التخطيط اللغوي والأمن اللغوي

كتب

عبدالسّلام المسدّي

نبذة

التخطيط اللغوي والسياسية اللغوية مفهومان يحتكمان إلى حيز مشترك من الاصطلاح، ولكن بدوا حديثين نسبيا فإن مضمونهما أقدم بكثير من صيفتهما الاصطلاحية؛ ذلك أن السلطة السياسية التي تتكفل بإدارة حياة الشعوب كانت في كل العهود والأمصار تمارس نفوذها على الظواهر اللغوية قبل أن يتبلور مفهوم السياسة اللغوية ذاته، والتاريخ، البعيد منه والقريب. غني بالأمثلة الدالة.

ولئن اقترن بمفهوم السياسة اللغوية مفهوم التخطيط اللغوي فإن مفهوما ثالثا قد تولد عنهما حتى أصبح ملازما إياهما: ألا وهو مفهوم الحقوق اللغوية، ثم جيء إلى ما تشهده الإنسانية من اندثار عديد الألسنة البشرية وانقراضها من التداول بنسق متسارع في الزمن فانبرى الباحثون يرصدون توقعاتهم الاستشرافية فيقنوا أن القرن الميلادي الذي نحن فيه لن ينتهي إلا ونصف الألسنة البشرية التي كانت مستعملة في مطلعه. ولو في مجموعات ثقافية محدودة. ستكون قد اختفت نهائيا من التداول.

إن العلماء المختصين منزعجون أيما انزعاج من هذا المشهد اللغوي في الواقع الإنساني قاطبة، وبصرف النظر عن دوافع الحنين أو بواعث الحمية فإن هؤلاء العلماء يتحرون لظاهرة الانقراض من موقع العلم الخالص فما من لغة تنقرض إلا وتحرمنا بموتها من اكتشاف نسق محدد ومخصوص من منظومات العقل البشري، حيث تتوائج المقومات اللغوية والنفسية والإدراكية. ثم إن الحجاب بعض اللغات يعطل مشروع علم اللسانيات النظرية في استكمال منظومة الأنحاء الموصلة إلى اكتشاف النحو الكلي.