الأطفال جمع طفل، والمصدر: طفولة، وهي مرحلة تمتد من ولادة الإنسان إلى بلوغه.
تنقسم الطفولة إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: الطفولة دون سن التمييز: وهي المرحلة العمرية التي تسبق دخول الطفل إلى المدرسة الابتدائية تقريبًا، وهي تمتد منذ ولادته إلى خمس أو ست، أو إلى ما دون السابعة من عمره.
وهذه المرحلة من المراحل المهمة جدًا في حياة الإنسان، فإنها بمنزلة الأساس لما بعدها من المراحل، وعليها ينبني ما يليها، كما أنها مرحلة طويلة، قد تصل إلى خُمُس عمر الإنسان أو أكثر، وهو يحتاج فيها إلى عناية خاصة، تناسب وضعه ونموه، كما أن الطفل يكون قابلًا للتوجيه، مُستعدًا للاستقبال، وأخيرًا: هي مرحلة إعداد لما يستقبل من الأيام.
المرحلة الثانية: مرحلة الطفولة في سن التمييز: وهي المرحلة التي تمتد من سن السادسة تقريبًا أو السابعة إلى قبيل البلوغ أو الخامسة عشرة من عمره، وهي تشتمل المرحلتين التعليميتين: الابتدائية والمتوسطة، أي: ما يقارب تسع سنوات، وهي مرحلة طويلة تشترك في بداياتها مع مرحلة الطفولة دون سن التمييز، وتشترك في نهاياتها مع مرحلة الرجولة، فهي تأخذ من هذه شيئًا، وتأخذ من تلك شيئًا آخر، فهو قد فارق حياة الطفولة الأولى، بينما لم يصل إلى كمال الرجولة.
المرحلة الثالثة: مرحلة بلوغ الحُلُم: وهي مرحلَةُ سن التكليف، وتعرف بالعلامات، أو ببلوغ سن الخامسة عشر، وهي تبدأ تقريبًا في نهاية المرحلة المتوسطة، وبدايات المرحلة الثانوية.
والبالغ شخص اكتملت قواه الجسمية في قدرتها على القيام بالأعباء والتكاليف الشرعية، واكتملت آلته العقلية، فهو يفهم الأدلة والحجج، ويعقلها، وتقوم بذلك عليه الحجة، كما اكتملت انفعالاته، فهو يقدر على توجيهها الوجهة الصحيحة، كما يقدر على ضبطها حتى يكلف بنتائج ما يترتب عليه من انفلاتها، واكتملت قدرته التناسلية التي يحفظ الله بها النوع الإنساني.
تتميز هذه المرحلة بعدد من الخصائص والمميزات، منها:
أولًا: توحد جهة التربية في غالب الأحيان: حيث تمثل هذه المرحلة فرصة عظيمة للوالدين في التفرد بتربية أولادهما، ينبغي عليهما أن يقتنصاها، لأنها لا تتكرر، وهي أنسب مرحلة يستطيع فيها الوالدن تربية أبنائهما على ثقافتهما وإرادتهما، وعليهما أن لا يكلا الأمر للأقارب أو الإخوة أو الأخوات.
ثانيًا: تعلق الطفل بوالديه: يتعلق الطفل بوالديه في هذه المرحلة تعلقًا شديدًا، فهما بالنسبة له مصدر الأمان، ومظهر القوة والصواب، فينبغي عليهما أن لا يظهر منهما جبن أو خوف في المواقف الصعبة، ولا يظهر منهما تردد وحيرة إزاء بعض المواقف، فلذلك تأثيره السلبي في الطفل.
ثالثًا: التقليد والمحاكاة: يميل الطفل في هذه المرحلة إلى تقليد ومحاكاة أبويه في تصرفاتهما، وتميل البنت بوجه خاص إلى تقليد أمها، والولد إلى تقليد أبيه، ولذلك ينبغي اجتناب إظهار التصرفات السيئة أو غير المحمودة أمام الابن، مثل شرب الدخان، وكذلك لا ينبغي منعه من التصرفات المحمودة ولو كان لا يحسنها، مثل محاولة الولد تقليد أبويه في الصلاة. كما ينبغي تجنيبه مشاهدة المشاهد غير اللائقة في علاقة الرجل بالمرأة في التلفاز، حتى لا يقوم بمحاكاتها مع أخته.
رابعًا: كثرة الاعتماد على المحسوسات: يعتمد الطفل في هذه المرحلة كثيرًا على المحسوسات، ولا يميل أو يستوعب القضايا المجردة أو المعنوية، التي لم يسبق أن مر على ذهنه نموذج واقعي لها، فمثلًا: شعوره بحقيقة محبة والده أو مربيه له تكون أكثر في حال ضمه إليه، أو احتضنه، أو قبله، مما لو قال له: أحبك.
خامسًا: الرغبة في الاستكشاف والتعرف على البيئة المحيطة: حيث يكثر سؤال الطفل عن الأشياء المادية حوله، وهذا الحرص على السؤال والاستفسار علامة للحيوية واللياقة العقلية، فعلى المربي انتهاز هذه الفرصة لتزويده بكثير من المعلومات، ولا ينبغي أن ينهره أو يتبرم من كثرة أسئلته، بل يحرص على الإجابة بإجابات واضحة قصيرة وسهلة الحفظ.
سادسًا: القابلية للتلقين: حيث يسهل في هذه المرحلة تلقين الطفل المعلومات الأساسية بحيث يحفظها كما لقنها، وإذا لقنها بطريقة جيدة فإنها تنطبع في ذهنه ولا يكاد ينساها بمرور الزمن، وخاصة عند مراجعتها بين الحين والآخر. ولذلك ينبغي أن تستغل هذه الفترة في تلقين الطفل للقرآن الكريم، ويبدأ بالحفظ من قصار السور، مع الاستعانة في ذلك بما ظهر من الأجهزة والتطبيقات والبرامج الحديثة.
سابعًا: زيادة الطاقة الحركية وحيويتها: للطفل طاقة حركية كبيرة، يظل يمارسها طول فترة يقظته، وهي علامة صحة جسدية ونفسية، وهذه الطاقة ينبغي على المربي استغلالها، وإلا سببت إرهاقًا للمربي، فلا ينبغي منع الطفل نهائيًا من اللعب، بل يشغل المربي الطفل بما يستنفد طاقته قبل أن يشغله. ومن الأمور الجيدة تنويع الألعاب، ما بين ركض وجري، ولعب بالكرة، وركوب بالدراجة. وليكن ذلك بالاعتماد على اللعب التي تناسب عمره، وبتخصيص مكان ملائم له من البيت يعلم أنه يملك فيه حرية الحركة.
أولًا: التمييز: والمراد به أن يكون للصبي نوع إدراك وعقل يميز به بين الأمور، فيميز ما يضره مما ينفعه، ويستر عورته عن الناس، ويتمكن من الأكل وحده باستقامة، كما يعرف كيف يتطهر وحده كذلك، ويقدر التصرفات وما يترتب عليها، لكنه تمييز لا يبلغ حد تمييز البالغين، الذي كملت آلتهم العقلية، فإذا كلم بشيء من مقاصد العقلاء فهمه وأحسن الجواب عنه.
وللتمييز أحكام كثيرة في الفقه يذكرها الفقهاء في كتبهم، فيتحدثون عن حكم إمامته، وردته، وانعقاد صلاة الجمعة به، وحكم شهادته بدخول شهر رمضان، وحكم انعقاد يمينه، ووصيته، وتصرفه بالبيع والشراء.
ثانيًا: تعدد مصادر التربية والتوجيه: ببلوغ الصبي هذه المرحلة يبدأ خروجه من المنزل يزداد، ويبدأ دور المؤثرات الخارجية في الظهور والتأثير، فيظهر دور المعلم وأثره في التربية، كما يظهر أثر المنهج الدراسي على الصبي، من خلال المعارف التي تعطى له، ويظهر أيضًا أثر الخلطة مع الزملاء، وأثر الاحتكاك بالشارع والجيران، وهنا تظهر المشكلة إذا كانت تلك الاتجاهات متضادة، ومن المناسب أن يحرص الأب على اختيار المدرسة التي ينتمي إليها ابنه، كما يحرص على اختيار الحي الذي يسكن فيه، لأن سكانه هم جيرانه، وأولادهم أصدقاء ولده.
ثالثًا: تفتح المدارك ونموها: بالوصول إلى هذه المرحلة تتفتح مدارك الصبي ويزداد إدراكه، فهو يدرك الزمن، كما يستطيع أن يميز بين اليد اليمنى واليد اليسرى، ويزداد إدراكه شيئًا فشيئًا، وخاصة في وسط هذه المرحلة وآخرها، وتصير لديه القدرة على فهم الاستدلال وممارسته، وعدم قبول الأمور إلا بدليلها.
رابعًا: تكوين العلاقات الاجتماعية: نتيجةً لخروج الصبي المتكرر من البيت، والذهاب إلى المدرسة والمسجد والاحتكاك بأقرانه في تلك الأماكن يبدأ الصبي في تكوين علاقات اجتماعية أوسع من علاقاته السابقة التي كانت قاصية على إخوته أو أقاربه، ويظهر من الصبي الرغبة في تكوين الصداقات والعلاقات، وما يتبع ذلك من التأثر بهم، والحرص على مودتهم، وتبادل المقتنيات الشخصية معهم، أو الزيارات.
أولاً: البلوغ: لا تمتاز هذه المرحلة باكتمال الوظائف الجنسية فقط، وإنما البلوغ علامة على اكتمال العقل الذي يجب به التكليف، فلا يكلف الله تعالى بالتكاليف العظيمة لمجرد ظهور الشعر في مناطق معينة من الجسم، أو خشونة الصوت، أو قدر ة الأعضاء التناسلية عى القيام بوظائفها.
ثانيًا: النضح والاكتمال: حيث تنمو وتتسارع القدرة العقلية عند الصبي، حتى تصل عند البلوغ إلى الكمال الواجب، الذي تثبت به الحجة، وتلزم به التكاليف، ويؤاخذ به على التقصير والمخالفة، ويظهر لدى الفتى في هذه المرحلة القدرة على التفكير المجرد غير المرتبط بشيء محسوس. كما أن النضج والاكتمال يدفعان بصاحبهما إلى الاستقرار والاعتدال، وقبول الحق ونبذ الباطل.
ثالثًا: الجرأة والإقدام وتحدي الصعاب: نظرًا للتطورات الجسدية التي تلحق بجسم الفتى في هذه المرحلة، وما يظهر له من قدرته على التفكير، يتولد لديه شعور بالقوة والقدرة يدفعانه إلى الإقدام واقتحام الصعاب، بحيث لا ينظر إلى المعوقات في كثير من الأحيان، وهذا له جانبه الحسن إذا كان الفتى مقبلًا على الحق، كما أن له جانبه السيء في حالة انفلات الفتى، وبعده عن التوجه الصحيح.
هناك العديد من التوجيهات والنصائح التي يمكن تقديمها في مجال تربية الطفل، ويمكن ترتيبها بحسب المراحل:
أولًا: توضيح معاني التوحيد الكبرى: ينبغي للمربي أن يحرص على تأكيد معاني التوحيد الكبرى عند الطفل منذ صغره، ولا يترك هذه الأمور إلى حين بلوغه، فلا بد أن يعيد على مسامعه وبأساليب كثيرة أن الله تعالى خلقنا ورزقنا، وأنه لا شريك له، وأنه عظيم الشأن، ولا يحتاج إلى أحد، والخلق يحتاجونه، وأنه حكم عدل، وأنه لا يظلم الناس شيئًا، وأن له الصفات العليا.
ثانيًا: التعويد على الشجاعة: الشجاعة خلق عظيم، به تحققت كثير من الأمور الصعاب، لذا ينبغي تدريب الأطفال على ذلك، وتعويدهم عليه، وقد يكون ذلك بأن يسمح الأب لأولاده بالمصارعة فيما بينهم على سبيل اللعب لتعويدهم على ذلك، مع مراقبتهم، حتى لا يخرج الأمر عن الهدف المبتغى من وراء ذلك.
ثالثًا: بث الثقة في النفس: يحتاج الطفل أن يشعر بقدرته على الفعل، والقدرة على الاختيار، فيكلفه المربي ببعض الأمور التي في وسعه وطاقته، ليقوم الابن بتكوين صورة إيجابية عن نفسه، وعن نظرة المربي إليه، ويتيح له مجالًا للتجربة ليعطيه ذلك الثقة في نفسه، فالنتيجة التي يتوصل إليها الطفل بالتجربة أفضل من كلام وإرشاد كثير.
فعلى المربي أن يقوي شعور الثقة بالنفس في الطفل، ولا يهدمه بالتأنيب إذا أخطأ في تكليف كلف به، بل عليه أن يفسح له المجال للتعلم، فالثقة بالنفس تبنى على مر الأيام، ويا لها من مهمة شاقة! أما هدمها فيمكن أن يتم بقليل من التهكم والتأنيب.
رابعًا: اختيار الأوقات المناسبة للتربية، والتدرج فيها: يحتاج المربي إلى أن يعلم الأطفال أشياء كثيرة، وأن يربيه على أخلاق عديدة، وآداب جميلة، لكن لا ينبغي أن يحمله ذلك على عدم مراعاة المناسبة بين التربية والتعليم، أو التدرج فيها شيئًا فشيئًا، مثل تعليمه آداب الطعام قبل الطعام مباشرة.
خامسًا: المداعبة والترويح: من الأمور المهمة أن يشعر الطفل بالجو الأسري المشحون بعاطفة الحب والمودة، والتي تدل عليها السلوكيات والأعمال لا مجرد الأقوال، فمداعبة المربي للطفل وإدخال جو السرور عليه أمر مطلوب.
وينبغي أن تراعى ميول الطفل في الألعاب التي يختارها فلا يجبر على لعبة لا يحبها، أو يتفاعل معها، كما لا يمنع من لعبة يحبها إذا كان ذلك في الوقت المخصص للعب، ولم يكن فيها محذور شرعي.
سادسًا: تلبية حاجات الطفل: للطفل حاجات منوعة يجب تحصيلها، بعضها من الحاجات المقبولة ككفايته من حيث المأكل والمشرب والملبس، وشعوره بالتقدير والعناية به، والعطف عليه، والجو الأسري المستقر، وبعضها غير مقبول، كالمبالغة في تلك الأمور المتقدمة حتى تخرج عن حد الاعتدال، وبعضها قد يكون تحصيله خلال الأولى، أو من باب المكروهات، فلا ينبغي للمربي أن يتعامل مع هذه الحاجات معاملة واحدة، أو أن يسير فيها سيرة واحدة في القبول أو الرفض.
سابعًا: العدل بين الأولاد: من الأمور المهمة في التربية عدم التفرقة بين الأطفال بسبب جنسهم، مثل تفضيل الذكر على الأنثى في التعامل أو العطية، أو العناية بتنشئة الابن في مقابل إهمال البنت، فإن ذلك كله من الظلم.
أولًا: اتخاذ مرب للولد: تربية الأولاد من الأمور المهمة عند أوليائهم، وقد لا تسمح أحوالهم بالتفرغ للتربية، فإنه ينبغي لمن كانت عنده المقدرة المادية أن يتخذ مربيًا ومؤدبًا لأولاده، ولا يتركهم هملًا.
ثانيًا: التقيد بالأدب النبوي: وذلك بأمر الأولاد بالصلاة لسبع سنين، ولذلك ينبغي تعليمهم كيفية الوضوء، ويذكر لهم مبطلاته، كما يعلمهم الصلوات وأعداد الركعات في كل صلاة، وكيفيتها ووقتها، ويدلهم على مبطلاتها، ويحفظهم من أذكارها وأدعيتها ما يسهل عليهم حفظه، ويحضهم على صلاة الجماعة.
كما أمر صلى الله عليه وسلم بالتفريق بينهم في المضاجع، بأن يكون كل واحد في فراش خاص به، وإن كان في البيت متسع بجعل للبنين غرفة، وللبنات غرفة، ويكون كل واحد في فراش خاص به أيضًا.
كما ينتبه في هذه المرحلة إلى تعليم الفتاة ألا تظهر أمام إخوانها بملابس ضيقة كلبس البنطال مثلًا، أو تعرية الذراع والكتفين، إو إظهار الفخذين أو الساقين، وما شابه ذلك، ويعلم الصبية غض البصر، وعدم النظر إلى عورات الآخرين أو لمسها.
ثالثًا: التدريب على إصلاح النفس: حيث يبدأ المربي مع الصبي وهو في سن التمييز بتزكية نفسه، وتنقيتها من عيوبها، بل يبدأ معه في ذلك مع بداية سن التمييز، ويبين له أن الله مطلع عليه، لا يخفى عليه من أمره شيء، وأن الملائكة الكرام يكتبون له كل شيء عمله من خير أو شر، فيدعوه إلى فعل الخير.
رابعًا: الحفظ من القرآن: حيث تشير الدراسات أن للصبيان مقدرة كبيرة على الحفظ في تلك السن، فيستفيد المربون من ذلك بتحفيظهم القرآن الكريم، ويلحقونهم بحلقات التحفيظ المنتشرة في أغلب بلدان المسلمين.
خامسًا: إتاحة الفرصة المناسبة للعب المفيد: حرص المربي على أوقات الصبي ألا تضيع بغير فائدة أمر مطلوب، لكن لا ينبغي المبالغة في ذلك حتى يحرم الصبي من أي لون من ألوان اللعب، الذي يدخل السرور على النفس وينشطها، واللعب إذا حدث بهذه الطريقة فليس هو من ضياع الأوقات فيما لا يفيد، بل هو من المحافظة عليها، لأنه يجم النفس، ويعطيها النشاط.
سادسًا: قبول المبادرات من الصبي وتنميتها عن طريق الثناء والتشجيع: يراد بالمبادرة أحد أمرين:
الأول: الاستباق إلى الأمور المطلوبة من أول وقتها وعدم التأخير وينبغي تعويد الصبيان على ذلك، وحثهم عليه، مع التشجيع بالثناء ونحوه، كالمبادرة إلى الصلاة في أول وقتها، أو المبادرة إلى استذكار الدروس، والإجابة إلى التدريبات، وفائدة ذلك تظهر كثيرًا عند ظهور ما يعوق أو يؤخر تحقيق المطلوب.
الثاني: يراد بالمبادرة الاستباق إلى اتخاذ تصرف إزاء موقف حادث من تلقاء نفس الصبي، أو دون أن يطلب أحد منه ذلك، كالمبادرة في العطف على محتاج أو مساعدة مسكين، أو المبادرة إلى إغلاق جهاز الحاسب – إذا كان يحسن ذلك – عندما ينسى أهله إغلاقه، ونحو ذلك من الأمور، فهذه المبادرات ينبغي قبولها والتشجيع عليها لأنها تعمل على سرعة إنضاج الصبي، وتزيد من تفاعله مع بيئته ومجتمعه.
سابعًا: مراعاة تباين الأفهام (الفروق الفردية): استقبال الخطاب وفهم مراميه يختلف من شخص لشخص آخر وفق استعداداته وإمكاناته العقلية، ولذلك ينبغي مراعاة ذلك، حتى يكون لما يلقيه المربي من أقوال وتوجيهات قبول حسن ينتفع به سامعه.
فعلى المربي أن يراعي هذه الفئة العمرية، ويختار لهم من الأساليب التعبيرية والألفاظ ما يسهل فهمه، فإنه إن تحدث بأسلوب يعلو فهمه على الصبي كان فيه إضاعة للوقت، وربما جنى من وراء ذلك مفسدة.
ثامنًا: الاعتراف بالشخصية، وعدم هضم الطفل حقه بحجة أنه صبي: الصبي له شعوره وإحساسه، وهو يدرك من يعامله من الناس معاملة تليق بعمره، ومن يعامله كما يعامل الطفل المميز، لكن كثيرًا من الناس لا يفطنون لذلك، ويتعاملون مع الصبي وكأنه لا أحاسيس عنده، ولا شعور له، أو كأنه طفل صغير، وهذا له تأثير سلبي على الصبي من ناحية، كما يكون مدعاة له أن ينتقص من فعل ذلك معه من ناحية أخرى. ويكون ذلك بعدم التعدي على حقوقه، بل باستئذانه، فإن قبل فبها ونعمت، وإن رفض فلا تثريب عليه ولا يلام في ذلك.
تاسعًا: كفه عن الحرام والباطل واللهو: ينبغي أن يعتني المربُّون بكف الصبي عن الأمور الباطلة، ولا يحملهم عدم تكليفه على التهاون فيها، حتى لا يعتادها، فيضيع عمره فيها من غير فائدة يجنيها، ولا يقدر على التخلص منها بعد التكليف، وذلك مثل الفضائيات الفاسدة، والقصص الخرافية، والمواقع السيئة.
عاشرًا: الجمع بين العفو والصفح، والانتصار لأهل الظلم: فخلق العفو والصفح مطلوب، كما أن خلق الانتصار مطلوب أيضًا، ولا تستقيم الحياة بإهمال أحدهما وعدم التعويل عليه، وإذا كانت همم أغلب المربين متوجهة نحو ترسيخ معاني العفو والصفح، فإنه ينبغي ترسيخ معاني الانتصار من البغاة والطغاة.
حادي عشر: التعامل مع البيئة وعدم الانعزال: فلا يمنع من استقبال أحد زملاء الدراسة في بيته، والترحيب به، وتقديم ما يقدم للضيف، ويعود على الذهاب لعيادة جاره، أو زميل الدراسة المريض. ينبغي إشعار الصبي بمكانته، وأن مثله يعتمد عليه، وأنه أهل للقيام بالمهام، وتحمل المسؤولية.
ثاني عشر: مجالسة الكبار، وحضور مجالس العلماء للتخلق بأخلاقهم: فينبغي أن يمكن المربي الصبيان من حضور مجالس الكبار، فمنها يتعلمون أدب الحديث، وأدب المجالسة، وأدب الاستماع، ويسمعون من الكلام ما يستفيدون منه، وكذلك يفعل الجواري عند مجالسة النساء.
أولًا: العناية بقلب الفتى: حيث يصبح الفتى في هذه المرحلة قابلًا للتلقي من خارج المحيط المعتاد له كالأسرة والمسجد والمدرسة، فلا ينبغي أن يكون أهل الشر أسرع إليه بشرهم من أهل بخيرهم.
ثانيًا: التمسك بالكتاب والسنة: وذلك بإرشاد الفتى إلى بطلان ما خالف الكتاب والسنة من نظريات قادمة من مجتمعات غير إسلامية والتي تنشر في الكتب ووسائل الإعلام.
ثالثًا: الحوار والإقناع: في هذه المرحلة تكون عقلية الفتى أو الفتاة قد اكتملت بدلالة توجه الخطاب بالتكاليف الشرعية، وفي هذه الحالة فإن محاولة فرض اجتهادات المربي وآرائه وتصوراته من غير إقناع لن تكون مجدية، ولن يترتب عليها أية منفعة ما لم تجد قبولًا أو صدى عن الفتى والفتاة، ولذلك كان لا بد من اللجوء إلى الحوار، ومحاولة الإقناع، وإقامة الحجة بالدليل.
رابعًا: الوعظ مع بيان العلة أو الحكمة: قد يقتصر بعضنا في حديثه مع الفتيان على الوعظ، والوعظ أمر مهم لا بد منهم، لكنه قد لا يكفي وحده، خاصة مع من يكون واقعًا في أمر هو يعلم نتائجه، كما أن ذكر الحكم الشرعي وحده في هذه الحالة لا يكفي، لذلك لا بد من سلوك مسلك بيان الحكمة من الحكم الشرعي.
خامسًا: الاقتراب والمصادقة: في هذه السن لم يعد يشعر الفتى أو الفتاة أنهما عالة على غيرهما في الأفكار والتصورات، بل يشعران بالقدرة الكبيرة على التفكير العميق الذي يستخلص النتائج من المقدمات، لذلك على الأبوين أن يحرصوا على الاقتراب من الفتى، وإيجاد قنوات الاتصال الصالحة، والتعرف عن قرب عما يمكن أن يكون في داخله.
سادسًا: دورة في الطهارة: ببلوغ مرحلة الحلم يحتاج الفتى أو الفتاة إلى حديث خاص عن أحكام الطهارة التي تتعلق بكل منهما، ففي هذه المرحلة تَجِدُّ أمور لم تكن من قبل، وقد يكون من المناسب تنظيم دورة في أحد في المساجد عن أحكام الطهارة للبالغين، يعطيها الفتيان أحد الشيوخ، بينهما تعطيها للفتيات إحدى الداعيات، فإن في ذلك إزالة للحرج.
سابعًا: الرفق والرحمة وعدم الإثقال في التعليم: رغبة المربي في الوصول بتلميذه إلى الدرجة العليا قد تدفعه إلى نسيان ما ينبغي عليه في ذلك، فيثقل كثيرًا على التلميذ، حتى يكاد التلميذ أن يمل من ذلك، ولكن ينبغي أن يراعي أوضاعهم حتى تؤتي التريبة ثمارها.
ثامنًا: أدخلوه في مجتمع الرجال: لن يلبث الغلام أن يصبح رجلًا، فأدخله في الحياة العامة، وعرفه مجتمع الكبار، بما فيه من تنوع وخبرات، بشكل متدرج. والأهم أن يقبل المربي الأداء، فإن أصاب وأحسن في أي تكليف فشجعه وأثن عليه، وإن أخطأ فبين له وجه الصواب وأرشده إلى ما يفعله في المرات الآتية.
تاسعًا: الإشراك الفعلي في تحمل المسؤولية: في هذه المرحلة صار الصبي فتى بالغًا، ولزمته التكاليف الشرعية، ما يعني اكتمال تحمله للمسؤولية، وترتب النتائج على التصرفات الصادرة منه، لذلك لا بد أن يقوم بدوره في تحمل المسؤولية، ويعوده مربيه على ذلك، حتى وإن أخطأ، فيستشيره مربيه في كثير من الأمور، ويناقشه، ويعمل بقوله إن بدا فيه الصواب.
عاشرًا: مراعاة الرغبة والإقبال في التوجيه إلى العلم والمعارف والمهن: فلا ينبغي للمربين أن يجبروا الأولاد على الالتحاق بما لا يرغبون فيه، أو ما لا يتمكنون من تحصيله لضعف قدرتهم عليه، لأن ذلك يفضي إلى عكس المطلوب، بل يوجهونهم إلى ما تظهر رغبتهم فيه، وقدرتهم على إجادته، والتميز فيه.
جاء في القرآن الكريم ذكر وصايا لقمان الحكيم لابنه، حيث تمثل هذه الوصايا نبراسًا للمربين، ومنارًا للآباء المؤمنين، حيث يقول الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)) سورة لقمان (13-19).
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على صبيان وهم يلعبون، فسلم عليهم. أخرجه أحمد برقم (12724).
وعن عبد الله بن عامر، أنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا وأنا صبي، قال: فذهبت أخرج لألعب، فقالت أمي: يا عبد الله تعال أعطك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وما أردت أن تعطيه؟ " قالت: أعطيه تمرا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما إنك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة ". أخرجه أحمد (15702).
وأخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما، تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كخ كخ) ليطرحها، ثم قال: (أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة). أخرجه البخاري (1491).
وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء : (فكنا بعد نصومه (يوم عاشوراء) , ونصوم صبياننا الصغار , ونذهب بهم إلى المسجد , فنجعل لهم اللعبة من العهن , فإذا بكى أحدهم أعطيناه إياه حتى يكون عند الإفطار). متفق عليه.
وعن أبي أمامة قال: إن فتى شابًّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه. مه.
فقال: " ادنه، فدنا منه قريبا ". قال: فجلس قال: " أتحبه لأمك؟ " قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ". قال: " أفتحبه لابنتك؟ " قال: لا. والله يا رسول الله جعلني الله فداءك قال: " ولا الناس يحبونه لبناتهم ". قال: " أفتحبه لأختك؟ " قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه لأخواتهم ". قال: " أفتحبه لعمتك؟ " قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه لعماتهم ". قال: " أفتحبه لخالتك؟ " قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه لخالاتهم ". قال: فوضع يده عليه وقال: " اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه " قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. أخرجه أحمد (22211).
جاء عن زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهم أنه كان يلقن ابنه التوحيد فيقول: قل آمنت بالله وكفرت بالطاغوت.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " حافظوا على أولادكم في الصلاة، وعلموهم الخير، فإنما الخير عادة ".