بدأ الباحث بحثه بالحديث عن الروحانية الحديثة بأنها فلسفة إلحادية يسعى فيها الفردُ للاستكشاف الرُّوحيِّ، والبحث الذاتيِّ عن الحقائق الإلهية عن طريق الذات الإنسانية، وأن المعارف تُكتشف من الداخل، ومن أبرز أصولهم: التمرُّد على الأديان والمعتقدات؛ إذ يرونها عائقًا عن الوصول إلى الحقيقة، وتقوم هذه الفلسفة على الفلسفات الشرقية (الهندوسية، والبوذية، والطاوية)، وبعض الديانات الوَثَنية، والفلسفات اليونانية، وعقائد غلاة الصوفية؛ فهي تعمل على تغيير الإنسان من داخله، لا عَبْرَ وساطة الأنبياء ونصوص الوحي؛ فالروحانية الحديثة تعبير عن المقدَّس عبر التجربة الداخلية، وهي تختلف عن الدين، الذي يعتمد على المصدر الخارجي في تحصيل المعرفة.
وتحدَّث الباحث عن سبب اختياره لهذا الموضوع، وهو انتشار كتب الروحانيين المعاصرين في البلاد العربية، وخاصة المملكةَ، حيث تُرجِم كثيرٌ منها إلى العربية، مع الترويج لها في المكتبات عبر ما يسمَّى بتطوير الذات والتنمية البشرية، وكذلك الترويج لكتب ومقاطع الروحانيين عبر وسائل التواصل، حيث جعل بعض المدرِّبين عنايتهم بتطوير النموِّ الروحيِّ للذات من أبرز المجالات في تطوير الذات، ومن ذلك ما يتعلَّق بعلاقة الذات بالكون وعالم الغيب، لا سيما أن أبرز عقيدة كُفرية لدى هؤلاء الرُّوحانيين هي عقيدة وَحْدة الوجود، وأنّ الإله هو كل هذا العالم المشاهَد، وأنَّ هذه المخلوقاتِ ما هي إلا تجلِّيات ومظاهر عن الإله فقط.
وتصف الروحانية الإله بأوصاف؛ كالمطلق، والوعي، واللاشيء، والفراغ، والوجود الكلّي، والمحبَّة، وغيرها، وكلُّها أوصاف عرَضية لا تقوم بذاتها، وهي في حقيقتها معانٍ ذهنيةٌ لا تتحقَّق في الخارج، وهذه صورة من صور الإلحاد، إضافةً إلى أن هذه الأوصافَ ترجع في حقيقتها عندهم إلى تأليه الذات الإنسانية وتقديسها، لا سيَّما "المطلق" عندهم مرادف للوعي، والوعي هو "الإله".
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.