؤسسة لتقديم التوجيه الأخلاقي، تمامًا كما في حالة المسيحية، وهذا هو الهدف النهائي الذي يريد تحقيقه كل مطلب يتعلق بإسلام أوروبي على غرار إنشاء المسيحية الأوروبية، وهكذا سيكون الإسلام الأوروبي هو الإسلام الذي يقدم فقط المشورة لأتباعه بشأن القضايا الأخلاقية، ولن يحتاج إلى أي شيء منهم في حياتهم اليومية، ونتيجة لذلك فإن الجهود المستمرة موجهة إلى جعل الإسلام مثل المسيحية، وهناك جدل كبير حول ما إذا كان هذا ما يمكن أن نطلق عليه "الإسلام المتحرر من الإسلام" سيكون قادرًا على تقديم أي حل حقيقي لجميع الاضطرابات الاجتماعية؛ وذلك لأن العداء الذي نواجهه له هوية تختلف عن هوية معاداة الإسلام منذ ألف عام، إذ طور الأوروبيون نوعًا معينًا من الكراهية لجيرانهم المسلمين بصرف النظر عن كراهية الإسلام نفسه، وقد كان رد فعلهم منذ ألف عام لعدم القدرة على العيش مع "الآخر" يلعب دورًا إزاء تطلعاتهم القوية للعيش في مساحة معيشية متجانسة دون أن يغذي "الآخر" هذه الكراهية مقارنة بطريقة ما مع Bözsörmény  الذين إما تمت إبادتهم أو تحولوا إلى مجريين عاديين، وهكذا سيظل المسلمون "الآخر" في أوروبا طالما ظلوا غير مندمجين، وستبقى كل الجهود المبذولة لإنشاء إسلام أوروبي لن تتجاوز أبدًا كونها اضطهادًا للآخر.

 

[1] الترجمة نقل دقيق لمحتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب.