غامبيا هي إحدى دول الغرب الأفريقي، وهي أصغر دولة في البر الغربي لقارة أفريقيا، يحدّها من الشمال والشرق والجنوب السنغال، ويخترقها نهر غامبيا الذي يصبّ في المحيط الأطلسي الذي يحد البلاد من الغرب. دخلتها قبائل الألوف والمالينكي والفولاني في القرن الثالث عشر لتستقرّ في سهولها، وعلى ضفاف نهر غامبيا، وفي القرن الرابع عشر أصبحت غامبيا جزءاً من إمبراطورية مالي الإسلامية التي كانت تتمركز في شمال شرق البلاد.
يقدّر عدد سكان غامبيا بمليون و800 ألف نسمة، والإسلام هو دين الغالبية العظمى فيها، حيث يشكل المسلمون حوالي 90٪ من السكان، والبقية تدين بالنصرانية والبوذية والديانات التقليدية، والمسلمون في غالبهم سنة على المذهب المالكي، كما تشير الإحصاءات إلى وجود الطرق الصوفية كالتيجانية والقادرية إلى جانب البهائية والشيعة، وتوجد فئة قليلة من جماعة الأحمدية القاديانية.
نشاط نشر التشيع في غرب أفريقيا وغامبيا:
يلاحَظ أن طموح إيران لوجود كبير في إفريقيا كان يركز على منطقة غرب إفريقيا، وكانت إيران منذ بداية تغلغلها بغرب أفريقيا واعية بأنها تشتغل في وسط هشّ وصراعي، متنوع دينيا وعرقيا ويفوق عدد سكانه 250 مليون نسمة؛ ويضم كلاّ من جمهوريات: موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو والسنغال وساحل العاج والغابون وغامبيا وغينيا بيساو وغينيا وغانا ونيجيريا وبنين وتوغو وليبيريا وسيراليون والرأس الأخضر.
ثمة عوامل ساعدت إيران على التوغل النسبي في بعض دول غرب أفريقيا، من أبرزها طغيان التصوف في هذه المنطقة، مما قرّب كثيراً بين قيادات هذه التيارات الصوفية وإيران، حيث التشابه بين وجود مرجع شيعي وبين شيخ الطريقة الصوفية، وحيث أوجه التشابه في المناسبات والأعياد وبعض الطقوس الدينية. كما أن فكرة التسامح الديني تسود بين السواد الأعظم من سكان أفريقيا، بل وحكوماتها التي تميل إلى العلمانية، وهو ما ساعد إيران على إنشاء تجمّعات ومؤسسات اجتماعية وتعليمية تعمل على نشر المذهب الشيعي.
وقد اتخذت إيران سياسة أكثر فاعلية في محاولة نشر مذهبها "الشيعي" في غرب أفريقيا، خصوصاً في غامبيا، ويمكن إيجازها في الآتي:
1 ـ الجاليات اللبنانية: وهي جاليات قديمة في المنطقة، ومنها ما ينتمي لحزب الله اللبناني، ومنها ما ينتمي لحركة أمل الشيعية وغيرهما، ومن أبرز هؤلاء في غامبيا رجل الأعمال اللبناني الشهير حسين تاج الدين والمتهم بالعمل على نشر المذهب الشيعي في البلاد، ويعتبر تاج الدين من أكبر رجال الأعمال في غامبيا.
2 ـ الطرق الصوفية: تواصلت إيران بشكل رسمي وغير رسمي مع العديد من الطرق الصوفية في غرب أفريقيا، ومن أشهرها: التجانية، والمريدية، والقادرية، فأتباع هذه الطرق يقدّرون بالملايين، ولا تلعب قيادات هذه الطرق دوراً كبيراً في الشؤون الدينية فقط، بل وأدوارا اقتصادية وثقافية وسياسية. وتساعد الطرق الصوفية على نزع فتيل مشاعر الإحساس والظلم التي تحملها الجماهير تجاه قصور وعجز الدولة عن خدمتهم، وتساهم في تهدئة التوترات السياسية، وتنزع الدولة لهذه الأسباب إلى التواصل مع الطرق الصوفية، وقد دخلت إيران من هذا الباب تحديداً حيث دعمت بعض هذه الطرق بالمال وبإنشاء بعض المؤسسات التعليمية.
3 ـ السفارات الإيرانية: حيث تقوم سفارات إيران في غرب أفريقيا كافة، مباشرة أو عبر ملحقيها الثقافيين، بمهمة ضمنية تهدف لنشر "الثورة" و"المذهب الشيعي" عبر طباعة وإصدار العديد من الكتب، وفتح المجال أمام تدريس المذهب الشيعي عبر المشاركة في مؤسسات طوعية اجتماعية.
4. التعليم: وذلك عبر التأثير في المناهج الدراسية، بتوزيع الكتب الشيعية في المدارس، وفتح بعض المراكز الثقافية، وتوفير المنح الدراسية للطلاب للالتحاق بالحوزات والمعاهد الدينية في إيران، وفي عام 2008م تحديدا، تم قبول حوالي ستة طلاب غامبيين للدراسة في إيران.
كما تنشط إيران عبر المؤسسات المحلية مثل مؤسسة إبراهيم علي فاي التعليمية، ومدرسة كومبو بشرى، وعبر البعثات التعليمية للطلاب الغامبيين إلى إيران، والتي بدأت منذ عام 2000م، وفي حوزة الشيعة في داكار، في السنغال المجاورة.
أبرز الرموز الشيعية ذات الصلة بإيران في غامبيا هو القاضي عثمان بن محمد، مؤسس المركز الإسلامي للتقريب بين المذاهب الإسلامية وقاضي محكمة الاستئناف في غامبيا، وينسب إليه قوله: "أنا متهم بالمتاجرة بالدين، بسبب جهودي لإيجاد وحدة بين السنة والشيعة في غامبيا".
ومن الرموز أيضا: الأمين كان المنصوري، وهو أحد المتشيعين من غامبيا، وقد تلقى دورة لمدة ثلاثة أشهر في إيران، رجع بعدها متشيعا، ويقوم بنشاط إعلامي كثيف، خاصة أن له ثقافة عربية وإسلامية، وينشط في تقديم برامج عديدة في إذاعة الحرة (ستي لما راديو).
وهناك أيضا: عبد الله سواري، إمام مسجد توجرنغ النعمة، والذي يجتمع عنده الطلاب لتلقي الدروس على طريقة ونمط الحوزات الإيرانية، ومن الشخصيات الشيعية المعروفة في غامبيا: الزعيم القادر وابنه عبدل، وعلي إنغت، وإبراهيم بابا فاي.
إيران وغامبيا.. مسار العلاقة:
احتفظت غامبيا بعلاقات دبلوماسية سرية وعلنية مع إيران منذ حوالي ثلاثين عاما، وتعدّ غامبيا دولة مهمة في استراتيجية إيران في المنطقة، أما أقدم وجود شيعي في غامبيا فهو الجالية اللبنانية الشيعية، غير أن هذا الوجود اتسم لوقت طويل بأنه وجود في حدود الربح والتجارة، وكانت ممارساتهم للشعائر الشيعية لا تتجاوز محيطهم الخاص، وخلال الفترة من 1980 – 1985م بدأت مرحلة الدعوة للتشيع بشكل تدريجي، وخلال السنوات الأخيرة تزايدت الجهود في الدعوة للتشيع من خلال الاتصال المباشر بالسكان الأصليين.
أبرز محطات الوجود الإيراني في غامبيا هي زيارة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد للعاصمة الغامبية بانجول في 22 سبتمبر 2009، وتم التوقيع خلال تلك الزيارة على عدد من الاتفاقيات بين البلدين في قطاع الاستثمار ومجالات صناعية وزراعية.
ورأى مراقبون أن التمدد الإيراني في غامبيا لا يريد سوى مَصالحه فقط ، إذ أن زيارات المسئولين الإيرانيين ورجال الأعمال وآخرها الرئيس نجاد في العام 2009م ووعوده بتنمية وتطوير غامبيا، لم تسفر سوى عن عدد من قوارب الصيد القديمة تم تحديثها، ومجموعة من الدبابات القديمة، رغم أنه وخلال كل زيارة رسمية يقوم بها الرئيس الإيراني أو المسؤولون البارزون في حكومته لدول مثل غامبيا، يتم تقديم عروض للاستثمار في البنية التحتية والصحة والتصنيع وصلت إلى عروض بنقل خبراتها في مجال الطاقة النووية، إلا أن إيران ليس لديها أموال كافية تستطيع الاعتماد عليها للعب دور الدولة المانحة، كما أن البخل الإيراني صفة معروفة لدى الفرس منذ قديم الزمان.
على إثر تصاعد النشاط الشيعي في البلاد أصدر المجلس الإسلامي بغامبيا في 11 أغسطس 2008م بيانا أكد فيه عدم اعترافه بالمذهب الشيعي، وطالب المؤسسات الدينية والثقافية في البلاد بالتصدي للنشاطات الشيعية بأنواعها، ودعا الحكومة الغامبية لاعتبار التشيع مذهبا غير قانوني.
شحنة السلاح الإيراني .. القشة التي قصمت ظهر البعير:
في أكتوبر من عام 2010م أوقفت نيجيريا شحنة أسلحة غامضة قبل دخولها إلى غامبيا، حيث أشارت وثائق الشحنة الضخمة إلى أنها أسلحة في 13 حاوية، حوت قاذفات صواريخ وقنابل يدوية ومتفجرات، وهي شحنة غير قانونية قادمة من إيران، وقد اعترضتها المخابرات النيجيرية في ميناء لاجوس، وكانت في طريقها إلى غامبيا.
وأشارت أصابع الاتهام في تسريب هذه الشحنة للحرس الثوري الإيراني، والذي من الناحية العسكرية لا تقتصر مهامه على تدريب الطلاب الوافدين من القارة الإفريقية، بل يصل عمله إلى الإشراف على بعض المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية. وأظهرت شحنة السلاح المقبوض عليها النشاط العسكري والاستخباراتي في هذه العملية، حيث تبين أن شخصيتين من «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري، هما سيد أكبر طهماسبي وعظيمي أغاجاني، أشرفا على العملية ولجآ إلى السفارة الإيرانية في العاصمة النيجيرية أبوجا بعد كشف أمريهما.
من جانبها، لم تتخذ الحكومة الإيرانية أي رد فعل رسمي حيال توقيف شحنة السلاح إلا أن وزير خارجيتها آنذاك منوشهر متكي سارع إلي زيارة نيجيريا لإقناع مسئوليها بتقليل حجم المناوشات عقب ضبط شحنة الأسلحة. وكشف النائب الإيراني علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، الذي اتهم غامبيا بأنها انصاعت للضغوط الأميركية أن الأسلحة كانت مرسلة فعلا إلى غامبيا، وقال: "لقد وقّعت شركة إيرانية عقدا لبيع أسلحة الى غامبيا منذ عدة سنوات".
كما أثار الكشف عن صفقة الأسلحة من قبل نيجيريا استياء المعارضة الغامبية، حيث أعلن زعيم المعارضة الغامبي خليفة صلاح "أن شحنة الأسلحة كانت قد أعلنت على أنها مواد بناء،" منددا بـما وصفه بـ"خرق خطير للأمن الإقليمي".
ومن أبرز تداعيات توقيف شحنة السلاح الإيراني إعلان غامبيا في 23 نوفمبر 2010 قطع جميع علاقاتها الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية مع إيران، وطلبت من ممثلي الحكومة الإيرانية مغادرة البلاد في غضون 48 ساعة، كما أعلنت إلغاء جميع المشاريع والبرامج التي يجري تنفيذها بالتعاون مع إيران.
ورأى مراقبون أن هذا القرار أضاف خسائر كبيرة للإيرانيين، الذين حاولوا التقليل من تأثير القرار بوصفهم غامبيا بالدولة غير المؤثرة في السياسة الدولية تارة، وتارة أخرى بأن القرار يعبّر عن الخضوع للأجندة الأمريكية. إذ تمثل غامبيا ساحة مهمة للسياسة الإيرانية ومخططات التوغل في إفريقيا، لموقعها الاستراتيجي وقربها الجغرافي من نيجيريا، أكبر دولة إفريقية منتجة للنفط وصاحبة العلاقات الإستراتيجية مع أمريكا. كما يمثل غرب إفريقيا متنفسا معتبرا للسياسة الإيرانية التي تعاني من العقوبات الدولية، وسوقا واعدا لبضائعها الثقافية والاقتصادية، وموردا هاما للمواد الأولية كاليورانيوم والمعادن.
ورغم تقليل الإيرانيين من القرار الغامبي إلا أن المتابع للإستراتيجية الإيرانية يستطيع أن يقدر حجم الخسارة السياسية التي تواجه إيران في الغرب الإفريقي بعد اتهامات نيجيريا لإيران بنشر التشيع وإثارة القلاقل في البلاد، وكذلك قطع العلاقات مع المغرب، وطرد دبلوماسيين ورجال أعمال من المغرب لممارستهم المخالفة للقوانين المحلية ونشر التشيع في البلاد.
كما قامت غامبيا بطرد رجل الأعمال اللبناني الشهير حسين تاج الدين في يونيو 2013م، بعد اتهامه بالعمل على نشر المذهب الشيعي في البلاد، وقد احتجزته السلطات الغامبية 48 ساعة، ووجهت له تهما من بينها العمل على زعزعة أمن واستقرار البلاد.
وأعلن الرئيس يحيي جامع فى ديسمبر 2015م دولة غامبيا جمهورية إسلامية، نظرًا لأن المسلمين يمثلون أغلبية في البلاد، وللتخلص من الإرث الاستعماري، ولكن الرئيس تعهد حينها بأن يستمر معتنقو الديانات الأخرى في ممارسة شعائرهم بحريّة، رغم أن الحكومة نفسها تحارب المجموعات الإسلامية التي تسعى لنشر السنة وتعليم القرآن في أوساط الشعب الغامبي.
غامبيا في عهد الرئيس آداما بارو:
أسفرت الانتخابات الرئاسية التي أجريت في غامبيا في ديسمبر 2016م عن فوز الرئيس آداما بارو على الرئيس المنتهية ولايته يحيى جامع، والذي ظل في سدة الحكم لمدة 22 عاما، وأصبح بارو رئيسا لغامبيا بعد أن حصل على 45.5% من الأصوات مقابل 36.7% لجامع، وتعهد بارو بإحداث القطيعة مع ممارسات سلفه، وقال إنه يملك فريقا لديه الخبرة والتكوين والتدريب الجيد، كما وعد بإحياء الاقتصاد الذي يدفع ركوده آلاف الغامبيين للفرار إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل.
والرئيس آداما بارو من مواليد عام 1965، درس المرحلة الابتدائية في مسقط رأسه، والإعدادية في العاصمة الغامبية بانجول، أما الثانوية فدرسها في معهد إسلامي عالٍ بعد حصوله على منحة، ثم انتقل إلى العاصمة البريطانية لندن عام 2000م بهدف الحصول على شهادة في مجال العقارات، ولتغطية تكاليف دراسته وعيشه عمل بارو حارس أمن في متاجر "أرجوس" بشارع هولواي في شمال لندن، وكان يداوم يوميا مدة 15 ساعة، وقد صرّح بأن عمله حارسا جعله يفهم الأمور بشكل أفضل، ويتعلم أهمية العمل الجاد والانضباط، وبعد نيله الشهادة عاد إلى بلاده، والتحق بشركة مقاولات معروفة في بانجول هي شركة الحاج موسى وأبنائه، وتدرج بالعمل حتى أصبح مدير مبيعات فيها، ومن ثم أنشأ شركة عقارات خاصة دخل من خلالها عالم الأثرياء في بلاده.
وفي عام 1996م التحق بارو بصفوف حزب الاتحاد الديمقراطي المعارض، وشغل فيه منصب أمين الخزينة، وفي عام 2016، وبعد سجن زعيم الحزب، حوسينو داربوي، انتَخب الحزب بارو لتولّي إدارته بالوكالة، ثم تمّ اختياره مرشحا للانتخابات الرئاسية. وأثبت بارو لاحقا أنه معارض ماهر، حيث كان سببا في تشكيل ائتلاف من ثمانية أحزاب معارضة لتوحيد مرشحها للرئاسة، وتم اختيار بارو نفسه كمرشح لهذا التحالف في انتخابات 2016، وبعد حملة انتخابية حامية، فاز بارو على يحيى جامع في حدث فاجأ الجميع.
وبحسب المتحدث باسم الرئيس بارو، فإن الرئيس المنتخب يخطط لإلغاء بعض القرارات التي كان اتخذها سلفه، مثل قرار انسحاب غامبيا من المحكمة الجنائية الدولية، والانسحاب من اتحاد دول الكومنولث، وقرار إعلان غامبيا جمهورية إسلامية.
وتتفاوت التحليلات حول تخطيط الرئيس بارو لإلغاء قرارات سلفه، هل هو استهداف لقرارات الرئيس يحيى جامع؟ أم أن هناك أسبابا أخرى؟ فالبعض يرى أن مجموعة من القرارات التي قام بها يحيى جامع كانت مزاجية وغير مسؤولة، وبعضها الآخر كان تكتيكا فقط، مثل قرار تغيير اسم جمهورية غامبيا إلى جمهورية غامبيا الإسلامية؛ فبعدما قام الرئيس السابق بتوتير علاقاته مع الغرب، أراد التعويض عن ذلك عبر التودّد للدول الإسلامية ودول الخليج، من أجل الحصول على امتيازات، إضافة إلى رفع شأنه أمام الدول الإسلامية، خصوصا أن غامبيا ستحتضن مؤتمرا للدول الإسلامية هذا العام، ولذا يرى البعض أن جامع استخدم الجانب الديني لاستدرار عطف الدول العربية والإسلامية، والشعب الغامبي شعب مسلم ولا يحتاج إلى إضافة «إسلام» لاسم الدولة، لأنه لن يغير من الأمر شيئا.
مستقبل الوجود الإيراني في غامبيا:
تمضي ذات التحليلات السابقة لتوقع أن الرئيس الجديد سيستمر في نهجه لكنس آثار الرئيس السابق، الذي خرج من المحكمة الجنائية الدولية، وأعاد بارو توقيع بلاده على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية بعد أن غادرها الرئيس السابق، كما تعمل غامبيا حاليا على استكمال الإجراءات القانونية من أجل العودة من جديد لمنظمة الكومنولث التي خرج منها جامع باعتبارها إرثا استعماريا، ومن هنا يبرز القول إن الرئيس الجديد قد يعود لاستئناف العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إيران بعد أن قطعها الرئيس السابق.
ولعل مما يسند هذا التحليل خلفيات الرئيس كرجل أعمال وصاحب علاقات اقتصادية متنوعة، ومعلوم أن الجالية الشيعية في غامبيا فيها عدد من رجال الأعمال التجار من الشيعة اللبنانيين، من أبرزهم رجل حسين تاج الدين، الذي سبقت الإشارة إليه، والمتهم بالعمل على نشر المذهب الشيعي في البلاد، وتم طرده من البلاد بناء على ذلك.
وقد تشير الميول الاقتصادية الكبيرة للرئيس الجديد وسعيه لتقوية اقتصاد بلاده، لاحتمالات سماحه بعودة رجال الأعمال الشيعة من إيران ولبنان، خاصة تاج الدين، كما يمكن للرئيس الجديد أن يثق في الوعود الإيرانية السابقة بتنمية وتطوير غامبيا، والتى كانت تُطلق خلال كل زيارة رسمية يقوم بها الرئيس الإيراني أو المسؤولون البارزون في حكومته لدول مثل غامبيا، وذلك بتقديم عروض للاستثمار في البنية التحتية والصحة والتصنيع وصلت إلى عروض بنقل خبراتها في مجال الطاقة النووية، ولكن الواقع في كل الأوقات كان يثبت أن تلك الوعود مجرد سراب.
كما يمكن أن تكون الرغبة الغامبية الجامحة خلال عهد الرئيس بارو لفتح البلاد للاستثمارات الأجنبية بأنواعها، مدخلا لإمكانية تسلل رجال الأعمال الإيرانيين واللبنانيين إلى البلاد، تحت ستار الاستثمار، ومن ثم تدشين نشاط شيعي تحت غطاء المشروعات الاستثمارية، حيث ترغب غامبيا بتطوير قطاعي الخدمات والسياحة على وجه الخصوص، لأن غامبيا بلد جميل ذو طبيعة خلابة، تتمتع بموقع استراتيجي على المحيط الأطلسي، مما يؤهلها لتصبح دولة سياحية بامتياز.
كما تشير ميول الرئيس لفتح الحريات الدينية في البلاد بإمكانية غضّ الطرف عن الأنشطة الشيعية من باب حرية المعتقد، مما قد يعيد النشاط الإيراني لنشر المذهب الشيعي لسابق عهده، ونفض الغبار عن المؤسسات الإيرانية التي كانت تنشط في البلاد خلال الفترة الماضية.
مـراجــع:
1- رضا عبد الودود، تداعيات قطع جامبيا علاقاتها مع إيران، مقال منشور بموقع المسلم، على الرابط: http://almoslim.net/node/137784..
2- تقري حول: قنوات إيران لنشر "التشيع" في غرب أفريقيا: السنغال نموذجاً، تقرير منشور بموقع مركز المستقبل للدراسات المتقدمة.
3- التشيع في إفريقيا (تقرير ميداني)، مركز نماء للبحوث بالتعاون مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، 2011م.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.