إن التوجيهات والإرشادات للدعوة إلى الله حتى تكتسب صفة الواقعية والعملية، لا بد أن تكون نابعة عن إدراك جَيِّد لنقاط القوة والضعف في البيئة الدعوية التي هي محل الاستهداف بالدعوة إلى الإسلام.
ولا نود هنا أن نطيل في الحديث عن الجذور التاريخية للإسلام في الصين، وعن أعلام الصين من المسلمين، فإنَّ لذلِكَ موضِعَه، وسنقتصر هنا على ذكر بعض الإرشادات والتوجيهات العملية التي تدور حول أمرين:
الأول: إدخال الصينيين غير المسلمين في الإسلام.
الثاني: تحسين الثقافة الإسلامية في الصين.
ونكتب في ذلك مُستضيئين بكلام من خبر أحوال ذلك البلد العملاق من دعاة الصين وعلمائها، مع الإشارة إلى أن كثيرًا من المهتمين بأحوال المسلمين اشتكوا من إهمال المسلمين في الخارج لشؤون إخوانهم في الصين، كما يقول الشيخ محمد مكين الصيني رحمه الله تعالى، ويقول شكيب أرسلان في كتابه المشهور (حاضر العالم الإسلامي): (مسلمو الصين ليسوا في هذه الدنيا).
فالصينيون شعب قارىء، مما يعني أن الترجمات للكتب الدعوية ستجِدُ لها قبولًا. ونحن لا نريد أن نسرد هنا تاريخ تطور ترجمات القرآن إلى اللغة الصينية، لكن حسبنا أن ننوه أن القرآن الكريم ترجَمَه العالم الصيني المسلم محمد مكين، والترجمة بحمد الله تعالى منشورة وتوزع، ونحن بحاجة للمزيد من الترجمات للكتب الدعوية التي تعرف الصينيين غير المسلمين بالإسلام، كما نحتاج إلى ترجمات يستفيد منها المسلمون الصينيون، وتقوي الثقافة الإسلامية في الصين، فما جهل المسلمون دينهم إلا لأنهم لم يجدوا ما يراجعونه من الكتب الدينية والتاريخية، من ترجمة التفاسير القيمة، والأحاديث الصحيحة، وكتب الأصول والفروع والأخلاق والسيرة النبوية وتاريخ الإسلام، ليعرف المسلمون حقيقة الإسلام وصفته في العهد الأول، فيقتدوا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.
وقد نوه بعض الدعاة الصينيين إلى ضرورة أن تكون الترجمة ذات لغة سليمة وقوية، وفي ذلك يقول الشيخ عبد الله بن يوسف الصيني: (أنا أركز بأنَّ صاحب اللغة القوية هو الذي يترجم، فأنا قرأت بعض الكتب المترجمة باللغة الصينية، فوجدتها مليئة بالأخطاء اللغوية، مع ألفاظ ضعيفة؛ فكيف تريد من الصينيين أن يفهموا دين الإسلام على حقيقته، والكتب المترجمة لهم ضعيفة الأسلوب؟).
كما أن اهتمام الشعب الصيني بالقراءة يحفز على الاستفادة من نشر الكتب والرسائل والمقالات المُعرِّفَة بالإسلام عن طريق شبكة المعلومات، مع التنبيه إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب محظورة في الصين، لكن يبقى المجال مفتوحًا للنشر في المواقع الإلكترونية المتخصصة، أو تخصيص قسم لذلك في المواقع الدعوية العامة.
ومن الوسائل الإقناعية المقترحة:
نشر فضائل الإسلام وآدابه: إذا جهل المُسلمون أنفسُهم دينَهم فمن الطبع أن يجهله غيرهم، وقد اغتنم المضلون هذه الفرصة لنشر الافتراءات السخيفة على ديننا الحنيف البريء، فيقولون إن محمدًا كان ينشر دينه بالسيف، وكان رجلًا شهوانيًا يتزوج من كثير النساء، إلى غير ذلك من الطعنات الكاذبة، وأخذ أقوالهم المؤلفون الصينيون جاهلين أو متجاهلين، فصارت الكتب المدرسية لطبقات المدارس الصينية مشحونة بأكاذيب المضلين. وقد نبه إلى هذا الخطر دعاة الصين وعلماؤه من قديم. حتى قال الشيخ محمد مكين: (هذا أكبر خطر على الإسلام وناشئة المسلمين). وهذا كلُّه يوجب على الدعاة إلى الله نشر فضائل الإسلام، وآدابه، ليعرف الصينيون حقيقة الإسلام، لعلهم يهتدون بإذن الله.
ذكر أقوال عظماء الصين التي تمدح الإسلام: وهذا لا يعبر عن موقف ضعف من المسلمين، وإنما هو وسيلة إقناع، فإن لم تكن مجدية في الدخول في الإسلام؛ فلا أقل من أن تكون مانعًا من اتخاذ موقف عدائيٍّ منه. ومن أولئك العظماء عند الصينيين: وانغ هونغ، وتايتسو، والملك أوتسونغ، وأقوالهم موجودة محفوظة.
الموازنة بين الإسلام وأديان الصين: مثل الكونفوشسية، والطاوية، والبوذية، وتلك الموازنة يتم من خلالها تجلية منزلة الدين الإسلامي وأفضليته، وأحقيته بالاتباع، وبيان ما في تلك الأديان من انحراف ومخالفة للفطرة والعقل.
وهذه الإشارة لفت الانتباه إليها الشيخ عبد الله بن يوسف الصيني بناء على تجارب المُنصِّرين، والعلة في ضرورة استهداف النساء: أنهن أسرع قبولًا، ثم إنهن يحدثن أقاربهن، ومن حولهن بالدين الذي اعتنقوه، مما يعني فتح نوافذ للدعوة في أوساطهن.
المراجع:
نظرة جامعة في تاريخ الإسلام في الصين وأحوال المسلمين فيها: محمد مكين، نشر المكتبة السلفية بالقاهرة.
الإسلام في الصين: رؤية موضوعية واقعية: يوسف عبد الله ماتشنغ بين الصيني. من منشورات الجامعة الإسلامية بماليزيا.
الصين أكبر سوق مفتوح للدعوة الإسلامية.. ولكن! : مقابلة أجراها خباب بن مروان الحمد مع الشيخ عبد الله بن يوسف الصيني ونشرت في مجلة البيان.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.