المسلمون في الكاميرونمقالات

مترجم من مقال باللغة التركية

مقال مترجم من اللغة التركية

تمّ نشر المقالة يوم 9/42/2019م

المساحة: 475.400 كيلو متر مربَّع.

عدد السكان: 23.130.708 نسمة.

نسبة المسلمين: 25-30%.

العاصمة: ياوندي.

اللغة الرسمية: الإنجليزية – الفرنسية.

    تقع الكاميرون على ساحل غرب إفريقيا، وقد وصل إليها الإسلام في القرن السابعَ عَشَرَ، ونسبة المسلمين إلى عموم السكان تتراوح بين 25 إلى 30 بالمائة، وتبلغ نسبة النصارى بها حوالي 30%، وينتمي واحد من كل ثلاثة أشخاص للأديان المحلية الإفريقية.

أما تقسيم البلاد من حيث التوزيع الديني، فتنقسم البلاد إلى منطقتين دينيتين: الشمال يسيطر عليه المسلمون، والمناطق الجنوبية والغربية يسيطر عليها النصارى.

بدأت أسلمة المنطقة من قِبل الشعب الفولاني، وهي قبيلة مسلمة مهاجرة استقرَّت في الأجزاء الشمالية من الكاميرون منذ القرن السابعَ عَشَرَ وبعدَه، وقد قدِم مع الفولانيين - الذين يعملون بالتجارة – بعضُ الدُّعاة؛ مما أدَّى إلى وجود جالية إسلامية كبيرة، وأصبح الإسلام أكثرَ شيوعًا وانتشارًا بين قبائل (الفولاني) و (البيول) و (البامون) في الشمال والغرب.

     ومنذ المراحل الأولى لانتشار الإسلام في المنطقة، نشط المسلمون سياسيًّا، وأنشؤوا سَلطَنات محلِّية حكموا فيها عدَّة ولايات - مثل: سلطنة (كانيم) وسلطنة (بورنو) شمال الكاميرون - عقودًا من القرن التاسعَ عَشَرَ، واستمرَّت هذه السلطنات حتى هجم الاحتلال والاستعمار على المنطقة، وبَقِيت المناطق الشمالية من الكاميرون تحت حكم إمارة (أداماو)، التي كانت خاضعةً لخلافة (سوكوتو)، التي أُنشئت في شمال نيجيريا عام 1804م، وفي عام 1884م، فكَّك الألمان القوَّة السياسية للمسلمين بوضعهم تحت الضغوط الاستعمارية لتعزيز سلطتهم.

     فمِثل كل القوى الاستعمارية، بدأ الألمان بجسِّ نبض المسلمين، هل سيتوافقون مع مصالح المحتل ويكونون في خدمة مصالحه؟ فلمَّا لم يجدوا الأقلية المسلمة يتصرفون وَفْقًا لمصالح المحتلِّين، أخذوا يضيّقون عليهم الأرض والمعيشة، حيث انتشر المنصِّرون الأوروبيون في جميع أنحاء البلاد، وبدؤوا بإضفاء الصبغة النصرانية على الناس، وحينها بدأ المسلمون يواجهونهم بالمقاومة؛ مثل أن امتنع المسلون عن ذهاب أولادهم إلى المدارس الاستعمارية، حتى تطوَّر الأمر إلى العصيان المدنيِّ.

     وفي عام 1893م تم الاتفاق الإنجليزي الألماني لتفتيت قوة المسلمين وتقسيمهم، فتمَّ تقسيم شعوب الهاوسا والفولاني إلى جزأين بموجب هذا الاتفاق، لتبقى بعض هذه المجتمعات في شمال نيجيريا، والقسم الآخر في شمال الكاميرون، وكان على المسلمين المعارضين لهذا الانقسام أن يقاوموا ويحاربوا الألمان والإنجليز معًا.

وكانت الأخوَّة الدينية هي السبب الرئيسَ للشعور بأثر أي مشكلة تواجهها نيجيريا على المحور الإسلامي النصراني في الكاميرون.

لم يستمرَّ الوجود الألماني في الكاميرون؛ فقد غزا الفَرنسيون والبريطانيون الكاميرون أثناء الحرب العالمية الأولى، وتشاركوا الكاميرون مع الألمان، فقد سقط أكثر من ثلاثة أرباع البلاد بيد الفرنسيين.

وسارت سياسة الاحتلال الفَرنسي على خطى شبيهه الاحتلال الألماني، بإبقاء المسلمين تحت السيطرة الدائمة، بالسياسة أحيانًا، وبالقوَّة أحيانًا أخرى، وفي هذا الإطار غضُّوا الطرف عن بعض المجموعات التي لا تضرُّ بمصالحهم الاستعمارية؛ مثل بعض الحركات الطلابية والثقافية؛ حتى إنَّ بعضها كان يعمل تحت سيطرتهم وإشرافهم.

وبفضل التطوُّر الحضاري، وخدمات الاتصال والتنقُّل التي بدأت في ظلِّ الاستعمار، بدأت فترة يسافر فيها المدنيون والتجَّار بسهولة في إفريقيا؛ فكان لهذا التغيير تأثيرٌ كبير من جهة تسريع التواصل بين شعوب (البانتو) من ناحية، ومن ناحية أخرى زادت الأنشطة الإسلامية، وزاد معها عدد المسلمين.

ثم توحَّدت المنطقة المسمَّاة بـ (الكاميرون الفرنسية)، وانضمَّت إلى جمهورية الكاميرون المستقَّلة، الخاضعة للوصاية البريطانية في عام 1960م، وتمَّ ترك جزء من الكاميرون البريطانية لنيجيريا، وهي الخاضعة أيضًا للاستعمار الإنجليزي، ومُنِع المسلمون من تشكيل أغلبية على كلا الجانبين.

    وبعد الاستقلال أدَّى تطبيق السياسة العلمانية الصارمة إلى عزل الأقلية المسلمة وتهميشها؛ لأنها تتألَّف من مجموعات عِرقية مختلفة.

     وفي عام 1963م، سمحت الدولة للمسلمين بتأسيس أول جمعية رسمية لهم، وهي (جمعية الكاميرون الثقافية الإسلامية)، وقد فقدت هذه الجمعية - التي كانت الصوتَ الوحيد للمسلمين لسنوات عديدة – شعبيَّتها؛ بسبب ظهور مجموعات أخرى تأسَّست في ظروف سياسية أكثرَ حريةً وديمقراطية عام 1992م.

    وبسبب محدودية الموارد المالية للدولة؛ قامت الأقلية المسلمة ببناء مدارسها ومستشفياتها وهياكل المجتمع الديني الخاصة بها بمساعدات مادية خارجية من الدول العربية، وخاصةً ليبيا ودول الخليج.

وكان للطلاب المسلمين الذين أُرِسلوا إلى الخارج دور كبير وإيجابي على وضع المسلمين بالبلاد، وتعزيز وتقوية العلاقات بين الشعوب؛ حيث ازداد عدد المتعلِّمين والمثقفين المسلمين في البلاد، إضافة إلى أن الطلاب الذين ذهبوا للتعلم والدراسة في البلدان العربية عادوا إلى البلاد ومعهم الوعي الإسلامي والعلم والثقافة الإسلامية، واعتبرَت الدولة هؤلاء تهديدًا لها؛ بسبب مطالبهم السياسية، ورؤيتهم الاجتماعية، فأجبر هذا الوضعُ الجيلَ الجديد المتعلِّم على خلق اتِّجاه أكثرَ مدنيةً، من خلال إنشاء مؤسسات تعليمية جديدة.

     نخلص من ذلك إلى أن علاقة الدولة مع المسلمين متقلِّبة دائمًا، وقد مرَّت هذه العلاقة بين الطرفين بعدم الاستقرار، والتقلُّب بين العداوة والتعاون، فيُمكِننا وصف هذه العلاقة بأنها مَبنيَّة على الشكِّ.

    وحاليًّا هناك مساجدُ ومدارس في جميع أنحاء البلاد الرئيسة، ولم تستطع الحملات التنصيرية المستمرة حتى الآن من ثَنْيِ المسلمين عن الاهتمام ببناء المدارس والمساجد، وتُحاول هذه المؤسسات الإسلامية دعوة غير المسلمين إلى الإسلام وتعريفهم به، وقد نجحت في زيادة عدد المسلمين في البلاد باضطراد يومًا بعد يوم.

     أما المنصِّرون فيمكنهم فتح المدارس والجامعات في البلاد بسهولة، خاصة أن لديهم إمكانياتٍ ماليةً كبيرة تساعدهم على ذلك، حتى إن أكبر جامعة كاثوليكية ذات أهمية كبيرة في إفريقيا تقع بالكاميرون، وفي حين أنّ 40% من المدارس الابتدائية بالمنطقة هي مدارس تتبع الدولة، فإن 30% من المدارس الابتدائية تتبع المؤسسات التنصيرية من الكاثوليكية والبروتستانتية، وهناك نسبة قليلة جدًّا من المدارس الإسلامية.

هذا وإن أخطر مشكلة لدى الأقلية الإسلامية في الكاميرون هي صراعاتهم العقائدية فيما بينهم، ويُعتبَر المجلس الإسلامي الأعلى في الكاميرون هو رُمَّانةَ الميزان في العلاقة بين الدولة والأقلية المسلمة، ويعمل المجلس أيضًا دارًا للإفتاء؛ لأنه يُعتبَر أعلى سلطة دينية على الأقلية المسلمة، وتسعى وزارة الداخلية في الكاميرون إلى الحفاظ على سيطرتها على الأقلية المسلمة من خلال هذه المؤسسات.

     وفي المناطق التي يزدحم فيها المسلمون في الشمال يُحكَم في كثير من القضايا من قِبَل علماءَ محليين يتَّصِفون بصفة القُضاة، وتُنفَّذ الأحكام بمبادرة من هؤلاء العلماء المحليين؛ مثل قضايا القتل والأراضي والأسرة والميراث والطلاق والزواج، ويُحِلُّون كثيرًا من القضايا دون الرجوع إلى المحاكم، ودون الرجوع إلى القاضي.

    وأراضي الكاميرون خصبة ومناسبة للزراعة، وفيها مَراعٍ كبيرة، ولا تزال تربية الحيوانات والزراعة تُنفَّذ فيها بطُرق بِدائية، حيث حَرَمَت القوى الاستعمارية شعب الكاميرون من استثمار ثرواته وحَرَمته من التعليم والتكنولوجيا، لذا؛ يعيش سكان الكاميرون فقراء بسبب أنّ المزارعين ورجال الأعمال والتجَّار الأوروبيين سيطروا على جميع مناطق الإنتاج، فأُجبِر السكان المحليون على التعامل مع الأراضي الصغيرة فقط، وعدد صغير من قطعان الحيوانات، أو العمل في المناطق التجارية التي يسيطر عليها الأوروبيون، فصار هناك خلل اقتصادي، وبات المسلمون – الذين يشكِّلون معظم المناطق الريفية – هم الأكثرَ اضطهادًا في البلاد، وباستثناء الشركات الصغيرة والمتوسِّطة الحجم، فإنّ جميع المؤسَّسات الاقتصادية الكبيرة في الكاميرون في أيدي الغربيين أو رجال الأعمال النصارى المحليين.

9 شخص قام بالإعجاب



شاهد أيضاً