المسلمون الجدد

الملفات الدعوية ذات العلاقة
  • التعريف

المسلم الجديد هو كل من عاد إلى أصل فطرته بعد انحرافه باختياره دون إكراه، على بصيرة وعلم، اعتقادًا: بتحقيق أركان الإيمان، من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وقولًا: بالنطق بالشهادتين باللسان إن استطاع، وبالقيام بسائر ما خوطب به من أركان الإسلام، حتى استقام على ذلك، فإذا ما استقام على الدين، وظهر منه العمل بمقتضياته؛ لم يعد جديدًا، وهذا يختلف من شخص لآخر، بحسب الإمكانيات العقلية والثقافية والبيئية والظروف المحيطة به.

  • السمات و الخصائص

إن دخول المسلم الجديد في الإسلام يعد بمثابة ميلاد جديد له، وهذا المولود الجديد يواجه العديد من التحديات والعقبات المالية والنفسية والاجتماعية، وسنتحدث عن سمات وخصائص ذلك المولود الجديد من خلال العقبات التي يواجهها :

  1. يواجه المسلم الجديد العديد من العقبات المالية اللازمة لتغطية مصاريف المطعم والمسكن والملبس وباقي الضروريات، وهذا ما يوجب على الجماعة المسلمة كفالته وكفايته فيها ولو بالحد الأدنى الذي معه يتمكن من العيش بكرامة، وذلك كي لا يضطر للعيش في فاقة تدفعه ليمد يده يتكفف الناس حاجته، أعطوه أو منعوه، ما يسبب له ضغطًا وصدمة نفسية كبيرة، وترتسم بذلك صورة بائسة للمجتمع المسلم في عيون المسلم الجديد تهدد بردته.

كما أن قد يواجه مشاكل في تحصيل فرصة مناسبة في البيئة الجديدة، ومشاكل في الرعاية الصحية، وفي التعليم.  

  1. كما يواجه المسلم الجديد عقبات اجتماعية، مثل عدم توفر البيئة الاجتماعية الحاضنة المعينة له على الاستقرار، والتي تساعده على الاندماج الاجتماعي في المجتمع الجديد الذي يحتاجه أول إسلامه، كما قد يعاني من عدم توفر البيئة التعليمية، أو العجز عن الوصول إليها أو الجهل بها إن كانت موجودة فعلًا، وقد يواجه النبذ الاجتماعي من بيئته ومجتمعه السابق والذي قد يصل للتهديد بالقتل، وما يقابله من برود في الدعم أو لا مبالاة من المجتمع الإسلامي الجديد. فهو حينئذ يواجه النبذ من المجتمعين. كما يواجه عقبات عديدة في الطلاق والزواج.
  2. ويواجه المسلم الجديد عقبات نفسية، مثل الصدمة بواقع المجتمع الإسلامي، وذلك أن المسلم الجديد غالبًا ما يكون قد ولد ونشأ وعاش قبل إسلامه في مجتمع سلبه الاستقرار النفسي، فقضى غالب حياته في توتر وضياع وفراغ روحي قاتل، وعند قراءته عن الإسلام أو بعد الاحتكاك مع بعض النماذج الصالحة من المسلمين يظن أنه قد وجد ضالته، وأنه سوف يحقق السلام الداخلي مع نفسه، وبأنه سيقابل من المسلمين ملائكة لا بشرًا، فتبدأ رحلته مع الإسلام مرسومة بأحلام وردية، ولكن الواقع المؤسف لنماذج بعض الأفراد المسلمين وتعاملاتهم، يصيبه بالصدمة والخيبة والإحباط والألم.

ولذلك كله فإننا نرى أن أهم سمة من سمات المسلم الجديد أنه عرضة لكثير من العقبات والتحديات، التي قد تؤدي به إلى الردة، أو انطفاء الدافعية نحو العمل للإسلام والدعوة إليه، مما يستوجب على الداعية البصير أن يكون ملمًا بتلك العقبات والتحديات، ويسعى لإيجاد الحلول لها، فإن المسلم الجديد يجب أن يتجاوز تلك العقبات لينطلق في مجال الدعوة الرحب، فيصير داعية في مجتمعه وموجهًا، بدلًا من أن يغدو مثقلًا بأعباء وأحمال تمنعه من الانطلاق، فضلًا عن تؤدي به إلى النكوص والارتداد.

  • توجيهات دعوية

  1. ما يحتاجه المسلم الجديد ليس معلومات فقط، بل هناك قضايا اجتماعية وسلوكية سيحتاج إلى إصلاحها وتغييرها، فيلزم التنبه لهذا، فإعطاء درس واحد علمي لا يكفي من دون المخالطة والمساعدة في القضايا الاجتماعية.
  2. المسلمون الجدد أنواع وأشكال، وثقافات ومستويات تعليمية وأخلاقية ومادية مختلفة، فيلزم التنبه لهذا حين توجيه الخطاب لهم، والتعامل مع تحدياتهم ومشاكلهم.
  3. لا يحسُنُ بالداعية أن يُدخِلَ المسلم الجديد في الخلاف العلمي والعقدي الذي يحصل معه التشويش والنزاع أو إثارة الشبه، لأن إسلامهم ليس براسخ بعد، وقد تلقى الشبهة ولا يستطيع الملقي لها ردها ونزعها من قلب السامع، وقد تكون انتكاسة عياذًا بالله.
  4. التركيز على أصل الدين، وهو التوحيد، وبيان مفهوم العبودية والاتباع وتعظيم السنة، والتحذير من الشرك وذرائعه والبدع وأسبابها، ومن تأمل دعوة الأنبياء في القرآن لأقوامهم وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم ووصاياه لمن بعثه معلمًا ومبشرًا وجد ذلك جليًا؛ كما في وصيته لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم خيبر، ووصيته لمعاذ رضي الله عنه لما أرسله إلى اليمن، ومما يدخل في ذلك: التركيز على مفردات توحيد العبادة من أعمال القلوب، كمحبة الله، والخوف منه، والتوكل عليه، وتعظيمه، وكذلك التركيز في مسائل الاعتقاد على الإيمان باليوم الآخر، واستحضار الآخرة. وقد سبق حديث عائشة في ذلك.
  5. بيان أركان الإسلام والواجبات الكبرى التي تتعلق أحكامها به، وذلك في أبواب العبادات والمعاملات على حد سواء.
  6. إعلام المسلم الجديد بما يناسب حاله، ولو تأخر البيان في بعض المسائل للمصلحة، فلو أسلم في رمضان فإنه يعلم أحكام الصيام، وإن لم يكن وقت الصيام يؤخر ذلك، وهكذا في الزكاة، والحج، والزواج، ونحو ذلك.
  7. لا ينتقل من قضية إلى أخرى إلا إذا رسخت في قلبه وفهمها، وامتثلها، وذلك بإعطائه الوقت الكافي لذلك.
  8. من أسلم وصعب عليه تطبيق شيء من الشرع يُتسَامَح معه، ويُشجَّع، حتى يستقرَّ الإسلام في قلبِه، وتسهُل عليه شرائِعُهُ، كمن يصعب عليها الحجاب، أو ترك سماع أو رؤية محرم، ونحو ذلك، فإن من المقرر في قواعد الشريعة اعتبار التدرج في الدعوة وتبليغ الأحكام.
  9. من المهم تكوين فريق من أهل المسجد لمساعدة المسلمين الجدد، لأن قضاياهم ليست علمية فقط، كما تقدم.
  10. لا يكفي أن نكبر في المسجد فرحًا بإسلام المسلمين الجدد، ونعانقهم، وينتهي كل شيء هنالك!! بل لا بد من توفير محاضن اجتماعية تربوية في المراكز، والعناية بمراكز متخصصة للمسلمين الجدد، وإقامة مؤتمرات تناقش قضاياهم واهتماماتهم.
  11. المسلمون الجدد كثير منهم يملك مهارات كثيرة ومعرفة بالواقع، وبعضهم قد يكون فاعلًا مؤثرًا في بيئته قبل إسلامه، فيلزم الإفادة منهم لدى دخولهم في الإسلام، ومما يؤسف له أن كثيرًا منهم لا يجد فرصة وتشجيعًا من الأئمة ومسؤولي المراكز بالشكل الكافي.
  12. الاهتمام بالترجمات الموثوقة للقرآن التي تُعطَى للمسلمين الجدد غير الناطقين بالعربية، وكذلك الكتب الدعوية، ويراعَى في تلك الكتب أن تكون مناسبة للمسلم الجديد من حيث واقعه، وبيئته، والقضايا التي تتناولها، وأن لا يُعطَى كمًّا كبيرًا من الكتب، وأن لا تكون تلك الكتب متناقضة في مضامينها.
  13. يراعى في أحوال المسلمين الجدد الأسلوب الذي يتم به تناول القضايا، فيبتعد في القضايا الحساسة عن الإطلاقات، والتعميمات، واللغة الجارحة للمشاعر.

  • قصص من التاريخ الإسلامي

جاء في ترجمة غازان بن آرغون سلطان التتار، وحفيد جنكيز خان، وكان على طريقة جدِّه الأعلى جنكيز خان - أنَّ جلوسه على تخت الملك كان سنة 693 هـ، فحَسَّن له نائبه نوروز الإسلام، فأسلَم سنة 694 هـ، ونثَر الذهب والفِضَّة واللؤلؤ على رؤوس الناس، وفَشَا بذلك الإسلامُ في التتار، وقيل له بعدَ إسلامه: إنَّ دين الإسلام يُحرِّم نكاحَ نساء الآباء، وقد كان استضاف نساءَ آبائه إلى نسائه، وكان أَحَبَّهُنَّ إليه بلغان خاتون، فَهَمَّ أن يرتدَّ عن الإسلام، فقال له بعضُ خواصِّه: إنَّ أباك كان كافرًا، ولم تكُن بلغان معه في عَقْد صحيح، إنما كان مسافِحًا بها، فاعقدْ أنتَ عليها، فإنَّها تَحِلُّ لك، ففعل، ولولا ذلك لارتدَّ عن الإسلام، واستُحْسِن ذلك مِن الذي أفتاه به لهذه المصلحة.

قال الشوكاني رحمه الله:

(بل هو حسَن، ولو كان تحتَه ألفُ امرأة على سِفاح، فإنَّ مثل هذا السلطان المتولِّي على أكثر بلاد الإسلام في إسلامه مِن المصلحة ما يُسوِّغ ما هو أكبرُ مِن ذلك، حيث يؤدِّي التحريج عليه، والمشْي معه على أمْر الحقِّ إلى ردَّته، فرحم اللهُ ذلك المفتيَ).