مترجم عن اللغة الإنجليزية
المصدر: across-spain[i]
تُعتبر إسبانيا واحدة من أشهر بلدان العالم، وذلك لحضارتها الممتدة عبر القرون، ولشهرة مدنها العريقة، ومع ذلك، فإن ما لا يعرفه الكثير من الناس عن إسبانيا هو أنها موطن للعديد من الآثار المدهشة للتراث الإسلامي، والمعروفة كمواقع للتراث العالمي.
لقد حكم المسلمون إسبانيا على مدى 800 عام، وظهرت فيها آثار الإسلام لأول مرة عام 711م، حيث وصلت إليها الثقافة الإسلامية من شمال إفريقيا من قبل المغاربة إلى المنطقة التي كانت تسمى بالأندلس، والمعروفة أيضًا بإسبانيا المسلمة، حيث كان المسلمون يحكمون المنطقة بأكملها - باستثناء أشتورية وجليقية - نحو ثمانية قرون.
ويمكننا اليوم رؤية العديد من المساجد الكبيرة والمعالم القديمة في جميع أنحاء إسبانيا، علمًا بأن أهم معالم التراث الإسلامي الإسباني تقع في الجزء الجنوبي من الأندلس، ولكن مع ذلك يمكننا العثور على مواقع إسلامية مهمة للغاية من قلب البلاد حتى الريف.
وسنقوم الآن بالتعريف ببعض معالم مدن الأندلس، التي تربطنا بعبق التراث الإسلامي الأصيل:
تمتلك إشبيلية عاصمة الأندلس رصيدًا يزيد على خمسمائة عام من التراث الإسلامي، وهي موطن للعديد من المعالم الإسلامية الرائعة، ولا تشتهر هذه المدينة بفن الطهو وغيره مما ينتشر عنها فحسب، بل تشتهر أيضاً بآثارها التي يزيد عمرها على مئات السنين، وهي آثار تدل على ما تبقى من الحكم الإسلامي لها.
ومن أهم المعالم المشهورة اليوم في إشبيلية: كاتدرائية إشبيلية - سانتا ماريا دي لا سيدي، وقد لا يعلم الكثيرون أنها كانت في الأصل مسجدًا للمسلمين، وعندما غزا النصارى إشبيلية في القرن الثاني عشر قرروا تحويله إلى كنيسة.
أما قصر إشبيلية فهو من أشهر المعالم في هذه المدينة، وقد كان في الأصل لبيتر ملك قشتالة، وعندما غزا المسلمون إسبانيا قاموا بتحويله إلى قصر لهم، وهو مثال واضح على التأثير الإسلامي في إشبيلية.
أما متحف (توري ديل أورو) البحري، فهو نفسه (برج الذهب) الذي بني في القرن الثالث عشر من قبل أمراء الموحدين، بغرض التحكم في الوصول إلى إشبيلية عبر النهر، وقد أخذوا اسمه من اللمعان الذهبي الذي يعكسه هذا البرج على نهر الوادي الكبير.
قرطبة مدينة تقع في جنوب إسبانيا في منطقة الأندلس المتمتعة بالحكم الذاتي، وقد دخلت العديد من الثقافات والقوى إلى هذه المدينة خلال التاريخ، مثل الإمبراطورية الرومانية، فالقوط الغربيين، وتلتهما الخلافة الأموية، حتى أصبحت في القرن الثامن الميلادي عاصمة لإمارة إسلامية، وهي تعد موطنًا للعديد من مواقع التراث الإسلامي، وقد أضيف المركز التاريخي لقرطبة إلى قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو عام 1984، ثم توسع في عام 1994 مع مسجد قرطبة الكبير.
ويعتبر مسجد قرطبة الكبير أشهر معلم إسلامي في هذه المدينة، وقد بني في الأصل كمسجد نحو سنة 600م، وبقي على مكانته أكثر من 600 عام، ولكن تم تحويله إلى كنيسة كاثوليكية في القرن الثالث عشر، عندما غزا النصارى الكاثوليك قرطبة.
وهناك معلم حضاري آخر يقع في ضواحي قرطبة، وهو مدينة الزهراء، إحدى مدن العصور الوسطى، وفيها قصر الخلافة المبني في القرن العاشر الميلادي، فهذا القصر في الأصل مقر إداري للحكومة في إسبانيا المسلمة.
تقع غرناطة في الجزء الجنوبي من إسبانيا، عند سفح جبال سييرا نيفادا، وقد تأسست هذه المدينة في القرن الثامن الميلادي، ثم خضعت فيما بعد للسيطرة المغربية حتى عام 1492م.
ونرى اليوم بقايا للثقافة الإسلامية في مدينة غرناطة، ومن أشهر المعالم التي لا تُنسى فيها: قصر الحمراء، وقد كان هذ القصر حصناً في الأصل، ثم تحول فيما بعد إلى قلعة عسكرية بسبب موقعه المركزي، وخلال عهد الأسرة النصرية أصبحت تلك القلعة مقرًّا ملكيًّا، واليوم هي واحدة من أشهر مناطق الجذب في إسبانيا.
مالقة هي ثاني أكثر المدن اكتظاظًا بالسكان في الأندلس، وهي تقع في الساحل الجنوبي لإسبانيا، وهي واحدة من أقدم المدن المأهولة باستمرار في العالم، وقد تأسست حوالي عام 770 قبل الميلاد من قبل الفينيقيين باسم ملكا، وفي القرن الثامن خضعت هذه المدينة للحكم الإسلامي مثل مدن أخرى في تلك المنطقة، والبلدة القديمة في مالقة مليئة بالمواقع التاريخية، مثل القصبة، وهي حصن فخم بنته سلالة الحمود (بني حمود) في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي.
تقع رُندة في مقاطعة مالقة في الجزء الجنوبي من إسبانيا، وقد تأسست في القرن السادس الميلادي، ومع مرور القرون استوطنها الرومان والفينيقيون والقوط الغربيون، ثم العرب حتى القرن الرابع عشر، لذا فهي تتمتع بتراث إسلامي غني لا يزال من الممكن ملاحظته في هندسة أبنيتها المعمارية، كما تعد الحمامات العربية واحدة من أكثر المواقع إثارة للاهتمام في رندة، وقد تم بناؤها في القرن الرابع عشر، كما تشتهر رُندة أيضاً بـ"الجسر العربي".
تقع طليطلة في قلب إسبانيا، وهي تشتهر بتراثها الثقافي والأثري، ويمكن ملاحظة عدد كبير من الآثار الإسلامية القديمة خلف أسوارها، مثل القصور والحصون والمساجد، ومن أشهر معالمها مسجد باب المردوم، الذي يعكس تراث طليطلة الثقافي، وقد تم بناء هذا المسجد عام 999م، وتم تحويله إلى كنيسة كريستو دي لا لوز بعد أن استولى عليه النصارى.
سرقسطة هي مدينة تقع في شمال شرق إسبانيا، وعندما وصل المسلمون في بداية القرن الثامن إلى إسبانيا، دخلت سرقسطة تحت الحكم الإسلامي، وقد ترك سكانها المسلمون بَصماتهم على الثقافة والعادات هناك، وكذلك على الآثار والقلاع والشوارع والمنشآت الأخرى، وأشهر نصب تذكاري للتراث الإسلامي في سرقسطة هو قصر الجعفرية الذي بناه المقتدر بن هود حاكم سرقسطة في القرن الحادي عشر الميلادي خلال عهود ملوك الطوائف.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.