نيجيريا اسم مأخوذ من نهر (نيجر) الممتد من بلاد النيجر، ويصب هذا النهر من جبال (فوتا جالون) في أراضي غينيا الشقيقة.
ولما كان نيجر مستمدًّا من (نيغرو) بمعنى الزنجي الأسود، أطلق هذا الاسم على النهر المنسوب إليه فأصبح نهر (نيغرو) أي نهر (نيجر).
وكان لهذا النهر الكبير شهرة عظيمة كما كان من أكبر الأنهار بنيجيريا؛ وهو نهر استفاد منه كثير من المكتشفين القدماء ليصلوا إلى بعض بلدان إفريقيا حيث لا وسائل أخرى للتنقلات، ومن أولئك المكتشفين (منغو بارك) وقد سافر منه مرتين يستكشف منبع هذا النهر: المرة الأولى 1796م، والأخرى 1805م، فخسر نفسه قبل بلوغ المرام.
ونظراؤه في ذلك الميدان (كلابارتن) و(لا ندر) و(بارث) وغيرهم فتتبعوا نيجر إلى أن وصلوا إلى مصبه.
وبالاستقراء والاطلاع على كتب تاريخ نيجيريا نرى أن الأسبان ثم الإفرنج هم الذين أطلقوا على نيجيريا هذا الاسم.
ولا يزال الفرق بين اسمي الأرضين المتجاورتين: (نيجر) و(نيجيريا) دقيقًا جدًا ولا سيما عند النسبة إليهما؛ والسبب في هذا هو اشتقاق الاسمين من اسم النهر.
موقعها جغرافيًا:
تقع نيجيريا ما بين 4و14 شمالًا من درجة 30 من خطوط العرض أسفل خط الاستواء، تحدها شمالًا بلاد (نيجر)، وشرقًا بلاد (الجمهورية الكامرونية)، وغربًا بلاد (الداهومي)، وجنوبًا (المحيط الأطلسي).
وهي من أشهر الأقطار التي تنتج قسطًا كبيرًا من المنتجات العالمية، فريدة في نظامها وتقدمها المتواصل في قارة إفريقيا خصوصًا وفي هذا المعمور أجمع.
ومدينة (أبادن) عاصمتها الغربية تعتبر أكبر وأوسع المدن الرئيسية في إفريقيا الاستوائية، وعاصمتها الرئيسية (جزيرة لاجوس) الجميلة بمينائها الكبير وبقصورها الشاهقة وبناياتها العالية، وهي آخر ما انتهت إليه هذه المدينة الحديثة وتلك الحضارة العصرية، وفيها مجلس للنواب ومجلس للشيوخ، كما فيها محكمة عليا، ويسكنها رجال السلطة التشريعية والسفراء من جميع أنحاء العالم، والمتعمقون في شتى العلوم الثقافية والتجار الأثرياء من الأجانب والمدنيين ورجال الدين والجماعات الإسلامية، مثل جمعية "أحمدية"، و"أنصار الدين"، و"جماعة إسلامية"، و"نور الدين"، وغيرها من الجمعيات.
وهي بلاد مطيرة تنعم بأمطار غزيرة طوال السنة.
مساحتها: 356,669 ميلًا مربعًا، وتعادل أربع مرات حجم مساحة المملكة البريطانية المتحدة بالتقريب.
سكانها: 56 مليون نسمة، وهذا العدد المذكور يوافق تعداد عام 1963م وهو الأخير.
المسلمون منهم 75%، والباقي يضم المسيحيين وعبدة الأوثان وغيرهم من البدائيين، بمعنى الذين ما دانوا بأي دين من الأديان، بل لا يعرفون سوى التناسل والعمل، وفيهم ينجح تبشير المبشرين المسيحيين الذين يدخلون المنازل لغرس فكرتهم الخادعة في قلوب ساكنيها.
انقسام نيجيريا باعتبار القبائل والمناطق:
انقسمت نيجيريا إلى أقاليم ثلاثة سابقًا، إقليم الشمال والغرب والشرق، وفي خلال سبع سنين خلت تفرعت من الغرب منطقة تدعى "الغرب الأوسط"، وسكانها أقل من سكان الأقاليم الثلاثة الأصلية، وهذه المناطق تتألف من حوالي مائتي قبيلة تتكلم بعدة لغات ولهجات مختلفة.
والإقليم الشمالي يبلغ سكانه: 39,777,986 ومساحته: 381,783.
والإقليم الغربي يبلغ سكانه: 10,378,500 ومساحته: 45,376.
والإقليم الشرقي يبلغ سكانه: 13,388,646 ومساحته: 46,065.
ويبلغ سكان العاصمة الفيدرالية (لاجوس): 675,535.
أهم القبائل وسكانها:
عادات هذه القبائل:
اشتهر أهل الشمال بالكرم والوفاء وتحمل المكاره التي تحدثها النوازل المفجعة والتنقلات، وهم أهل نسك وعبادة، ومعاملاتهم لغيرهم حسنة جدًا، وبالشمال قبائل كثيرة، أشهرها هوسا وفلاتة وبرنو ونوفى، وهم مولعون بتجارة الطنبول أي "غورو"، مع أن أشجاره لا توجد لديهم بل في الغرب، والفول السوداني وبتربية المواشي من الإبل والبقر والغنم، وبزراعة الدخن والذرة والأرز والبقول والخضار وبحياكة الثياب والخياطة والحدادة والجزارة وصنعة القلانيس، وتكثر فيهم السياحة والتجول حتى إنه لا تخلو بلدة من قبيلة هوسا والفلاة في غرب إفريقيا وفي بعض البلدان العالمية، ولغتهم الهوساوية وأصبحت من اللغات الحية تدرس في بعض الجامعات والمدارس العالمية.
وقد غلب على كثير من أبناء الشمال تلك الحضارة الحديثة إذ نبغوا في علوم وفنون شتى، وحصلوا بذلك على مناصب رفيعة وتقديرات فائقة.
وقبائل يوربا مشتهرة في قديم الأزمان بقلة الصبر وعدم تحمل المصائب وسرعة الانتقام من خصمهم إن مد إليهم يد الإيذاء والخيانة.
والسبب تأخر الإسلام في الدخول إلى مملكتهم، وبعد نعمة الإسلام تخلقوا بفضائل الأخلاق وقويت فيهم تعاليم الإسلام كما تشهد صفحات التاريخ القديمة بشجاعتهم ومثابرتهم وثباتهم أمام الأعداء أيام الحروب.
وهم قوم يرأسهم أمير منهم ويبالغون في إكرامه بأنواع الحفاوة والتكريم.
وكل قبيلة تخضع لسيطرة رئيسها الذي كثيرًا ما يفرط في الاستعلاء عليها خوفًا من أن تخرج عن سبيل آبائها الأوليين.
وهذه العادات والتقاليد وأمثالها تعم البلاد كما لا يزال أثرها موجود إلى الآن.
وأما الصغار ولاسيما الطلاب منهم فقد بلغ خوفهم من مشايخهم أو كبارهم إلى درجة لا يستحسنها الإسلام، حيث لا يسلمون عليهم ونعالهم بأرجلهم، بل بعد أن يخلعوها مهابة وتكريمًا ثم يبركون وهم ناكسون رؤوسهم حفاوة وإجلالًا.
وهذا مما أخذ عليهم لأنهم علموا ببطلانه إلا أنه من الصعب عليهم فراقه.
ولا يخلو إقليم من نوع من هذا التسليم والتبجيل، ماعدا الذين رحمهم ربي مثل أهل "سوك وتو"، إحدى مدن الشمال الرئيسية، فقد اشتهر بين علمائها عدم البروك وخلع النعال منذ عهد بعيد، والآن ولله الحمد والمنة قد نشطت حركات تقاوم هذه العادات التي لا يقرها كتاب الله الكريم ولا سنة ولا إجماع.
حرفتهم:
أهمها الزراعة ولكثرة الغابات والأراضي الرخوة الخصبة كان أكثرهم فلاحين، يكثرون من زراعة المأكولات والمطعومات ويعنون بها أكثر من غيرها.
ويزرعون كذلك بعض المنتجات النيجيرية الرئيسية ومن الثانية "كاكاو"، والتي تصنع منها أصناف من القهوة والشاي مثل: (فيتاكوب) و(ميلو) و(أوفالتين) وغيرها.
وهؤلاء المزارعون يجيدون زرع النخيل وعصر زيتها وزرع البقول التي تنتج منها كميات متعددة في كل عام.
ومن مزروعاتهم: (كاسافا) باللغة الإنجليزية، أو أيغى باليوربا.
الشرق: عاداته وحرفه:
لقد شابهت مهنه التي للغرب وغيره من الأقاليم إلا أن الثروات البترولية والمعدنية يستخرج معظمها من حقوله، وله معامل أخرى يمتاز بها عن غيره.
وأما عاداتهم فننقل فيما يلي إلى أذهانكم نص مقالة العلامة النيجيري الجليل الشيخ آدم الألوري صاحب "موجز تاريخ نيجيريا" عن أخلاق وعادات قبائل آيبو الشرقية، قال: "وأما قبائل آيبو، فهي فطرية إلى عهد غير بعيد، وإنما استيقظت منذ قرن، ومن طباعها سرعة الغضب والاستبسال والتمرد وحب الاستقلال..
وكانت قبائل متفرقة لا تجمعها أية رابطة ولا تتكون القرية إلا من أسرة واحدة لا تخضع لرئيس ولا سلطان".
كيف دخل الإسلام في نيجيريا:
إن الإسلام لم يزل في نيجيريا منذ أوائل القرن الأول الهجري كلمع تلوح في سواد عظيم، وبورود الغرباء وهم في طريقهم إلى الحج من الديار المغربية يزداد اتضاحًا وكذلك بورود التجار.
إلى أن ظهر "الشيخ المغيلي" الذي فتح مدرستين عظيمتين في (كشنة) و(كونو) ولم يزل أثرهما رغم طغيان المادة واشتداد أعاصير الظلام بالحروب التوسعية العادية ورغم البدع الفاشية إلى أن ظهر "الشيخ عثمان بن فود" مع أخيه عبد الله مجددًا للدين ومعيدًا له أنواره الآفلة، فحارب في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى، وأظهره الله على معظم بلاد نيجيريا شمالًا وغلابًا، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا، وهو جد الزعيم الشهيد "أحمدو بللو"، سردونا سوكوتو رحمه الله، وذلك في القرن الثالث الهجري.
وفيما يلي مقالة العلامة المذكور آنفا عن كيفية دخول الإسلام في نيجيريا وهي التي تزيد الموضوع وضوحًا:
"لقد انبثق فجر الإسلام على سماء نيجيريا في أوائل القرن الأول الهجري الذي فتح فيه المسلمون العرب شمال إفريقيا وجزء من غربها، وقد اندفع تيار الإسلام إلى نيجيريا من منبعين:
أولهما: من مصر عبر السودان العربي وبلاد فور وباغرمي وبرنو.
ثانيهما: من شمال إفريقيا إلى جنوب الصحراء حتى وصل إلى المناطق الغابية الساحلية".
ثم أضاف قائلًا: "لم يكتسح الإسلام القبائل والشعوب اكتساحًا ولا أدرجها إدراجًا في أول دخوله، ولكنه تسلل فيها تسللًا قد يتسرب إلى ناحية دون الأخرى، فتكون بجوار قبيلة مسلمة قبيلة أخرى كافرة، أو تكون في قبيلة واحدة مدينة مسلمة وبجانبها مدينة وثنية"[1].
بعض من آثار تمسكهم بالدين الإسلامي[2]:
تعلم المسلمون الدين وما يتعلق به من أركان وقواعد، ثم تمسكوا به حق التمسك كما أنهم لم يزالوا يقيمون الشعائر الدينية.
بنوا مساجد ومدارس كثيرة، وبنوا كذلك مساجد جامعة، وفي (كنو) مسجد جامع مشهور، وفي سكوتو اثنان وفي كادونا اثنان، وفي لاجوس كذلك مساجد جامعة عديدة، وكذلك في أبادن التي يبلغ سكانها 600,000 مما يدل على اهتمامهم البالغ بالدين وشعورهم الحي وإيمانهم الراسخ برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
أيام العيد في نيجيريا:
بهذا المشعر العظيم والذكرى الجليلة يستبين للقراء اهتمام مسلمي نيجيريا بدينهم وشعورهم المشكور نحو إحياء ذكرى ذلك اليوم الكبير الذي فرج الله تعالى فيه عن سيدنا وأبينا إبراهيم بكبش عظيم.
وإن أتيحت الفرصة للقراء فنيجيريا ترحب بهم وبشهودهم عيد الفطر أو الأضحى فيها.
يستقبل المسلمون عيدهم وهم في غمرة من الفرحة والبشر، وقبل حلوله بأسبوعين تقريبًا ترى المدن كلها بأنواع من أدوات التجميل، مثل إنارتها بأنواع من مصابيح ملونة، وتعليق أعلام نيجيريا التي تتمثل في قطع صغيرة من الثياب في أكثر هذه المدن، ثم تصلح الشوارع وتمهد من جديد، وتوضع وسط كل مفترق من الطرق لوحات تحمل هذه الكلمات وأشباهها: "كل عام وأنتم بخير"، "مع تمنيات طيبة بالعام الجديد"، "عدت ياعيد مرة ثانية"، "عيد أولاد وأموال وسلامة"، وهلم جر.
يخيطون المسلمون لأنفسهم وأزواجهم وأولادهم أفخر الملابس، ويشترون الأحذية وغير ذلك من حلى فاخرة جميلة وخمر أنيقة زيادة على زينة العيال.
ولا ينفرد أهل المدن بهذا كله، بل يشاركهم أهل الريف فيه كذلك، بحيث يرجع كبيرهم وصغيرهم ويؤوب قويهم وعجوزهم إلى المدينة لمشاركة بعضهم بعضا في أفراحه وابتهاجاته، حتى ليكاد يحمل مريضهم إليها لشدة كراهتهم البقاء في القرية، لذا تمتلئ المدينة بالناس والزوار والمهنئين من كل جانب، ويتطلعون جميعًا إلى مجيء ذلك اليوم الكبير، يوم تخلو البيوت من سكانها صباحه، وتتضايق الطرق بالعائدين من المصلى ضحاه، وبجم غفير من الزائرين المهنئين أمسيته وعشيته.
ذلك اليوم الذي يخرج المسلمون فيه إلى ميدان الصلاة متتابعين كالجراد المنتشر، تتوحد صفوفهم كما تتساوى أصواتهم في ذكر الله تعالى الذي أنهم بالبقاء إلى ذلك اليوم، منهم ركاب الخيل والدراجات والسيارات، ومنهم رجال لا يسأمون من المشي ولا يتعبون من التهليل والتسبيح.. يجتمعون في المصلى وهم أجناس عديدة وقبائل شتى، وحدهم فيه الإسلام وجمعهم في الصفوف أداء لصلاة العيد المبارك واقتداء بسنة نبينا محمد عليه أطيب الصلاة والسلام.
وفي هذا اليوم السعيد والناس كلهم يتركون أعمالهم وحرفهم ويغلقون مصانعهم، ويعطلون المدارس والإدارات الحكومية وغيرها حرصًا على إحياء هذا المشعر العظيم.
صلة المسلمين بالمسيحيين:
يعيش المسلمون في نيجيريا في جو من المحبة والأخوة الإسلامية، وأحوالهم مع المسيحيين أو الوثنيين سيئة جدًا، لا يسالمونهم ولا يوادونهم فضلًا عن الجلوس معهم.
ويضطر لأجل ذلك من يقاربهم من المسيحيين إلى الانفراد بالسكن مع ما له وما عليه.
ويبتعدون عن عبدة الأوثان أشد ابتعاد لقبح حالتهم وعاداتهم التي منها وضع بعض الأطعمة عند مفترق الطرق في صحون مزينة بزيت أحمر مع مبلغ من النقود، وإن مر بالصحون من المسلمين كسرها ووضع على الزيت التراب مبغضًا هذه الحالة الكريهة المنتنة وهذا الشرك الأكبر.
وإذا عاد واضع الطعام وجاعل النقود ولم يعثر على شيء ورأى ماحل بالصحون من كسر طار فرحًا وضحكًا مغتبطًا قائلًا: إن الأوثان أكلته بل قبلته!، ولولا حسن تصرفاته وحركاته ما رحبن بتضحياته وقربانه، ولا يبالي بالصحون المكسورة الملوثة بالتراب مع أنه يرى ذلك.
والمسلمون (أعانهم الله) لو شعروا بإفساد المسيحيين وفحشهم بجوارهم لنهوهم عن ذلك ولا جروا عليهم كل ما نص عليه الدين من هجران وإعراض وعدم السلوك في مسالكهم.
والغريب أنهم يشاركوننا في كثير من أفعالنا دون الصلاة ولا يعتنقون الإسلام إلا نادرًا، بل يعملون ليلًا نهارًا على أن يتحول المسلم إلى المسيحية.
وأبناء الوقت مع شديد الأسف لا يتخذون من ذلك عبرة بل يصبحون ضعفاء أمام حيلهم ومكايدهم، فينضمون إليهم لسهولة دينهم وخلوه من التكاليف على زعمهم، وغالبًا يحدث هذا لأبنائنا الذين يتلقون دروسهم في أوروبا والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وغيرها.
هذا وكثير ما يجالس المسلم أضداده في الدين في المدارس والإدارات الحكومية مع مراعاة حقوق بعضهم بعضًا بحيث لا تحصل مشاغبة ولا مشاجرة.
وقد جالست المدرسين والمدرسات المسيحيين إذ كنت مدرسًا معهم أدرس اللغة العربية في مدرسة ثانوية تدعى: "المدرسة العالية الإسلامية"، وأخرى مدرسة: "عصابة الدين العالية للبنات"، وأكثر الدروس تتلقى بالإنجليزية.
قل المسيحي من الطلاب والطالبات وقل المسلم من المدرسين والمدرسات إذ كنت الوحيد المسلم ضمنهم، العميد والعميدة مسيحيان والمدرستان كما استبان من اسميهما لجمعيات مسلمة.
ندخل صباحًا على دعاء أقرأه للطلاب وجميع الأساتذة يعرفون هذا الدعاء كما علموا كثيرًا من أناشيدنا العربية، ودائمًا يستطيبون قيامنا بديننا، وقد كلفتهم إدارة المدرستين مرافقتنا إلى المسجد الجامع مع بعده عن مقر الدراسة ليحافظوا على الأولاد ويمنعونهم من التخلف عن أداء الصلاة، وذلك كل يوم جمعة، فتراهم ينفذون هذا الأمر طوعًا وكرهًا.
دراسة اللغة العربية في نيجيريا:
لقد فر الكثير من أبناء نيجيريا من تعلم اللغة العربية، ذلك لأن إخوانهم الذين يتعلمون اللغة الإنجليزية يرتقون إلى درجة المجد والعلا وتسهل لهم قضاء حاجاتهم، وهم الفريق المنغمس في رغد العيش، فلا يبلغ قاصد اللغة العربية إلى هذه الدرجة الرفيعة مهما حصل من شهادات عليا ومهما تفوق وتخصص في كثير من المواد الدراسية، مع أن اللغة العربية تعتبر أشرف لغات العالم وهي لغة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولغة القرآن الكريم.
إن اللغة الإنجليزية هي التي تستعمل في الإدارات وتعترف الحكومة بها أكثر من غيرها إذ أنها اللغة الرسمية، والمستثنى من هذه المحن والمشاكل هو الشمال لأنه يقضي فيه بكتاب الله، ويرتقي طلاب العلم إلى أسمى الدرجات.
والواقع في الغرب والجنوب يخالف ذلك، فلذا يسارع أبناؤهما إلى دراسة اللغة الإنجليزية، ولكن وإن كان هذا هو الحاصل، لا بد من إصلاح نياتنا وإحسان ظننا بالله فما دامت اللغة العربية هي الوسيلة الموصلة إلى معرفة الله تعالى حق المعرفة فلن يذهب تعبنا سدى إن شاء الله، فإنه من ينصر الله ناصره، كما أنه ليس ببعيد أن ترتفع العربية التي يفرون منها إلى درجة لا تدرك في بلادنا إن شاء الله.
هذا ونشاهد الآن في كثير من المدن الرئيسية النيجيرية مدارس عربية مستقلة (أي خاصة بتدريس اللغة العربية) وغيرها (تدرس فيها اللغة العربية والإنجليزية) وكذلك في بعض المساجد، وبذلك تنحل المشاكل شيئًا فشيئا إذ أنتجت هذه المدارس أساتذة يجيدون اللغة العربية ويستفيدون بها، ولو لم ترق مراتبهم، وبالتدرج ستصبح لغة معترفًا بها رسميًّا إن شاء الله.
وإذ ذاك ينال الخريجون بالشهادة العليا حقوقهم كاملة، وإن خلت من اللغة الأجنبية، ولكن إذا فقدناها وما كان معنا من اللغة العربية إلا الشيء القليل، والبلاد بحاجة إلى من يجيدها ويتقنها، فكيف يكون مصيرنا؟.
وقد قيل بأن فاقد الشيء لا يعطيه، فهبوا يا شباب نيجيريا خاصة ويا شعوب العالم الإسلامي عامة لتعلم هذه اللغة المقدسة ولا تتوانوا في تحصيل فنونها، ولا تقنطوا من روح الله، واصبروا لأنكم لن تنالوا ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون.
إذ الأمر أعيا اليوم فانظر به غدًا لعل عسيرًا في غد يتيسر.
والجدير بالذكر أن هذه المدارس العربية المتنوعة تهتم بتعليم طلابها التفسير والفقه والحديث والنحو والمطالعة والتجويد والخط والحساب والأدب العربي مع تلخيص النصوص، والتاريخ والجغرافيا وعلم الطبيعة والإملاء والصرف والأخلاق والتوحيد والبلاغة المنطق وغيرها من المواد الثقافية.
وتنقسم هذه المدارس إلى مراحل ابتدائية وإعدادية وثانوية ثم عالية جامعية.
ويتلقى في بعض الجامعات دراسات أخرى إسلامية بشكل لا بأس به مثل جامعة (أحمدو بللو) بزاريا، وجامعة (أبادن) التي تأسست سنة 1368ه وقد أنشئ فيها قسم خاص بالعربية ويسمى كلية الآداب، وقسم الباكلوريوس في العربية والإنجليزية.
وهناك جامعة (لاجوس) وجامعة (أنسكا) وجامعة (إيفي) ومعاهد دينية كالمعهد النيجري بأبادن ومركز التعليم العربي (بأغيغي) ومعهد (شاغامو) ومدرسة النهضة العربية (بأبادن) والمدرسة المباركية (بأبادن) والمدرسة الأموية (باوو) ومعهد التعليم العربي (بأوو) ودار العلوم (بالورن) والمعهد العربي (باوو) ومركز التعليم (بأوو) وغياث الدين (بلاجوس) وغيرها.
تجتمع فيهن عدة جنسيات لتلقى علومها ولأحراز الفوائد والتجارب الجسام لتتمكن من بناء مستقبلها وخدمة أوطانها.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.