مترجم عن اللغة الإنجليزية
المصدر: Caribbean Muslims[i]
الحاجة إلى التعليم:
عملت الأسرة الهندية المسلمة كوسيط لنقل المعرفة والمهارات والقيم إلى جيل الشباب، لذا لم يكن المجتمع يشعر بالحاجة الكبيرة للتعليم الرسمي، لا سيما عندما يشكل ذلك تهديدًا حقيقيًّا للحفاظ على هويتهم الدينية والثقافية.
كان التعليم الديني قد بدأ في معظم المساجد، وفي كثير من الأحيان كان يتم تقديم التعليم في هذه المدارس (التي كان يطلق عليها لها: المكاتب) من قبل أولئك الذين لديهم القليل من التدريب الرسمي، ونذكر من تلك المساجد القديمة: Tacarigua (1850م) و Iere Village (1866م).
ومنذ حوالي الثلاثينيات من القرن الماضي، لعب نظامُ "المكتب" دورًا مفيدًا في نقل التعليم الإسلامي بشكل رئيس إلى الشباب المسلمين، حيث يتم تدريس طلاب هذه الفصول من قبل معلمين لديهم بعض المعرفة باللغة الأردية والعربية، ولديهم رصيد من الثقافة الإسلامية، وقد نقلوا إلى طلاب هذه الفصول المبادئَ الشرعية والأخلاق الأساسية في الإسلام، وأحياناً كان يتم عقد دروسهم في أماكن مجاورة للمساجد أو في المنازل.
وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك عدة آليَّات لنقل المعرفة الدينية، مثل خطبة الجمعة، وما تتضمنه الواجبات الدينية والاجتماعية من تثقيف ديني، وقد لبَّت هذه الجهود الاحتياجاتِ الاجتماعية والتعليمية للمجتمع لبعض الوقت، لكنها لم تتمكن في النهاية من مواجهة التحديات الجديدة التي فرضتها الجهود التنصيرية، ومن مجابهة تأثير القيم الغربية على المجتمع.
الجهود المبذولة لتعزيز التعليم الديني النظامي:
لقد أدرك الدعاة المسلمون آنذاك التهديداتِ الوشيكة بفقدان المسلمين للثقافة الإسلامية، وبالتالي كان لديهم الدافع لزيادة جهودهم في التعليم الرسمي، حيث ذكر المؤرخ المعروف كارل كامبل أن هناك عدة محاولات لإنشاء مدارس هندية وإسلامية منذ عشرينيات القرن الماضي.
وكان المسلمون ذوو الموارد حريصين على إنشاء مؤسساتٍ لتلبية الاحتياجات التعليمية للمجتمع، ومنهم رجل الأعمال البارز محمد إبراهيم، الذي بنى مدرسة ومسجدًا في عام 1924 في السقورو، كما أنشأت جمعية الوصي الإسلامي مدرسة للغة العربية والأردية في مدينة الأمراء عام 1925، وقام رجل الأعمال الثري الحاج جوكول ببناء مسجد ومدرسة في سانت جيمس في حوالي 1927، كما قام الحاج ركن الدين أيضًا ببناء عدد قليل من المدارس الصغيرة في مناطق مختلفة، وربما كان من هذه المدارس مدرسة Lengua الإسلامية، التي انطلقت في عام 1929 في برنسز تاون.
ويذكر من بين هذه المدارس مدرسة سميت بالمدرسة الهندوسية الإسلامية في عشرينيات القرن الماضي، ووفقًا لكارل كامبل: "ربما كانت المدرسة الابتدائية الأكثر إثارة للجدل على الإطلاق في المستعمرة"، وقد استمرت حتى عام 1935.
كما انطلقت مدرسة ثانوية في عام 1936 في سانجر غراندي من قبل معتنق الإسلام أبي بكر بومون -بنجامين، وبالإضافة إلى التدريس الديني فيها، كان يتم تدريس المواد الأكاديمية، وقد كان افتتاح هذه المدرسة مؤشراً على نضج المجتمع بتفكيره في إنشاء مدرسة ثانوية في مثل ذلك الزمن الصعب من التاريخ، وبموارد قليلة جدًّا.
وقد وفرت التجمعات الدينية فرصًا للتفاعل الاجتماعي، كما سهَّل نظام الأسرة الهندي المترابط نقل الثقافة إلى الأعضاء الأصغر سنًّا في المجتمع، وقد تم تكييف هذه السمات الثقافية وتعديلها في ظل الظروف المتجددة.
ولذلك فقد تمكن مسلمو الهنود الأوائل من الحفاظ على هويتهم الدينية وسط ضغوط المجتمع التعددي، كما تم تجاهل بعض الخلافات لإبقاء ترينيداد على رأس جدول أعمالهم، وكانوا متَّحدين إلى حد كبير لأنهم قاوموا الاندماجَ مع المجتمع الأوسع بنجاح، وقد استنتج روبرت جاك سميث (1963) على أساس الدراسات التي أجريت بين مسلمي ترينيداد أنه: "حتى الوقت الحاضر، تم إشراك العمل الأسري والديني المنظم ضد قوى الاستيعاب والتثاقف، وقد فاز...".
وبالتوازي مع التعليم الشرعي، بُذلت العديد من الجهود لتعليم اللغات الهندية، وعلى سبيل المثال: أقيمت دروس اللغة الهندية والأردية في قاعة مسجد شارع الأمير ألبرت عام 1945، وفي مرابيلا عام 1938.
وقد تم إرسال وفد إلى الوالي لتقديم طلب مقدم من قبل الهنود، وضم ذلك الوفد كلًّا من: الحاج ركن الدين، محمد حسين، محمد إبراهيم، حجي كوكول، ت.ر. مهابير سينغ، ج.جوزين، ر.ماهراج، محمد عزيز، سي ماثورا، وقد أشار تقرير ماريوت/ مايهيو إلى أن الهنود الذين يشكلون 38.5٪ من السكان (تعداد عام 1932) كان يجب أن يكون لديهم مدارس خاصة بهم.
ويضاف إلى ذلك العديد من الجهود لإنشاء مدارس خاصة، ولكن نظرًا لغياب مساعدات الدولة، فإن الموارد لم تكن كافية أو متاحة لتوفير بدائل عن المدارس النصرانية، كما كان زعماء المسلمين والهندوس، ومنهم نذير أحمد سيماب وأمير علي، قد تحركوا لسنوات للحصول على مساعدة من الدولة لإنشاء مدرسة غير نصرانية، وقد أثمرت جهودهم عندما تم إنشاء مدرسة السوكورو الإسلامية من قبل جمعية التقوية الإسلامية (TIA) في عام 1942، وقد عملت هذه المؤسسة كمدرسة خاصة لمدة سبع سنوات قبل أن تصبح أول مدرسة غير نصرانية تتلقى مساعدة الدولة.
وقد جرت مباحثات بين نظير أحمد سيماب (تبليغ الإسلام) ومولوي أمير علي (TIA) على أن يستخدموا مبنًى قديمًا على أراضي جمعية TIA في شارع بيسسار في El Socorro، وتم الاتصال في البداية بمدير التعليم للحصول على المساعدة، ولكنه رفض طلبهم، ولكن مع ذلك فقد أعطى الضوء الأخضر لإدارة المدرسة بشكل خاص لمدة عامين، بدءًا من 2 مارس 1942، وكان لديهم طاقم مكون من ستة معلمين، وتسجيل أولي يزيد على 44 تلميذًا، وكان لا يزال من الضروري للمباني أن تتوافق مع اللوائح الحكومية المتعلقة بالصرف الصحي والمساحة، ولم يتم تقديم المساعدة لهم حتى عام 1949.
وفي عام 1949، كان هناك 250 مدرسة نصرانية، و50 مدرسة حكومية، ثم بحلول عام 1952، بدأت المدارس الهندوسية في تلقي مساعدات الدولة، وبحلول عام 1962، كان هناك 46 مدرسة هندوسية و15 مدرسة إسلامية (عن موجز إحصاءات التعليم، 1962-1963).
وقد اعتبرت الحكومة بعد ذلك كلًّا من الهندوس والمسلمين قادرين على إدارة المدارس في المستعمرة، وفي غضون وقتٍ قصير، تم إنشاء العديد من المدارس الهندوسية والإسلامية، بمساعدة الوزير المسؤول عن التعليم آنذاك روي جوزيف.
الثقافة الغربية:
لقد كان من الصعب مقاومة جاذبية العصرنة والتفرنج، وبحلول الستينيات أصبح العديد من المسلمين الشباب، وخاصة أولئك الذين تلقوا تعليمًا علمانيًّا، مندمجين في الموجة القائمة اللادينية.
وقد تفاقم هذا التراجع عندما أتيحت الفرصة للمسلمين للحصول على التعليم الثانوي والعالي، وحدث معظم هذا الاندماج بين أولئك الذين كانوا أكثر موهبةً وتعليمًا، ولديهم موارد مالية، ولذلك نشأ انشطار بين "التقاليد والركود في الدين"؛ كما تم تدريسها وممارستها في ذلك الوقت، وبين الإثارة والحيوية في الحداثة.
وكان معظم الشباب في ذلك الوقت يتعلمون باللغة الإنجليزية، ولكن استمر التعليم الديني باللغة الأردية، والتي لم يستطع الغالبية فهمها، ولا تزال العديد من خطب الجمعة تُلقى باللغة الأردية، ونتيجة لذلك، فقد رأى الأطفال الذين حصلوا على تعليم أفضل أن النهج الحديث والعلمي للحياة أكثر جاذبية من أسلوب حياة تقليدي، ولذلك كان الوضع مواتياً لتدهور معرفتهم بدينهم وممارستهم لشعائر الإسلام.
سياسة تعليمية جديدة:
في وقت تحقيق الاستقلال السياسي عام 1962، حدثت تغييرات جذرية في السياسة التعليمية في ترينيداد وتوباغو، وكان من دواعي القلق هنا إدخال امتحان القبول المشترك وزيادة توافر أماكن في المدارس الثانوية من خلال إنشاء العديد من المدارس الثانوية الحكومية، وكانت هذه الخطوة موضع ترحيب كبير من قبل السكان في مواجهة النخبوية القائمة في نظام المدارس الثانوية والافتقار العام للفرص لأعضاء الطبقات الدنيا لتحقيق الحراك الاجتماعي من خلال التعليم، وكان التوسع التعليمي مع ذلك يعني أيضًا انخفاض قوة المدارس الإسلامية وغيرها، وزيادة سيطرة الدولة على التعليم، وفي مثل هذا السياق لم يكن أمام المدارس الثانوية الإسلامية غير فرصة ضئيلة لتتحول إلى مؤسسات مستقلة لها ثقافتها وتقاليدها المدرسية، دون تدخُّل الدولة في شؤونها، بل وحتى المدارس الكنسية الحالية أيضًا فقدت إلى حد كبير طابعها الخاص أمام المحاولات المتعمدة للترويج لمجتمع متجانس قائم على المثل القومية؛ وبالتالي العلمانية.
وقد بدا في هذا الوقت أن بعض القادة أخذوا يدعمون معطيات الوضع الراهن، ليتمتعوا في المقابل بدرجة من الامتيازات والفرص، فشجعوا المجتمع على دعم القيم السائدة للمجتمع الأوسع؛ وبالتالي بدأت هويتهم الثقافية تتآكل، وتم الترويج للدين كقضية فردية، وعلى الرغم من تشجيع المسلمين على الصلاة والصيام والتصدق، إلا أنه لم يتم التأكيد على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للدين، وكثيراً ما اتجهوا إلى التسامح السلمي وسط القومية المتنامية.
زيادة في عدد المدارس الإسلامية:
في غضون عقد من الزمن، بعد إنشاء أول مدرسة تتلقى مساعدات من الدولة، أنشأت المنظمات الإسلامية الثلاث القائمة: ASJA - TIA - TML خمسة عشر مدرسة ابتدائية، كما يلي:
وعلى الرغم من وجود تنافس بين هذه المجموعات في البداية، إلا أن هذه المدارس ساعدت في تعزيز روابط التماسك؛ وبالتالي الحفاظ على المجتمع المسلم على قيد الحياة، وكانت هناك أيضًا حالات من تنقل المعلمين من مدرسة إلى أخرى، ثم نشأت - على مر السنين - علاقة ودية للغاية بين هذه المجموعات، مما أدى إلى تشكيل مجلس التنسيق الإسلامي، كما جرت محاولات لتشكيل جمعية المعلمين المسلمين، ولكن ذلك لم يتحقق بعد.
خلاصة:
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.