الجهات الخيرية والتخطيط الإستراتيجيمقالات

محمد علي السبأ

يتساءل الأستاذ محمد علي السبأ – الباحث في المركز العالمي لدراسات العمل الخيري - عن كيفية السير، ومقدار تطوُّر العمل وتطويره في المؤسسات الخيرية بأنواعها، ومقدار ذلك التطوير، ومبلغه وآثاره، وهل هو على المستوى المطلوب، أم أن التطوير يحتاج إلى تطوير؟

ثم دعا إلى وقفة، وتساءل مرة أخرى: كمؤسسة خيرية غير ربحية، هل توجد لديك خطة إستراتيجية مبنية بحسب مقومات الخطط الإستراتيجية المُعتبرة، وعليها تسير أنظمتك الإدارية، وتخط على ضوئها الخطة التشغيلية السنوية؟

 وذكر أن كل الأعمال اليوم تتجه نحو المؤسسية والاحتراف في شتى تفاصيل الحياة ومجالاتها وجزئياتها، وأن التنافس هو على الجودة وقوة المُخرجات واستدامة الأثر.

قال: ولا تكاد تخلو مؤسسة خيرية من أدبيات ولوائح، وفيها تبين رؤيتها ورسالتها وشعارها وقيمها وأهدافها، وما إلى ذلك، ولكن السؤال: ما مدى تحقق تلك الرؤى على المدى القريب والبعيد قياسًا على السير الحالي؟ هل كل موظفي المؤسسة يعرف حقًّا تلك الرؤى ويستوعبها، أم أنها مجرد تحصيل حاصل، وضرورة من ضرورات الشكل العام اللازم أمام الخاصة والعامة؟!

وأشار إلى أن الخطة الإستراتيجية ضمانٌ للإبداع والابتكار واستدامته، وهذا الأمر هو أهم شرطٍ للديمومة، والبقاء في صدارة المؤسسات المتميزة، وأكبر تحدٍّ يواجه الجهات الخيرية في التخطيط الإستراتيجي هو عامل الوقت وعامل المعلومة وعامل التكلفة، وهذه يمكن تغطيتها بطرق أخرى، ولكننا نرى إنفاق الجمعيات الخيرية من الوقت والجهد والمال والاهتمام، والتركيز على القضايا الإغاثية والمشاريع المشابهة الكثير، بينما لا تنفق ربع ذلك الاهتمام على المعلومة كسبًا وتطويرًا وتخطيطًا، ورغم أن العمل الخيري الإسلامي حقق تطورًا ملموسًا على جميع الصعد، فإنه ما زال بحاجة إلى مزيد من التطور من خلال تبني مؤسساته لمبدأ التخطيط الإستراتيجي من منظور مجموعة من الخبراء والمهتمين.

 

وذكر أن التخطيط الإستراتيجي للجهات الخيرية من الأهمية بمكان، لضبط البوصلة وتأطير العمل، وأنه حماية واثقة للعمل والمؤسسة ككل، وضمان سيرها في الإطار القانوني السليم.

وأنه يجلب المعلومة الحديثة ويبني عليها، سواء ما كان منها يتعلق بالسياسات والإجراءات والقوانين والأحكام والمواد داخل دولة المقر، أو ما كان منها إقليميًّا أو عالميًّا في مجال الاختصاص والعناية.

كما أن التخطيط الإستراتيجي انطلاق نحو التغيير الإيجابي الفعال، وركن من أركان السعة والانتشار الموجة والرصين، ووسيلة مُثلى للاستفادة من الخبرات والعلاقات والمؤهلات المختلفة، وسد منيع أمام محاولات التحجيم والتضييق.

وأنه يجلب الاستفادة من التطور الحديث في المجال التقني الذي يستدعي الاستعانة بالنظم الحديثة والبيانات والإحصائيات، ووسائل البحث المستحدثة التي تسهل الكثير من الأعمال.

 التخطيط الإستراتيجي شرط مهم لحصول التغيير في المؤسسة ذاتها، ومواكبة العمل الخيري الإنساني العالمي، والسير بالمؤسسة نحو الأنظمة الإدارية المؤسسية.

 وأن التخطيط بمثابة البنية التحتية للمؤسسة الخيرية التي بعدها ستعرف كيف تحدد اتجاهها، وخاصة في ظل التغيرات الحاصلة في العالم اليوم والمستمرة بأشكال مختلفة تحمل كثيرًا من المفاجآت غير السارة للعمل الخيري خصوصًا.

 والتخطيط الإستراتيجي – كما يقول ماك غرات - هو عملية رسمية مستمرة لصناعة القرارات المنظمة والمبنية على تقييمات داخلية وخارجية، ويتضمن تنظيم الناس والمهمات لتنفيذ القرارات، وقياس درجة الإنجاز والفاعلية، ويتضمن الإجابة عن الأسئلة الآتية: كيف وصلنا إلى ما نحن عليه؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟ وكيف سنصل إلى هناك؟ وكيف نجعل العمل قابلًا للتنفيذ؟

 

ثم بيّن أهم خمس فوائد للتخطيط الإستراتيجي، وهي:

1- تسمح الخطة الإستراتيجية للمؤسسات بتوقع مستقبلها والاستعداد وفقًا لذلك، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنُّب السلبيات.

 

2- تساعد الخطة الإستراتيجية على تحديد الاتجاه الذي يجب أن تسلكه المنظمة، وتساعد في وضع أهداف وغايات واقعية تتوافق مع الرؤية والرسالة المحددة لها.

3- توفر للإدارة خريطة الطريق لمواءمة الأنشطة الوظيفية للمنظمة لتحقيق الأهداف المحددة.

4- من خلال خطة إستراتيجية مخصصة يمكن للمؤسسات الحصول على رؤى قيِّمة حول اتجاهات السوق وشرائح المستهلكين، إضافة إلى عروض المنتجات والخدمات التي قد تؤثر على نجاحهم.

5- يمكن أن تجعل الأعمال أكثر دوامًا:

وقال في ختام مقاله: التخطيط الإستراتيجي أكبر وسيلة ممكنة للتنبؤ بالمستقبل والعمل المسبق على استثمار ما يناسب، وتدارك ما يمكن، وتجنب ما لا يمكن، وخلاصته: استثمار نتائج الماضي واحتراف عمل الحاضر واستعداد واثق للمستقبل.

 

شبكة الألوكة 26/11/1440 هـ

0 شخص قام بالإعجاب