حضارة المسلمين في قبرص (2)مقالات


المساجد في قبرص:

من أهم المساجد التي كانت كنائس سابقة ترجع للحقبة القوطية والبيزنطية وحُوِّلت إلى مساجد، "مسجد سليمية" (كاتدرائية آغيا صوفيا) في مدينة "نيقوسيا" بعد أن تمت صيانته معماريًّا وإضافة مئذنتين إليه، و"مسجد "لالا مصطفى" (كاتدرائية أغيوس نيكولاؤس) في مدينة "فاماغوستا"، كما يوجد أيضًا بنيقوسيا "مسجد عُمرية" (كاتدرائية ماريا العذراء).

كما يعتبر مسجد "خالة سلطان" (أم حرام)، الذي يقع على شاطئ البحيرة المالحة بمدينة "لارنكا"، أحد أهم المواقع الأثرية في جزيرة قبرص، فضلًا عن أنه يعد المزار الديني الأكثر أهمية للمسلمين في الجزيرة، ويتألف هذا المكان من مسجد وضريح ومئذنة، بالإضافة إلى أماكن للمعيشة لكل من الرجال والنساء، وقد بُني بصورته الحالية في القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، واكتسب مكانةً خاصةً كقبر وكضريح "لأم حرام"، وسُمِّي "خالة سلطان" إشارة لعلاقة النسب التي تربط بين "أم حرام بنت ملحان" رضي الله عنها، والنبي صلى الله عليه وسلم، فهي خالته في النسب والرضاعة.

وقد دفنت "أم حرام" بقبرص أثناء غزو المسلمين الجزيرة عام 28 هـ / 649 م حيث أسقطتها دابتها بعد خروجها من البحر، ونزولها على البر، وقام المسلمون الأتراك ببناء هذا المسجد في البقعة التي دُفِنت بها[1].

وتوجد مجموعة من المساجد الأخرى في نفس الأهمية، يذكر منها "مسجد بايراكتار" (أو حامل الراية)، الذي شُيِّد سنة 1820 م على أسوار مدينة "نيقوسيا" في ذات الموقع الذي سقط فيه "حامل الراية" أثناء حصار العثمانيين لمدينة نيقوسيا عام 1570 م، يُضاف إلى ذلك "المسجد الجديد" أو Yeni Djami الذي بُني على أنقاض كنيسة تعود إلى العصور الوسطى وذلك بمدينة "ليماسول"، وكذلك مسجد "آرابلار" الذي يرجع تاريخ بنائه إلى القرن السادس عشر، والمسجد الصغير المعروف باسم "تحت إلكالي" في أحد أحياء مدينة "نيقوسيا" والذي اتخذ له نفس الاسم، ومسجد قرية "بريسترونا" الذي يرجع تاريخ بنائه إلى القرن الثامن عشر، ويتميز بمئذنته ذات الشرفتين، والتي تعد ثاني نموذج بهذا الطراز في مدينة "نيقوسيا" بعد مسجد "العمرية".

وأيضًا من مساجد القرن التاسع عشر مسجد "ذالي" والذي بُني عام 1837 م، واتخذ اسم "زيا باشا" بأمر من السلطان "عبد العزيز" بعد إعادة ترميمه من قبل الشاعر "زيا باشا" في 1863 م، وكان به مدرسة ملحقة به خصص لها صندوق للإنفاق عليها من قبل "زيا باشا"، بالإضافة إلى مساجد أخرى توجد في مدن مثل "لارنكا" و"ليماسول"[2].

كما يعتبر مسجد "عرب أحمد" أحد طرز العمارة العثمانية الكلاسيكية في القرن الرابع عشر، وبُني تخليدًا لذكرى "عرب أحمد باشا" أحد القادة الأتراك الذين قاموا بغزو جزيرة قبرص، يقع في مدينة نيقوسيا في قبرص الشمالية، ويعتبر مسجد "عرب أحمد" المسجد الوحيد في جزيرة قبرص الذي يتميز بقبابه ذات الطراز المعماري التركي.

وبمقاطعة "بافوس" أكثر من ثلاثين مسجدًا، أغلبها كان كنائس بيزنطية قديمة أحياها المسلمون ببناء مساجد عليها، وإدماج مآذن جانبية على بنائها، من أهمها المسجد في قرية "تيمي" حيث يتفرد ببنائه ذي القبتين، كما توجد عدة مساجد في كل من "خريسوخو" و"بوليس تيس خريسوخوس" و"بيلاثوسا" التي تتميز بطابعها المعماري الخاص.

أما في مقاطعة "فاماغوستا" فبالإضافة إلى مسجد "لالا مصطفى" الرئيسي هناك عدة مساجد أخرى منها مسجد "سينان باشا"، ومسجد "طبق خان" أو مسجد "الدباغين".

وفي مدينة "كيرينيا" مسجد "آغا جعفر" بمئذنته البيضاء ذات الطراز العثماني على شكل قلم رصاص.

وتزخر مدينة "لفكوشا" بعددٍ كبيرٍ من المساجد، منها مسجد "أبليك بازاري"، أُنشئ هذا الجامع في القرن الثامن عشر الميلادي، ونجد حول مدخل قاعة الصلاة به إزاران من الكتابات؛ السفلي مدوَّن عليه تاريخ تجديد الجامع عام 1826 م، على يد والي "لفكوشا"، بينما دوِّن على الإزار العلوي تاريخ ترميم الجامع عام 1899م.

 

المدارس الإسلامية:

ومن أبرز مدارس قبرص "المدرسة الكبرى" التي شيَّدها "السلطان محمود" فيما بين سنتي 1827 و1828 م، يتكون تخطيط هذه المدرسة من صحن أوسط مكشوف مربع، تتوسَّطه حديقة بها بحرة أو ميضأة يسقفها سقف خشبي تتوسطه قبة خشبية ذات نقوش زيتية ملونة، وحول الصحن أربع ظلات تطل على الصحن ببوائك معقودة، ويتخلل الظلة الجنوبية الشرقية مسجد صغير، ويُفتح على

الظلات خلاوى للطلبة تطل نوافذها على الشوارع المحيطة بالمدرسة، تُعرف هذه المدرسة في "قبرص" بالمدرسة الكبرى؛ لوجود مدرسة أخرى تقع إلى الشمال منها تعرف بـ"المدرسة الصغرى".

ومن مدارس "قبرص" الأخرى "مدرسة أحمد باشا العربي"، و"مدرسة الحاج منير أفندي"، ومعظم هذه المدارس مهدمة حاليًّا.

 

الخانات التجارية:

كانت "قبرص" من أهم المحطات التجارية في ساحل البحر المتوسط التي يمرُّ بها التجار المسلمون والروم والبنادقة في طريقهم إلى الموانئ التجارية التي كانوا يروِّجون بها بضائعهم، ونتيجة لهذه الحركة التجارية الرائجة بموانئ جزيرة "قبرص"، أُنشئت العديد من الخانات؛ وهي مراكز لتجمع التجار الزوَّار للمدن الإسلامية.

وفي "نيقوسيا" يوجد عدد من الخانات العثمانية، من أبرزها "الخان الكبير"، يقع هذا الخان في وسط المدينة، شيَّده والي قبرص العثماني "مظفر باشا" سنة 1572 م، وهو يتكون من طابقين، الطابق الأول منهما به حواصل تفتح على الفناء الأوسط للخان، يتقدَّم هذه الحواصل بوائك معقودة، ويتوسط الفناء مسجد، ويُفتح الخان على الشارع بمحلاتٍ، وللخان مدخلان، أحدهما مسدود حاليًّا.

وثاني خانات "قبرص" أهمية "خان القومارجي"، بُني هذا الخان في أواخر القرن السادس عشر الميلادي، وهو يشبه "الخان الكبير" إلَّا أن طابقه الثاني مبني من الخشب وليس من الحجارة كما في الخان الكبير[3].

 

الحمامات العثمانية:

من معالم الحضارة الإسلامية بالمدن المفتوحة الحمامات العامة المخصصة لنظافة أهل تلك البلدان، ويعد "الحمام الكبير" في "نيقوسيا" من أشهر حمامات "قبرص"، ومسقطه يشبه الحمامات العثمانية التقليدية، إلا أن باب مدخله يعود للعهد الفينيسي (البندقي)، ويتكوَّن تخطيط المنطقة الباردة للحمام من دور قاعة وسطى مغطاة بقبة، ويُفتح على الدور قاعة أربعة إيوانات مقبية وأربع غرف ركنية مغطاة بقبابٍ ضحلة، أما المنطقة الدافئة فتتكون من مساحة مربعة مسقوفة بسقف خشبي محمول على عقدين، وهي ظاهرة رأيناها في مساجد قبرص، وتقع المنطقة الساخنة بين المنطقتين السابقتين، وهي تنخفض عن مستوى الشارع بستِّ أقدامٍ وفيها أحواض للمياه الساخنة. كما يُعد "حمَّام أوميرج" الذي يقع اليوم في المنطقة اليونانية من نيقوسيا مشابهًا للحمَّام الكبير من حيث المسقط ما عدا سقف المنطقة الدافئة المغطى بمثمنٍ.

 

• مثلت "قبرص" للمسلمين قاعدة استراتيجية للدفاع عن سواحل بلاد الشام من هجمات الروم البيزنطيين.

• تُمثِّل "قبرص" أكثر جزر البحر المتوسط ارتباطًا بالعالم الإسلامي؛ لوقوعها في المجال الجغرافي الحيوي لدول شرق البحر المتوسط، ومنها مصر وسورية وتركيا ولبنان وفلسطين؛ ولذا ارتبط تاريخها بتاريخ هذه الدول.

• كان الاستعداد لفتح "قبرص" الحافز الأول والبداية المشجِّعة لاهتمام العرب المسلمين بالبحرية العسكرية والتجارية في البحر المتوسط.

• كانت "قبرص" محطة تجارية مهمة لا سيما أنها تقع على خط التجارة: سواحل الشام ومصر وقبرص - كريت - صقلية - الأندلس.

• تشكل المساجد ودور العبادة الأخرى جزءًا لا يتجزأ من تراث الجزيرة، وقد بُني أول مسجد في مدينة "بافوس" في منتصف القرن السابع الميلادي.

• ترك العثمانيون عددًا من المساجد والمدارس الإسلامية، حيث حافظ أتراك الجزيرة على هذه المساجد، وعمروها بالصلاة وطلب العلم بعد خروج العثمانيين من الجزيرة.

• من أهم المساجد بالجزيرة: "مسجد السليمية"، و"مسجد العمرية"، و"مسجد لالا مصطفى"، و"مسجد خالة سلطان"، و"مسجد البيرقدار" أو "حامل الراية".

• من أبرز المدارس الإسلامية بقبرص: "المدرسة الكبرى" التي شيدت عام 1828م، و"المدرسة الصغرى" إلى الشمال منها، و"مدرسة أحمد باشا العربي"، و"مدرسة الحاج منير أفندي".

• أنشئ بنقوسيا عدد من خانات التجار، من أبرزها "الخان الكبير" شيد عام 1572م، و"خان القومارجي" الذي بني أواخر القرن السادس عشر الميلادي.

• يعد "الحمام الكبير" في "نيقوسيا" من أشهر حمامات "قبرص"، إلى جانب "حمام أوميرج" بنقوسيا.

 

[1] المدخل إلى تاريخ الإسلام في الشرق الأقصى، علوي بن طاهر الحداد، عالم المعرفة- جدة، 1405 هـ - 1985 م، صـ14.

[2] دور العبادة الإسلامية في جزيرة قبرص، إشراف: ميخاليس ميخائيل، صـ20.

[3]  المصدر السابق، صـ390.