المصدر: هولندا اليوم.
كم يبلغ تعداد المسلمين في هولندا؟
يعيش في هولندا اليوم حوالي مليون مسلم وهم يشكّلون ما نسبته (5.1) من إجمالي عدد السكّان في هولندا، ويأتي الدين الإسلامي كثاني أكبر دين في البلاد بعد النصرانية، وقد بدأت العلاقة بين الإسلام وهولندا منذ وصول التجّار المسلمين اللذين كانوا يجوبون البحار بحثاً عن البضائع حتّى وصلوا المدن التجاريّة الهولنديّة مثل أمستردام وروتردام، وبقي عدد من التجّار المسلمين في المدن الكبرى مثل أمستردام وروتردام، وكان نتيجة ذلك ظهور أماكن خاصّة بالعبادة كانت عبارة عن غرف صغيرة لا تشبه المسجد من ناحية الشكل ولكنّها كانت تستخدم في العبادة من قبل أفراد الجالية المسلمة.
وفي القرن السابع عشر الميلادي الذي كان يسمّى في هولندا العصر الذهبي تعززت هذه العلاقات من خلال الحرب المشتركة بين الدولة العثمانيّة وهولندا من جهةٍ والإسبان من الجهة الأخرى، كذلك من خلال تأسيس شركة الهند الشرقيّة الهولنديّة التي كانت تنظّم تجارة التوابل ومساهمة هولندا فيها حيث كان الإسلام منتشراً في الهند في تلك الفترة.
في التعداد السكّاني الهولندي للعام (1879) كان الظهور الأوّل للمسلمين في هولندا حيث ذكر التقرير وجود (49) شخصاً وكانوا عبارةً عن 13 رجلاً و36 امرأة، وذلك في مدينة دنهاخ، ومن المتوقّع أنّ هؤلاء كانوا من سكّان المستعمرات الهولنديّة مثل إندونيسيا وسورينام اللتين كان الإسلام منتشراً في تلك الفترة في مجتمعاتهما.
وبعد الحرب العالميّة الثانية ازداد عدد المسلمين في هولندا بقدوم (المولوكان) وهؤلاء كانوا جنوداً في الجيش الملكي الشرقي الهولندي في مستعمرات إندونيسيا وسورينام عند استقلال تلك الدول وفضّل هؤلاء القدوم إلى هولندا والعيش فيها على البقاء هناك.
في العام (1960) بدأ المهاجرون المغاربة والأتراك بالقدوم إلى هولندا وذلك لحاجة هولندا إلى يدٍ عاملةٍ لإعمار البلاد بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانية، ويوجد في هولندا الآن حوالي (350) الف من أصولٍ مغاربيّةٍ و(300) ألف من الأصول التركيّة ويوجد كذلك خليط من جنسيّات أخرى مثل سورينام وإندونيسيا. ومع بداية التسعينات هاجر قسمٌ من العراقيين إلى هولندا وفي العام (2014) وصل عددٌ كبير من أبناء سوريا نتيجة الحرب هناك إلى هولندا ويقدّر عددهم بـ70 ألف مهاجر.
ويسكن أغلب المسلمون في هولندا في المدن الرئيسيّة مثل أمستردام وروتردام ودنهاغ وأوتريخت، والتي تعتبر المراكز الأساسيّة للعمل.
بعد قدوم أبناء الجاليتين المغربيّة والتركيّة إلى هولندا وقضائهم وقتاً طويلاً في إعادة بناء ما دمّرته الحرب العالميّة الثانية تمّ إصدار قانون يسمح لهؤلاء الأشخاص باستقدام عائلاتهم التي تركوها هناك وبذلك أصبحت هولندا مكاناً مناسباً للاستقرار العائلي بسبب وجود فرص العمل الكثيرة وقدوم العائلة إليها.
المدارس الإسلاميّة في هولندا :
في العام (1985) ونتيجة ازدياد عدد السكّان المسلمين في هولندا قرّرت وزارة التعليم الهولنديّة إدخال مقرر جديد في الدراسة الابتدائيّة تحت عنوان (العقائد الحاليّة) الذي كان يعتبر المدخل لدراسة العقائد الدينيّة الموجودة في هولندا ومن ضمنها الإسلام، ونتيجة خوف الجالية الإسلاميّة على أبنائها من نظام التعليم الموجود في هولندا بدؤوا العمل على بناء مدارس إسلاميّةٍ تهتمّ بتعليم المبادئ الدينيّة الإسلاميّة بجانب العلوم الأخرى لتصبح تلك المدارس الخيار الأوّل لأبناء الجالية المسلمة في هولندا بهدف الحفاظ على قيم المجتمع الإسلامي للأجيال الجديدة من أبناء المهاجرين إلى هولندا.
في العام 1990 كان هناك (13) مدرسة ثمّ ازداد العدد في العام 1993 إلى عشرين مدرسة، كذلك كانت تدار دروس اللغة العربيّة ومبادئ الدين الإسلامي في مدارس صغيرةٍ ملحقةٌ بالمساجد وتقول الإحصاءات أنّ (80%) من أبناء الجالية التركيّة يذهبون إلى تلك المدارس لتلقّي التعليم الديني الأساسي.
جودة التعليم في المدارس الإسلاميّة :
المدارس الإسلاميّة هي مدارس تعليم ابتدائي عاديّة ولكنّها تعطي مساحةٌ أكبر للتعليم الديني حيث تقام الصلاة ويسمح للطلّاب بالصيام ويتلقّون المبادئ الإسلاميّة وقد ارتفع عدد الطلّاب المنتسبين إلى هذه المدارس بنسبة (60%) في السنوات العشر الماضية.
وقد تصدّرت المدارس الإسلاميّة في هولندا قائمة المدارس الأكثر نجاحاً في البلاد للعام الخامس على التوالي وفي تقريرٍ أجرته قناة (RTL) جاءت مدرسة (البخاري) الإسلاميّة في (ليردام) بالمرتبة الخامسة من 6 آلاف مدرسة في هولندا. بينما جاءت (الحديث) في ماستريخت في المرتبة التاسعة، ومدرسة (بلال) في أمرسفورت في المرتبة العاشرة، ويوجد في هولندا الآن 53 مدرسة إسلاميّة يدرس فيها 12500 طالب، ومن ناحيته فقد صرّح رئيس اتّحاد المدارس الإسلاميّة في هولندا (كوكهان شوبان) أن التلاميذ في المدارس الإسلاميّة يدرسون القيم والأخلاق والاحترام وأنّ المطلوب من الجميع الاندماج بالمجتمع الهولندي وفق التقاليد الإسلاميّة.
المساجد في هولندا :
في بداية السبعينات كانت أغلب المساجد في هولندا عبارة عن "كراجات" قديمةٍ وأماكن سكن غير مأهولة، وذلك لاعتقاد المسلمين في هولندا أنّ وجودهم كان مؤقتاً وكذلك نتيجة الخلافات بين الجمعيّات الدينيّة المحليّة التي كانت موجودةً وقتها، وفي العام (1975) نجح المسلمون بتشكيل منظّمة المسلمين الفيدراليّة، وفي العام (1981) تأسس مركز المعلومات الإسلامي (MIC) في دنهاخ وتمّ إصدار مجلّة (القبلة) التي بدأت تعرف الهولنديين على الجالية المسلمة على أساس أنّهم جزء من المجتمع الهولندي...
بعد ذلك بدأت المساجد بالانتشار مع زيادة أعداد السكّان المسلمين وحاجتهم لإداء العبادات حيث تنوّعت تصاميم المساجد وأحجامها حسب أفراد الجالية المسلمة الذين يقيمون في الجوار.
يوجد في هولندا الآن 500 مسجد، من ضمنها مائة مسجد تمّ بناؤها على طريقة التصاميم الإسلاميّة مع مآذن، ولا يسمح في هولندا بخروج صوت الآذان عبر مكبّرات الصوت، ويعتبر مسجد السلام في مدينة روتردام أكبر المساجد في هولندا، بينما مسجد مولانا الذي تمّ بناؤه في العام (2006) في نفس المدينة حاز على لقب أجمل مبنى في المدينة في ذلك العام حيث يقع جانب محطّة القطار ويبلغ ارتفاع المئذنة 42م.
وقد استفادت الجاليات المسلمة من المساجد بشكل كبير حيث تحوّل المسجد إلى مركز إسلامي متكامل فهناك في المساجد الكبيرة صفوف دراسيّة ملحقة تقوم بتعليم مبادئ الشريعة للأبناء، وتحتوي بعض المساجد على نشرات دوريّة تشرح أحوال الجالية وهناك مكتبات تضمّ الكثير من الكتب الإسلاميّة التي قد يحتاج المرء للاطلاع عليها، وكذلك تقيم المساجد النشاطات الاجتماعيّة والرحلات للأطفال بهدف تشجيعهم على ارتياد المساجد، والعديد من النشاطات الأخرى التي تساهم في تقريب أبناء الجاليات المسلمة من بعضهم.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.