• أسَّس المغول "أستراخان" إلى جوار مدينة "أتيل" ببلاد الخزر، وكان اسمها القديم (الحاج طرخان). • ذكرت المدينة لأول مرة في 1333 م، وشكلت في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي أحد المراكز التجارية والسياسية للقبيلة الذهبية. • أعيد بناء "أستراخان" بعد تدمير "تيمورلنك" لها، وشكَّلت عاصمة "خانية أستراخان" حينما تولَّى أمرها الحاكم "جوكوس" سنة 842 هـ (1438 م). • حاصرها "إيفان الرابع" وأحرقها عام 1557 م لتقع في قبضة الرُّوس، وتنتهي سيطرة المسلمين عليها. • وصل الإسلام مناطق نهر أتيل (الفولجا) بواسطة التجار المسلمين الدُّعاة الذين كانوا يجوبون المنطقة منذ القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) ونتيجة لحركة التجارة خلال هذه المنطقة. • شكَّلت "أستراخان" مع غيرها من بلدان نهر الفولجا أساس حضارة إسلامية رائدة أيام حكم خانات "القبيلة الذهبية". • اتخذ الرُّوس سياسات هدم منظمة لأسس المجتمع المسلم في إمارات الفولجا كقازان وأستراخان، تعتمد على التنصير ونفي الدعاة المسلمين، واغتيال القادة السياسيين المسلمين. • ما زالت روسيا تحتل أستراخان لأهميتها الاستراتيجية؛ حيث تقع المدينة على تقاطع الطرق التجارية القديمة بين أوروبا وآسيا، إلى جانب غناها بالثروات الطبيعية والبحرية. |
نبذة عامة عن مقاطعة أستراخان:
مقاطعة "أستراخان" هي الآن إحدى مدن روسيا في الكيان الفدرالي الروسي "أستراخان أوبلاست"، توجد في دلتا نهر الفولجا إلى الشمال مباشرة من بحر قزوين، وإلى شمالها مقاطعة "فولجا جراد"، وفي جنوبها الغربي والغرب جمهورية "كالميك"، وفي الشرق جمهورية "كازاخستان"، وتبلغ مساحتها 44 ألف كيلو متر مربع، وعاصمتها "أستراخان" المدينة المشهورة في تاريخ مغول "القبيلة الذهبية"[1] وكان اسمها السابق "الحاج طراخان"، وسكانها يزيدون على مليون نسمة - حاليًّا - ثلثهم تقريبًا من المسلمين، وهم خليط من التتار والكالميك والرُّوس وغيرهم.
وأرض أستراخان تمتد على شكل شريط بين الشمال والجنوب على جانبي نهر الفولجا، وأرضها بصفة عامة مستوية وتنخفض عن مستوى سطح البحر، وتنتشر بها البحيرات[2].
نشأة أستراخان:
أسس المغول "أستراخان" إلى جوار مدينة "أتيل" ببلاد الخزر، وكان اسمها القديم (الحاج طرخان)، وحقيقة اسمها أن أحد الحجاج الأتراك الصالحين نزل بموضعها، وحرر له سلطان تتار الفولجا رقعة ليسكن فيها بدون مكوس أو ضرائب، وهذا معنى لفظ "طرخان"؛ لذا كثر فيها نزول الحُجَّاج من تلك المناطق، وأصبحت مدينة كبيرة يقيم فيها سلاطين التتار في الشتاء؛ لأنها تقع على بحر قزوين على مصب نهر الفولجا.. وتعتبر دافئة نسبيًّا[3].
وقد ذُكِرت المدينة لأول مرة في 1333 م، وشكلت في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي أحد المراكز التجارية والسياسية للقبيلة الذهبية.
وقد نهب "تيمورلنك" المدينة في 1395 م، وأُعِيد بناؤها وشكلت عاصمة "خانية أستراخان" حينما تولى أمرها الحاكم "جوكوس" سنة 842 هـ (1438 م)، وانفصل عن أقاربه الذين كوَّنوا أيضًا "خانية قازان" و"خانية القرم"، وبقيت في سلالته وخلفائه، وفي 1547 م استولى خان "خانية القرم" "صهيب غيراي" على المدينة، ثم حاصرها "إيفان الرابع" وأحرقها عام 1557 م لتقع في قبضة الروس، وتنتهي سيطرة المسلمين عليها.
كيف وصل الإسلام أستراخان؟
• تشكل أستراخان جزءًا من إقليم حوض نهر الفولجا؛ حيث يقع مصَبُّ هذا النهر في شمال بحر قزوين حيث تقع على هذا المصب مدينة "الحاج طرخان" (أستراخان) التي وصفها لنا "ابن بطوطة" في رحلته التاريخية التي بدأها سنة 715 هـ (1314 م)؛ مما يُدلِّل على أنها منذ نشأتها كانت مدينة إسلامية، ويمتدُّ هذا النهر بروافده المختلفة ليشكل قلب روسيا، وتقع عليه مُدُن "قازان" و"جوركي" بل و"موسكو" ذاتها.
• وقد وصل الإسلام مناطق نهر أتيل (الفولجا) بواسطة التُّجَّار المسلمين الدُّعاة الذين كانوا يجوبون المنطقة منذ القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) ونتيجة لحركة التجارة خلال هذه المنطقة، حيث كان هذا الطريق التجاري يعرف بطريق الفِراء؛ لأن المسلمين كانوا يحملون الفِراء من شمال بلاد بلغار الفولجا ويبيعونها بعد ذلك في مختلف مناطق آسيا حتى الصين، هذا إلى جانب تجارة الحرير المعروفة الممتدة من الصين شرقًا وحتى البحر الأسود غربًا، سرعان ما انتشر الإسلام حتى بين الملوك، ويدُلُّ على ذلك ما ذكره "ابن فضلان" في "رسالته التاريخية" في وصف رحلته إلى بلاد الترك والرُّوس والصقالبة، والتي كانت بناءً على دعوة من ملك بلاد بلغار الفولجا "ألمش بن يلطوار" إلى الخليفة العباسي "المعتمد" يطلب منه علماء ومرشدين لبلاده؛ حيث أسلموا ويحتاجون لمن يُعلِّمهم دينهم، كما يطلب منه مهندسين وخبراء عسكريين ليصنعوا لهم استحكامات عسكرية؛ حيث إنهم محاطون بأُمَّة همجية كافرة شديدة البأس (الروس أو الخزر)، وكان ذلك في 309 هـ (921 م)، ويصف "ابن فضلان" المدن الواقعة على نهر الفولجا وإسلام أهلها[4].
• ويمكن التأكيد أن نهر الفولجا كان نهرًا إسلاميًّا خالصًا بداية القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، وكان أهله يعيشون في سلام حتى ظهر المغول في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي)، وبدأوا في اجتياح المناطق المجاورة لهم، ثم دخلوا في الإسلام، وكان من أبرز ملوكهم "باتو خان" - حفيد جنكيز خان - مؤسس دولة "ألتون أورده" الإسلامية العظيمة أو "القبيلة الذهبية"، ونتيجة للخلافات بين أمرائها انقسمت إلى عدة دويلات وذلك منذ سنة 482 هـ (1438 م) كان من أبرزها "خانية أستراخان" التي كانت دولة إسلامية ذات رخاء اقتصادي، استطاعت أن تبسط سيادتها على المقاطعات الروسية الحالية وهي "سمارا" و"ساراتوف" و"ستافرابول" في شمال القوقاز[5].
[1] خَانِيةُ القَبِيلَةِ الذَّهَبِية أو دَولَةُ مَغُولِ القَفجَاق أو دَولَةُ مَغُولِ الشمَالِ أو القَبِيلَةُ الذَّهَبِيةُ، هي دولةٌ قامت بدايةً كإحدى خانيات إمبراطورية المغول، واحتلَّت الرٌّكن الشمالي الغربي منها، أسسها "باطو بن جوجي بن جنكيز خان"، وشغلت منطقةً واسعةً في بلاد القفقاس، تمتد من نهر إيرتيش شرقًا إلى أرض البلغار والفولجا غربًا، ومن روسيا وبلاد الصقالبة شمالًا إلى الدولة الإلخانية في إيران وآسيا الصُّغرى، بِالإضافة إلى بلاد ما وراء النهر وتُركستان في الجنوب، توسَّعت هذه الخانية التي كانت تتركَّز حول نهر الفولجا، فامتدت غربًا حتى وصلت إلى جبال الكربات عبر روسيا وبولونيا والمجر وساحل دلماسيا، وبنى "باطو" مدينة "سراي القديمة" على نهر الفولجا في مُنتصف الطريق بين مدينتي ڤولكوكراد وأستراخان المُعاصرتين، واتَّخذها عاصمةً له، ثُمَّ بنى السلطان "بركة خان" "سراي الجديدة" في المنطقة نفسها واتخذها عاصمةً لِدولته.
[2] الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي، مج 14، منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1419 هـ - 1999م، صـ313.
[3] المسلمون في الاتحاد السوفيتي عبر التاريخ، د. محمد علي البار، دار الشروق للنشر والتوزيع، 1983م، صـ110.
[4] رحلة ابن فضلان إلى بلاد الترك والروس والصقالبة، أحمد بن فضلان، دار السويدي- أبو ظبي، 2003 م، صـ75-100.
[5] إقليما سمارا وأستراخان، مشاهدات وأحاديث عن المسلمين، محمد بن ناصر العبودي، 1420 هـ - 2000 م، صـ79.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.