غوادلوب (جزر وادي اللُّب): هي منطقة فرنسية جزرية (أرخبيل يضم أكثر من 12 جزيرة، إضافة إلى جزر صغيرة) توجد ضمن مجموعة جزر ليوارد الواقعة في جزر الأنتيل الصغرى في البحر الكاريبي، وبما أنها جزء من فرنسا، فهي جزء من الاتحاد الأوروبي؛ ومن ثم فإن عملتها هي اليورو، ولكنها لا تخضع لاتفاقية شينغن.
عاصمة غوادلوب هي "باس تير"، والمساحة الإجمالية لهذه الجزر هي 1628 كلم2، ويزيد عدد سكانها 400.000 نسمة، وقد أطلق عليها شعب الأراواك (الهنود الحمر)، الذي استوطنها عام 300م، اسمَ "كاروكيرا"، أي: جزيرة المياه، وسكنها الكاريب خلال القرن الثامن الميلادي، وخلال رحلة كريستوفر كولومبوس الثانية إلى أمريكا في عام 1493، دخل إلى غوادلوب خلال بحثه عن مياه للشرب، وسماها "سانتا ماريا دي غوادلوب دي إكستريمادورا" نسبة إلى الدير الملكي الإسباني سانتا ماريا دي غوادلوب، الموجود في غوادلوب (وادي اللُّب أو وادي لوب) في غرب إسبانيا، وعندما أصبحت المنطقة مستعمرة فرنسية، تم الاحتفاظ بالاسم الإسباني، مع تغييره قليلًا ليكون متوافقاً مع اللغة الفرنسية.
أصدر نابليون قانون مايو عام 1802، الذي أعاد العبودية إلى جميع المستعمرات التي حصل عليها البريطانيون خلال الحروب الثورية الفرنسية، ولكن هذا القانون لم يطبق على مجموعة من الممتلكات الفرنسية فيما وراء البحار، مثل غوادلوب وغويانا الفرنسية وسانتو دومينغو، وقد أرسل نابليون حملة عسكرية تهدف إلى استعادة السيطرة على الجزيرة من ثوار العبيد الذين وقفوا ضد الاستعمار الفرنسي، وقامت القوات الفرنسية آنذاك بقتل قرابة 10,000 غوادلوبي.
ثم استطاع البريطانيون السيطرة على الجزيرة من جديد بتاريخ 4 فبراير عام 1810، واستمرت السيطرة البريطانية حتى عام 1816، ثم تنازلت بريطانيا عنها إلى السويد لمدة 15 شهراً، وظلت الإدارة البريطانية في موقعها خلال مدة التبعية السويدية، واستمر الحكام البريطانيون في مناصبهم هناك، ثم تنازلت السويد عن غوادلوب لفرنسا في معاهدة باريس عام 1814.
وعندما انتهت العبودية في هذه الجزر، تم إعلان العبيد السابقين مواطنين فرنسيين، ومع كل ذلك لا يوجد سجل رسمي حول تاريخ وصول أسلاف العبيد الأفارقة إلى هذه الجزيرة، وكان هذا الأمر أشبه بمحوٍ لتاريخهم، وبإغراق لهذا المجتمع في حالة من "فقدان الذاكرة الثقافي" كباقي العبيد في الأقاليم الفرنسية الأخرى، وقد تعرضوا في غوادلوب لمعاملة سيئة، فقد كانوا يعملون في مزارع ومصانع تكرير السكر، التي تتطلب مجهوداً كبيراً، وكان هؤلاء العبيد المحرك الأساسي لإمبراطورية فرنسا في البحر الكاريبي، فقد أسهموا في أن تكون فرنسا الاستعمارية أكبر مصدِّر للسكر والقهوة والقطن في العالم خلال القرن الثامن عشر، ليتطور بذلك اقتصادها وتحتل المراتب الأولى عالميًّا، ومع ذلك تنكروا لهم وتفننوا في تعذيبهم والحط من إنسانيتهم، ثم افتتح قبل سنوات أكبر متحف في العالم مخصص لتاريخ العبودية، في مدينة "بوانت آه بيتر" في غوادلوب، وأقيم هذا المتحف على أرض كانت تستخدم مصنعاً للسكر، ويوجد في هذا المتحف أكثر من 500 قطعة، بينها صور ووثائق وشهادات وأفلام من واقع الحياة اليومية لأولئك لعبيد، وهي تعرض أساليب تعذيب العبيد وأنماط عيشهم وأساليب تعريض نسائهم وأطفالهم للتعذيب على يد الرجل الأبيض.
تتميز غوادلوب بمناخها الدافئ وغاباتها وأمطارها الغزيرة وترتبتها الخصبة، وهي عُرضة للأعاصير، وقد كان أعنف إعصار ضربها هو إعصار بوانت آه بيتر عام 1776، وقد مات فيه ما لا يقل عن 6000 شخص.
واللغة الرسمية لهذه الدولة هي الفرنسية، التي بها جميع السكان تقريباً، ويتحدث معظم السكان أيضاً بلغة Guadeloupean Creole، وهي لغة كريول فرنسية هجينة، وسكان غوادلوب هم أساساً من أصل إفريقي كاريبي، أما الأوروبيون والهنود واللبنانيون والسوريون والصينيون فهم أقليات صغيرة هناك، وتسجل هذه الدولة انخفاضاً سنويًّا في السكان بنسبة 0.8%، ومن أسباب هذا الانخفاض الهجرة والأعاصير وعدم استقرار الأوضاع.
وتذكر المصادر الفرنسية أن غالبية سكان جوادلوب هم من النصارى، ومعظمهم من الكاثوليك، وقد جلب المستوطنون الفرنسيون والإنجليز الكاثوليكية معهم، ونقلوها إلى العبيد آنذاك، وتندمج بالنصرانية ممارسات ومعتقدات موروثة من الثقافات التي سكنت غوادلوب (الهنود الحمر والأفارقة)، وقد ولَّدت هذه المعتقدات مزيجاً من الطقوس الغامضة والسحرية التي يمارسها الكثير من سكان هذه الجزيرة اليوم، وتذكر هذه المصادر أيضاً أن هناك أدياناً أخرى على هذه الجزيرة مثل الإسلام واليهودية والهندوسية، وذكر مصدر أن نسبة المسلمين هناك هي 0.4%، وعددهم 1,840 مسلم، وأوصلهم مصدر آخر إلى 2000 مسلم، ولم نتوصل إلى تاريخ المسلمين القديم على هذه الجزر، خصوصاً أثناء مراحل الاستعمار المتعددة لها، ما عدا إشارة تدل على قدوم أعداد كبيرة من المسلمين ضمن برنامج "نظام السخرة الهندية" المؤقت بالعقود إلى المستعمرات الأوروبية بعد إلغائها للعبودية، وكانت غوادلوب وما جاورها من ضمن هذه المستعمرات، أما في هذا الزمن فقد بدأ الإسلام ينتشر هناك ببطء منذ أربعينيات القرن العشرين، وفي أوائل التسعينيات اقترح المسلمون فكرة بناء مسجد، ولكن هذه الخطة أوقفت في منتصف الطريق، وهناك جمعية خاصة بالمسلمين، وهم يصلُّون في بعض البيوت المعدة للصلاة، مع ملاحظة أن بعض المصادر تجمع بين أتباع الديانة الأحمدية وبين المسلمين عند الحديث عن المسلمين، وهناك نشاط للأحمديين على هذه الجزيرة.