وضع الإسلام والمسلمين في الدانماركمقالات

عبدالحميد سورينسين

المصدر: شبكة الألوكة، 4/ 8/ 2014م، مترجم من اللغة الألمانية.

 

يصف الكاتب "عبدالحميد سورينسين" الذي عمل من عام 2002 إلى عام 2010 في مؤسسة ديكاف، ومنذ عام 2010 يعمل كمدير لمدرسة إسلامية في مدينة "أرهوس" في الدنمارك.

في مقاله هذا: تاريخ المسلمين في الدنمارك ووضعهم الحالي، مشيرًا إلى الخطر المتزايد للإسلاموفوبيا من قِبل الأحزاب اليمنية المتطرفة.

حيث جاء أول المهاجرين المسلمين إلى الدنمارك في بداية الستينيات، وكانت أصولهم من باكستان وتركيا، وكانوا شبابًا أتوا إلى الدنمارك للعمل وإرسال الأموال إلى عائلاتهم في مواطنهم الأصلية.

وكان الكثير منهم يعتقدون أنهم سيقضون فترة قصيرة للعمل في الدنمارك، وبعد ذلك سيعودون إلى مواطنهم وإلى أُسرهم، ولكنهم بدلاً من العودة إلى أوطانهم الأصلية، قرروا جلب أسرهم إلى الدنمارك؛ ليجد الإسلام والمسلمون موطنًا لهم في الدنمارك.

ثم أتى اللاجئون الفلسطينيون والصوماليون وبعدهم المسلمون الأفغان والباكستان، ليتشكل الإسلام في الدنمارك، مثلما هو الحال في العديد من البلدان الغربية الأخرى، من هذه الجنسيات التي كوَّنت قاعدة للإسلام في الدنمارك.

الأوقات الأولى للمسلمين في الدنمارك:

عندما تتحدث مع أول المهاجرين المسلمين إلى الدنمارك، يحكون لك عن البلد التي استقبلتهم جيدًا وأحسنت معاملتهم، وسيخبرونك عن الجماعات المسلمة والعرقية التي ليست لها علاقة ببعض، والتي حاولت تأسيس اتحادات لتتمكن كل جماعة عرقية فردية من ضمان سوء هويتها الدينية أو هويتها الثقافية.

وكانت واحدة من أكبر التحديات التي واجهت المسلمين المهاجرين في الدنمارك: الغذاء الذي يعد شيئًا أساسيًّا؛ حيث إن معظم المهاجرين كانوا معتادين على الأطعمة المنوعة والمتبلة، وكانت التوابل الموجودة بالدنمارك حينها الملح والفلفل فقط، وأيضًا لم يكن يوجد لحم حلال؛ لذلك قرر البعض منهم عدم أكل اللحوم غير المذبوحة على الطريقة الشرعية، والبعض الآخر توصل إلى جزارين يقومون بالذبح على الطريقة الإسلامية، وهكذا بدأ الإسلام يتخذ شكلاً واضحًا في المجتمع الدنماركي.

المساجد والمدارس وروضات الأطفال:

ازدهرت الاتحادات والنقابات الدينية خلال الـ 25 سنة الأخيرة؛ حيث تم تأسيس غرف للصلاة، ومؤسسات للمناسبات الدينية، كما بدأت الطائفة المسلمة تأسيس المدارس الإسلامية، وألحقت بها روض الأطفال والمساجد الحقيقية فيما بعد.

وفي الوقت الحاضر يعمل المسلمون في الدنمارك بعيدًا عن الجماعات العرقية؛ حيث يعملون في المنظمة المركزية للاتحاد الإسلامي في الدنمارك، وتتكون هذه المنظمة من منظمات عربية وتركية وباكستانية وبوسنية وصومالية.

ويسمح للمسلمين في الدنمارك ببناء المساجد والمدارس وروض الأطفال الإسلامية، ويسمح لهم أيضًا بشراء وبيع اللحم الحلال.

وعلاوة على ذلك، فإن الدستور الدنماركي يكفُلُ لكل فرد حرية ممارسة العقيدة الخاصة به.

ازدياد الخوف من الإسلام:

بالرغم من هذا الترحاب بالمسلمين فإنه لوحظ في العشرين عامًا الأخيرة ازدياد المواقف السلبية تجاه المسلمين، وهذه المواقف العدائية ترجع إلى عقود من سياسة الاندماج الفاشلة، وإساءة استخدام مشاكل الاندماج للتحريض السياسي من قِبَل المتطرفين اليمينيين لكسب المزيد من السُّلطة.

وقد نجح "حزب الشعب الدنماركي" من خلال وضع مصطلحات كالإرهاب والزواج القسري والاضطرابات الاجتماعية والاندماج الفاشل بوضع صورة عدائية للإسلام.

وحاول اليمين المتطرف حظر ارتداء الحجاب للمسلمات، ومنع اللحم الحلال، وإعاقة هجرة المسلمين إلى الدنمارك، ومنع بناء المساجد وغيرها من المؤسسات الإسلامية كالمدارس وروض الأطفال، وبشكل عام فإن لغة الخطاب التي يستخدمها أعداء الإسلام والمسلمين تهدف إلى التنديد بالمسلمين، وإثارة التحيز والأحكام المسبقة.

انقسام المجتمع الدنماركي:

أشارت دراسة أجريت حديثًا إلى أن نصف السكان في الدنمارك ضد ارتداء الحجاب، إلا أن النصف الآخر يرى ضرورة السماح للنساء المسلمات بارتداء الحجاب، وهذا ما يجعل المجتمع منقسمًا إلى قسمين فيما يخص الإسلام والمسلمين.

هناك العديد من المواطنين الدنماركيين الذين يحسنون معاملة المسلمين ويعاملونهم مثلما يعامل المواطنون الدنماركيون بعضهم البعض، وبالرغم من ذلك عندما يصبح "لحزب الشعب الدنماركي" تأثير سياسي حاسم سيعيش المسلمون وقتًا صعبًا، ومن الممكن أن يسوء الموقف العام تجاه المسلمين والإسلام، وكذلك أيضًا الحقوق السياسية والاجتماعية.

وتشير خبرة السنوات العديدة مع كبار اليمينيين المتطرفين الدنماركيين إلى أن الأحكام المسبقة تزداد بصورة متزايدة.

كما أن نسبة متزايدة من سكان الدنمارك يعتبرون المواطنين المسلمين عبئًا بدلاً من اعتبارهم موردًا أو مصدرًا.