في كلمات نابضة، ونثر جميل، ونصح معجون بالإشفاق، يتوجه الأستاذ عبدالرحمن عقل إلى دعاة الإسلام قائلًا: إن الناظر في أحوال المسلمين اليوم قد يظن أنه لا أمل في تغيير واقعهم ، وأنه إذا دعا إلى الله فيهم فكأنما ينفخ رماداً ، أو يحاول عبثاً أن يحيي رميما ! وأنى له؟
قال: ولا ريب أن أكثر المسلمين قد تنكبوا الطريق، وحادوا عن الجادة، وأخذوا ذات اليمين وذات الشمال ؛ ومع ذلك فلا ينبغي أن ييأس المصلحون من الإصلاح، ولا أن يترك الدعاة دعوتهم؛ فما زال الخير في الأمة ممتدا ، وفي الزوايا خبايا، وفي الناس بقايا .
وأورد قوله صلى الله عليه وسلم : " مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أو آخره " . ( صحيح الجامع ) .
وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث وحده، والكفر قد ملأ الآفاق ، والناس من حوله بين مشرك وكافر ووثني وملحد ، وعند الناس من العادات والرسوم والأوضاع الجاهلية ما لا يتصور ، ولهم من الأخلاق الردية ،والآداب غير المرضية ما قد شبوا عليه وشابوا... ومن التعذيب تهذيب الذيب ، والقضيب الرطب يقبل الانحناء، فإذا طال عليه الزمن صعب واستعصى .
فلم يؤثر ذلك كله في النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، وقام وحده يدعوا الناس إلى التوحيد ، ويردهم إلى الأخلاق العلية، حتى أنشأهم نشأة جديدة ، وخلع كل واحد منهم على عتبة الإسلام كل تعلق له بالجاهلية، وغير وجه العالم ، وحول مجرى التاريخ .
ثم أورد هذا السؤال على نفسه: فإن قيل: هذا رسول الله المؤيد بالوحي المعان من السماء وليس لنا ذلك ؟
فأجاب: الداعي إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم له من الإعانة والتسديد والتوفيق بقد قربه من منهجه ودعوته . وهذه سير الصالحين والمصلحين في الأمة معلومة مشهورة ؛ فأبو بكر أعاد الناس إلي الإسلام بعدما ارتدوا . وثبت الله الأمة بأحمد يوم المحنة.. وغيرهما كثير ممن دعوا إلى ربهم وبارك الله في دعوتهم...
موقع رابطة العلماء السوريين 11/1/1439 هـ
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.