إغلاق

تابع محتوى الدولة

أهل السنة والجماعة

  • التعريف
  • لأهل السنة والجماعة إطلاقان: إطلاق عام وإطلاق خاص، أما الإطلاق العام فهو مقابل الشيعة، فيدخل فيه جميع الطوائف إلا الرافضة، وأما الإطلاق الخاص فهو مقابل المبتدعة وأهل الأهواء، فلا يدخل فيه سوى أهل الحديث والسنة المحضة الذين يثبتون الصفات لله تعالى، ويقولون: إن القرآن غير مخلوق، وإن الله يرى في الآخرة، وغير ذلك من الأصول المعروفة عند أهل السنة، والمراد في هذا المقام الإطلاق الخاص.
  • والمراد بالسنة ههنا: الطريقة المسلوكة في الدين وهي ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وإن كان الغالب تخصيص اسم السنة بما يتعلق بالاعتقادات لأنها أصل الدين، والمخالف فيها على خطر عظيم.
  • والمراد بالجماعة ههنا: الاجتماع الذي هو ضد الفرقة.
  • فأهل السنة والجماعة هم أهل السنة لأنهم تمسكوا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، واقتفوا طريقته باطنًا وظاهرًا، في الاعتقادات والأقوال والأعمال.
  • وأهل السنة والجماعة هم الجماعة التي يجب اتباعها لأنهم اجتمعوا على الحق وأخذوا به، ولأنهم يجتمعون دائمًا على أئمتهم، وعلى الجهاد، وعلى السنة والاتباع، وترك البدع والأهواء والفرق.
  • وهم أهل الحديث والأثر لشدة عنايتهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم رواية ودراية واتباعًا، فهم يقدمون الأثر على النظر.
  • وهم الفرقة الناجية المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم:

«والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار». قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: «الجماعة».

(رواه بهذا اللفظ ابن ماجه في سننه (2/1322) برقم (3992) وهذا الحديث مشهور، وله ألفاظ متعددة).

  • وهم الطائفة المنصورة المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم:

«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك». رواه مسلم (13/65).

  • وهم السلف، إذ المراد بالسلف الصحابة رضوان الله عليهم، وتابعوهم، وأتباعهم إلى يوم الدين. وقد يراد بالسلف القرون المفضلة الثلاثة المتقدمة.

ومن خصائص أهل السنة والجماعة:
1- أنه ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها.
2- أنهم جعلوا الكتاب والسنة إمامهم، وطلبوا الدين من قبلهما، وما وقع لهم من معقولهم وخواطرهم وآرائهم عرضوه على الكتاب والسنة، فإن وجدوه موافقًا لهما قبلوه وشكروا الله حيث أراهم ذلك ووفقهم له، وإن وجدوه مخالفًا لهما تركوا ما وقع لهم، وأقبلوا على الكتاب والسنة، ورجعوا بالتهمة على أنفسهم، فإن الكتاب والسنة لا يهديان إلا إلى الحق، ورأي الإنسان قد يكون حقًا، وقد يكون باطلاً.
3- أنه ليس لهم لقب يعرفون به ولا نسبة ينتسبون إليها، كما قال بعض الأئمة وقد سئل عن السنة، فقال: السنة ما لا اسم له سوى السنة. وأهل البدع ينتسبون إلى المقالة تارة، وإلى القائل تارة، وأهل السنة بريئون من هذه النسب كلها، وإنما نسبتهم إلى الحديث والسنة.
4- أنهم مع اختلاف بلدانهم وزمانهم وتباعد ديارهم، تجد أن جميع كتبهم المصنفة من أولها إلى آخرها في باب الاعتقاد، على وتيرة واحدة ونمط واحد، يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها، قلوبهم في ذلك على قلب واحد، ونقلهم لا ترى فيه اختلافًا ولا تفرقًا، بل لو جمعت ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنه جاء عن قلب واحد وجرى على لسان واحد، وهل على الحق دليل أبينُ من هذا؟ قال الله تعالى:  

(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا )

[النساء: 82]). 

قال أبو المظفر ابن السمعاني:

"وكان السبب في اتفاق أهل الحديث أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة وطريق النقل، فأورثهم الاتفاق والائتلاف، وأهل البدع أخذوا الدين من عقولهم فأورثهم التفرق والاختلاف، فإن النقل والرواية من الثقات والمتقنين قلما تختلف، وإن اختلفت في لفظة أو كلمة فذلك الاختلاف لا يضر الدين ولا يقدح فيه، وأما المعقولات والخواطر والآراء فقلما تتفق، بل عقل كل واحدٍ ورأيه وخاطره يُرِي صاحبه غير ما يُرِي الآخر".


5- أنهم وسط بين الفرق، كما أن أهل الإسلام وسط بين الملل.

أبيات في خصائص أهل السنة والجماعة: 

ليس لهم مُتَّبعٌ إلا النبيْ = فهْوَ إمامُهُم رفيعُ المنصِبِ
ليسوا بمعروفين بانتسابِ = إلا إلى السُّنَّةِ والكتابِ
قد تَّركُوا لذين أقوالَ الرجالْ = فعندَهُم للرأي قطعاً لا مَجَالْ
ويعرِضُونَ كُلَّ قولٍ سَمِعُوه = عليهما فإن يُّوافِق رفَعُوه
عند التنازُع إليهما دَعَوا = أما ذَوو الهوى فللرأي سَعَوا
إن سُنَّةٌ صحَّتْ لها يبادِرُون = ليَمنةٍ أو يَسرةٍ لا ينظرُون
وينصرُونَهَا ، وأمَّا المُبتَدِعْ = فينصُر الهوى ورأياً يتَّبعْ
وإن لسنة دَعَوا قد نفرت = قلوبُ أهل الزيغ عنهم أدبرت
كما أتى النصُّ به مسطوراً : = " ولَّوا على أدبارِهم نفوراً "
قد زانهم علمٌ ورحمةٌ تعُمّْ = كلَّ الخلائق بيُسرها تَؤمّْ
وهم يوالُون يعادُون على = سُنَّةِ أحمدَ وأكرِم عَمَلا
إن سَمِعُوا : " قال الرسول " وقَفُوا = له ولا بديلَ عنهم يُعرَفُ
من عادةِ البدعيِّ أن يأخُذَ ما = وافقَ رأيَهُ وغيرَهُ رَمَى
أمَّا هُمُ فليس عندَهُم هَوَى = لما سوى سُنَّةِ من فضلاً حَوَى
وإنَّهُم مع اختلافِ البلدِ = وزمنٍ تراهُمُ كالجَسَدِ
قلوبُهُم كقلبِ شخصٍ واحدِ = إذ قصدُهُم إحياءُ دينِ الواحدِ
إن صنَّفُوا فكتبُهُم تتفقُ = في الحق إذ مصدرُهُم محقَّقُ
قال أبو المظفَّرِ : السببُ في = وَفق المحدِّثين في النهج الوفِي
أخذُهُمُ الدينَ من السنة أو = من كتابِ ربهم ونعمَ ما اقتَفَوا
أما ذَوو البِدَع بالعقل اكتَفَوا = فكثُرَ اضطرابُهم لما قَفَوا
نقلُ الرواة قلَّمَا يختلفُ = لأنَّ أصلَهُ نصوصٌ تعرفُ
وقلَّمَا تتفقُ الآراءُ = لأنَّ أصلها الهوى الهُرَاءُ
ثم الجماعةُ غدَوا بين الفِرَقْ = وسْطاً كما الإسلامُ مع هذا [......]
فإنه الوسَطُ بين المِلَلِ = ألبَسَهُ الإله أرقى الحُلَلِ
العدلَ والرضا سهولةَ المَنَال = أبقاهُ عروةً إلى يومِ المآل

(التحفة المرضية في نظم المسائل الأصولية) لمحمد علي آدم الإثيوبي ص(10-11)