المسلمون في القرم (أوكرانيا) (2)مقالات


المساجد في شبه جزيرة القرم:

كانت جزيرة القرم عامرةً بالمساجد الإسلامية، حيث كان يوجد في كل بلدة من بلدانها أكثر من مسجد ومصلى، وقد دمَّر الروس أغلب هذه المساجد وحوَّلوها إلى مخازن أو نوادٍ ومتاحف وقت احتلالهم المنطقة.

• وقد كان في القرم آنذاك نحو 21 ألف مَعْلَم إسلامي، بين مسجد ومدرسة وكُتَّاب وأوقاف، وغيرها، تعرض العديد منها للهدم والتخريب.

• وذكر أن السلاجقة بنوا مسجد "بادي شاه" في قلعة سوداك بالقرم عام 1222م، ويعد أقدم مسجد مذكور بني في القرم وأوكرانيا، وقيل: بل أول مسجد في القرم بُنِيَ عام 1287 م وذلك في مدينة "سلخات" Solkhat[1].

• أما مسجد "الخان أوزبك" فقد بُني عام 1314م، وقد أمر ببنائه الخان المغولي "غياث الدين محمد أوزبك" (1283- 1341م) في مدينة "ستاري قرم" بشبه جزيرة القرم، ويعد أقدم مسجد – ما زالت تقام فيه الصلاة - في شرق أوروبا.

• ونجد في عام 1502 م بُنِيَ الجامع الكبير في مدينة "سيمفروبول" عاصمة القرم، وذلك في عهد السلطان "منكلي كراي الأول" (1445 - 1515 م).

• وفي عام 1532 م بُنِىَ جامع "الخان الكبير" في مدينة "بغجه سراي" بالقرم بناه الخان القرمي "صاحب كيراي الأول" (1501 - 1551 م).

• وفي مدينة "إيفباتوريا" بالقرم تم بناء "مسجد الجمعة" بين عامي 1552- 1564م، وقد أهملت السلطات الشيوعية المسجد بين عامي 1944-1962م، وحوَّلوه عام 1985م إلى متحف تحت اسم "متحف تاريخ الأديان والإلحاد"، واستعاده المسلمون عام 1991م[2].

• كما بَنى المسلمون "جامع المفتي" في مدينة "فيادوسيا" بالقرم بين عامي 1623- 1638م.

• ونظرًا لكثرة المساجد والمدارس الإسلامية والأوقاف، كان لا بُدَّ من تنظيم الشؤون الدينية للمسلمين، وما يتبع لهم من أئمة وممتلكات وأمور أخرى، فظهرت ضرورة مُلحَّة لتأسيس إدارة دينية للمسلمين.

مما أدى لتأسيس "الإدارة الدينية لمسلمي تافريدا" (القرم) في مدينة "سيمفروبل"، وهي إدارة سنية تتبع المذهب الحنفي، وتلفظ بالروسية "تافريتشسكوي مغاميتانسكوي درخوفنوي أبرافليني"، بقرار رسمي صادر عن الإمبراطورة "كاترين الثانية" (حكمت 1762-1796م) في 23 يناير من عام 1794م، يترأسها المفتي، وتم تحديد مبلغ ألفي روبل کمخصصات لها من جانب الحكومة، وتعد هذه الإدارة ثاني دار إفتاء تؤسس في روسيا القيصرية بعد "المجلس الديني لمسلمي أورينبورغ" الذي تأسس عام 1788م في مدينة "أوفا"، وكانت الحكومة الروسية تتدخل في عمل هذه الإدارة وإشرافها، وامتد نفوذ هذه الإدارة على مناطق شبه جزيرة القرم وما حولها، والرعايا المسلمين القاطنين في المقاطعات الغربية للبلاد (أوكرانيا وبيلاروسيا وبولندا ودول البلطيق).

• وفي عام 2021 م الماضي، تم تأسيس "مجلس مسلمي أوكرانيا"، أحد أكبر المؤسسات الإسلامية في أوكرانيا.

 

مسلمو القرم بين شقَّي الرَّحا:

سيطرت قوات عسكرية من الاتحاد الروسي على "جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي" في مارس من عام 2014 م، لتدَّعي أن "شبه جزيرة القرم" تعد جزءًا من "روسيا الاتحادية"، وأنها تستعيد "أملاكها الماضية"، إلى جانب أن غزو روسيا "أوكرانيا" في عام 2022 م قد عجَّل بتأزُّم وضع "شبه جزيرة القرم" التي كانت تطمح في السنوات الأخيرة لمزيد من الاستقلال الإداري، والاعتراف بهم كمجموعة محلية ووطنية في شبه الجزيرة وليس كأقلية قومية، إلى جانب إصدار مزيد من التشريعات التي تتعلق بتحسين أوضاعهم، وإعطائهم حقوق الحرية الدينية والاستقلال الذاتي.

وكما كانت "شبه جزيرة القرم" في قديم عهدها موضع عدد من الصدامات والمعارك بين كل من الدولة العثمانية والإمبراطورية الروسية، تتجدَّد تلك النزاعات والصدامات على أرضها بين عدد من القوى الدولية فيما بين الحكومة الأوكرانية وروسيا وحلف شمال الأطلسي، والخاسر الأكبر هم مسلمو القرم الذين هم ضحايا تلك الحروب والنزاعات، والذين يطمحون في استقرار الأوضاع الخاصة بإقليمهم وممارسة شعائر دينهم في سلام.

• كان تتار القرم المسلمون يمثلون أغلبية سكانية في "شبه جزيرة القرم" منذ أن دخلها المسلمون عام 1239 م.

• تكوَّنت بالقرم خانية أو إمارة إسلامية سُمِّيت بـ"خانية القرم" عام 1441 م، كانت محل صراعات ومسرح حروب بين القرميين والعثمانيين من جهة، والروس من جهة أخرى حتى سقطت بيد الروس عام 1783 م.

• في الوقت الحالي يمثل تتار القرم ذوو الأغلبية المسلمة نحو 12 في المئة من سكان شبه جزيرة القرم، ويبلغ عددهم نحو 243 ألف نسمة من عدد السكان البالغ مليوني نسمة في الإقليم.

• تمثل القرم مكانًا حيويًّا بسبب أهميتها الاستراتيجية المتمثلة في تحكُّمها في البحر الأسود وامتلاكها مدخلًا على مضيق البوسفور والبحر المتوسط.

• أهم مدن القرم: "بخشه سراي" و"آق مسجد" و"آقيار" و"يالطا" و"إفباتوريا" و"فيودوسيا".

• كان في القرم قديمًا نحو 21 ألف مَعْلَم إسلامي، بين مسجد ومدرسة وكُتَّاب وأوقاف.. وغيرها، تعرَّض العديد منها للهدم والتخريب.

• يعد وضع المسلمين في إقليم القرم حاليًّا متأزِّمًا للغاية، نتيجة وقوعها في خضم الصراعات الدولية التي تشهدها المنطقة، ويعد مسلمو القرم هم الخاسر الأكبر في تلك الصراعات والتسويات.

 

[1]  Fisher, Alan. “Crimean Khanate”. The Oxford Encyclopedia of the Modern Islamic World. John L. Esposito, editor in Chief . New York: Oxford University Press, 1995, v.1, p. 328.

[2] محطات من تاريخ المسلمين في أوكرانيا، د. أمين القاسم، نشر على موقع أوكرانيا برس بتاريخ 21- 02- 2022 م.