المصدر: مجلة الوعي الإسلامي – السنة الثالثة – العدد 31 – غرة رجب 1387 ه – 5 اكتوبر 1967 م – (ص57 – 61).
روى الإمامان أحمد ومسلم وغيرهما من أئمة الحديث عن قتادة قوله صلى الله عليه وسلم (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) وعن أبي سعيد الخدري وصححه الحاكم قال: قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعتين». وهناك أحاديث عدة في الموضوع، وإن لم تبلغ درجة الصحيح، فهي مع ما صح من الأخبار تشد النظر بقوة إلى أهمية هذه السورة، وبالتالي تدفع المفكر إلى التأمل طويلا في طواياها، ليستطيع الجواب على هذه الأسئلة: لماذا خصت سورة الكهف بهذا الفضل؟ لماذا كان لها هذا الأثر في عصمـة المؤمن من أكبر الفتن؟ ما السر في صيانتها للمؤمن من ظلمة الزيغ ما بـين الجمعتين.. لماذا؟... ولماذا؟
بهذه الحوافز وجدتني مدفوعا إلى تـلاوة السورة بـروح جديدة، وعلى صورة أكثر دقة مما ألفت، كالذي يقع على مخطط يحدد مكانا لكنز عظيم، فيمضي مع إشارته حتى يصل إلى طلبته! وهاأنذا أعرض لأذن السامع، وعـين القارئ بعض ما وفقني الله إليه من هذا الخير، الذي أرجو أن يساعدهما يستكشفاه بنفسيهما، ليقرءا ما يقرآن وهما على نور من ذلك النور، الذي وصفه منزله الحكيم بقوله الكريم: ((کتاب أنزلناه إليك لتُخرج الناس من الظلمات إلى النـور..».
وطبيعـي أن أقتصر من السورة على الجانب القصصي، انسجاما مـع موضوع الأحاديث، ففيه ما يكفي لإثارة شهوة المعرفة في نفس القارئ والسامع فلا يكتفيان مختارين بما اكتفيت به مضطرا، بل يكون ذلك حافزا لهما على تتبع الجوانب الأخرى حتى يظفرا بالحظ الوفير من ذلك الكنز الالهي الكبير لقد ساق الله تبارك وتعالى في سورة الكهف عددا من الأمثال والقصص متفاوتة الحجم، ولكل منها مغزاه المثير، وإيحاؤه البعيد، فهناك قصة أصحاب الكهف التي بها سميت السورة، ثم قصة صـاحـب الجنتين، ثم قصة موسى والخضر، وأخيرا قصة ذي القرنين.
ونبدأ الآن بأولى هـذه الأربع، فهي تبدأ من الآية الثامنة وتستمر حتى السادسة والعشرين أحد الأجوبة الثلاثة على الأسئلة التي جاء بها كفار قريش عن أحبار اليهود وهي ليمتحنوا بها ـ في زعمهم ـ صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : وخلاصة القصة أن فتيانا من المؤمنين قد هداهم الله إلى الحق، فخرجوا على شرك قومهم، ثم هربوا بدينهم من الفتنة فلجؤوا إلى غار في أحد الجبال، وهناك ألقى الله عليهم وعلى كلبهم معهم النوم لمدة ثلاثمائة وتسع سنوات قمرية ولما شاء سبحانه وتعالى أن يظهر أمرهم ردهم إلى اليقظة، فجعلوا يتساءلون بينهم عن الزمن الذي استغرقه نومهم، فلم يزيدوا في تقديره عن يوم أو بعض يوم.. ثم أرسلوا أحدهم إلى المدينة ليأتيهم بطعام يسدون به جوعهم، وأوصوه بالتخفي والتلطف حذرا من أن يطلع قومهم المشركون على أمرهم فيوقعوا بهم، أو يكرهوهم على العودة إلى ملتهم التي أنقذهم الله من ظلماتهـا ولكـن سرعان ما تنبه الناس إلى أمرهم، وبذلك تتم العبرة التي شاءها الله من الأعجوبة، وهي توكيد وعد الله بإمكان البعث بعد الموت، ليستعد عباده لأداء الحساب على ما كسبت أيديهم، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.. ثم تنتهي بموت الفتية وإقامة مسجد على قبورهم..
ولكي نلم بموحيات القصة يحسن بنا أن نرجع إلى بعض التفاصيل التي أوردها ثقات المفسرين، فقد أجمع العديد من مفسري السلف والخلف على أن هؤلاء الفتية كانوا من علية القوم جاها ونفوذا، وقد امتازوا كما يفهم من سياق القصة بشيء غير قليل من النباهة والثقافة، والتطلع إلى الحق، مما أفضى بهم إلى التحرر من ضـلالات الشرك، الذي وجدوا عليه قومهم.. وهكذا جمعتهم وحدة الاتجاه فاتخذوا لأنفسهم مكانا يعبدون الله فيه سرا، ولكن أمرهم لم يلبث أن انكشف، ووصل إلى الملك الغاشم فاستقدمهم واستجوبهم، وحاول جاهدا ثنيهم عن طريقتهم المثلى، ولما يئس من استجابتهم خلع عنهم حلاهـم وجردهم من مراتبهم، ثم أعطاهم مهلة يراجعون خلالها عقولهم، فإما أن يثوبوا إلى دينـه، أو يستقبلوا الموت جزاء على تمردهم وفي هـذه الأثنـاء وجدوا فرصة للفرار من الفتنة، فلجأوا إلى ذلك الكهف الذي شهد بقيـة أحداثهم! وسنتمتع أثناء تلاوة القصة الإلهية بصور تتجاوز حدود الروعة في عرض رعاية الله للفتية، وموضعهم من الكهف، وحالـة كلبهم ومكانـه، وترتيب انسياب الأشعة إلى مهجعهم!
لقد شاءت حكمة الله أن يكون باب الكهف من نحــو الشمال، ليتـاح للشمس أن تمدهم من ضوئها وحرارتها بالقدر الضروري، للحفاظ على عملية الحياة في أجسامهم، وذلك قبيل الزوال وبعده، ولو انحرف الباب إلى أي اتجاه آخر لاختل التوازن، ولاستحال بالتالي استمرار الحياة: (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال). وأحكم وضع أجفانهم على نحو يساعد على مرور الهواء على الأحداق، فلا تتعرض للبلي.. (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود..) وحماهم من التآكـل بتقليبهم ذات اليمين وذات الشمال فمنع بذلك الأرض من إتلاف أجسامهم.. وقد أفرغ عليهم في هذا الوضع ستارا من المهابة يحول بينهم وبين اقتحام الناس لمضجعهم، فلا يدنو أحد منه إلا ولی فرارا وملئ رعبا! ولعل في وضع كلبهم، وهو باسط ذراعيه في مدخل الكهف ما ضاعف هذه المهابة قوة وإيحاء...
وإلى جانب هذه الصورة التجسيمية صور أخرى نفسية تبرز الأغوار البعيدة من صدور هؤلاء الفتية، فترى تصميمهم الصارم على التشبث بالحق، وتحمل كل تبعة في سبيله (ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها..) ونسمع تحديهم لضلالات الخصوم: (.. هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهـة.. لولا يأتون عليهم بسلطان بين...! فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا)!! ونلمس إيثارهم ظلمة الكهف مع نور الحق على متاع الدنيا ورفاهيتها مع حلكة الباطل، ولكنه إيثـار مشحون بالثقة في رعايـة اللـه ونصرتـه: (وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته، ويهيء لكم من أمركم مرفقا..) وتشدنا العبر من هنا وهناك فإذا نحن أمام طائفة من التوجيهات الربانية لا غناء للقلب المتفتح للحق عن أي منها.. فهناك التذكير بأن الحياة في حقيقتها البعيدة ليست سوى مرحلة ابتلاء، فلا ينبغي لزينتها الزائلة أن تصرف العقلاء عن التفكير والتدبير لما وراءها من حياة هي دار القرار: (إنا جعلنا ما علـى الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا.. وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا).
ثم هنـاك العبرة التي تربط القلب بحقيقـة البعث، وهي القضية التي عجزت عن تخيلها العقول، ويتوقف على الإيمان بها سلوك الإنسان بأجمعه في هذه الدنيا، ونوع مصيره فيما بعدها تتجلى للقارئ في القصة كيانا ماثلاً يجمع بين الروح والجسد، وفي صورة من الحياة لا تستعصي على قدرة اللـه عز وجل.. وبذلك يجد القارئ المتدبر نفسه مدفوعا بكل ما وسعه من جهـد إلى تدارك أمره، بالعمل الذي من شأنه أن يساعد على تحسين مصيره الآخر.. وبالإضافة إلى هذا كله نتعلم من توجيهات القصة كيـف نقتصد في قوانـا الفكرية، فلا نبددها في ظنون لا طائل من ورائها كما يفعل أولئك الذين يتجادلون في عدد أهل الكهف، وفي أسمائهم، وفي اسم كلبهم! وما إلى ذلك مما لا يعلمه إلا الله، ولا حصيلة له سوى إضاعة الوقت والانشغال بالجدل الفارغ عـن عبرة ة الحديث وموحياته.. (قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل.. فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا..) وللتعبير القرآني المعجز في هذه القصة نماذج فائقة التأثير، نتعلم منها كثيرا من الأسرار التي أودعها الله الكلمة القرآنية، فنتدرب خلال ذلك علـى استعمال اللفظ كرمز تصويري لإبراز المعاني البعيدة..
أنعم (1) النظر في قوله تعالى: (فضربنا على آذانهم في الكهف سنـين عددا..) ثم اسأل قلبك وعقلك: لماذا استعمل الضرب هنا مكان الإنامة! إنه يريد إخبارنا بأنه حكم في فتيان الكهف سلطان النوم، فقطعهم به عما حولهم من الأحياء والأشياء.. ولكنه بدلا من الأداء المباشر عمد إلى الكناية، فأرانـا سدا مبنيا من السنين.. قد شيد حول آذانهم فحال بينهم وبين ما وراءه! ثم زاد على ذلك تحديد السنين، فهي ذات عدد معين، قدره بحكمته ثلاثمائة سنة بالحساب الشمسي، وتزيد تسعا بالحساب الهلالي..[1]
ثم اصغ إلى قوله – سبحانه - الآخر: «وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها..» فهل سألت نفسك قبل اليوم: كيف حدث هذا الربط؟ ولماذا نفى الفعل بلن بدل لا! وما الصـلة بين الربط ولن هذه...؟ ولكي تدنو من مدلول التعبير الإلهي هنا تصور وعاء تربط فوهته، فتحفظ ما فيه من النقص، وتصون مضمونه من الاختلاط بأي شيء من خارجـه وهي هكذا حفظ الله للفتيـة ايمانهم الخالص، فصـانه من الضعف، وابعد عنـه الشوائب التي من شأنها أن تشوه جمال التوحيد! ومن هنا كان النفي بلن كحكم قاطع بتأييد هذه العزيمة، عزيمة التحرر من كل آثار الشرك دلالة لا تقوم بأي حرف من أحرف النفي الأخرى ولزيادة الايضاح تصور أنك دعیت لمواجهة أحد الناس فقلت: (لا أذهب) فهل يعني ذلك أكثر من انـك الذهاب حال الكلام؟ أما حين تقول (لن أذهب) فإنك تؤكد تصميمك ترفض على الرفض البات أبدا..
والآن اقرا معي هذا التعبير القرآني العجيب: «وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشِّمال وكلبهم بـاسـط ذراعيـه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا..». فهنا إطار واحد ضم عدداً من الصور في تقسيم لا إحكام كإحكامه، صورة رجال يجمعون هيئة اليقظة عددا وحقيقة النوم، ثم صورة تقليبهم من شمال إلى يمين، ثم من يمين إلى شمال ثم صورة كلب مفترش مدخل الغار، كأنه يراقب حركة الخارج، فهو يتأهب للقيام بمهمته الدفاعية عند الحاجة! وأخيرا نظرة شاملة إلى الإطار وقد تحدد في ذهنـك مضمونه بجميع تفاصيله.. فماذا ترى؟ وماذا تحسس؟ المهابة التي تملـؤك بالرعـب وليس بعد الرعب إلا الفرار! وهناك طائفة من اللمحات ذات الأغوار البعيدة، لا ينبغي أن يفوتنـا ملاحظة بعضها عن كثب لقد شاء الله جل شأنه أن يرد الفتية إلى اليقظة فأول ما خطر في بالهم أن يعرفوا حدود الزمن الذي قضوه في تلك الغفوة، وهكذا انطلق أحدهم يسال: كم لبثتم؟
إنه يسأل نفسه ويسأل رفاقه عن المدة المقضية.. فيأتيه الجواب من الجميع ولعله هو أحدهم: «لبثنا يوما أو بعض يوم..». لقد اختلط في أذهانهم حساب الزمن، فهم لا يستطيعون له تحديدا ولكنهم على أي حال لا يتصورونه فوق اليوم: وهذا يذكرنا بقوله تعالى: (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة).. وقوله الآخر: «كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار..» والجامع بين هذه الأجوبة كلها هو الشعور بقصـر الحيـاة، وضيـق المساحة بين مبادئها ونهاياتها.. وهو شعور طبيعي يتأتى من الانفصام بـين الإدراك ومجرى الأحداث، فإذا عاد النائم أو الميت إلى الوعي اقترنت في ذهنه لحظتا اليقظة فوق فجوة الزمن، فخيل إليه أن الوقت المنقضية بين اللحظتين دون حقيقته بكثير! وهو تصور لا يقتصر على ما بين اليقظتين فحسب، بل ينسحب أيضا على تقويم زمن الحياة الأولى كله.. ذلك لأننا ذلك لأننا في العادة نتلقى أحداث حياتنا شيئا بعد شيء، فنزنها بحركة الأحداث، وبذلك نستشعر طولها وثقلها، ولكننا عندما نعيد النظر في حصيلتها جميعا يتضاءل ذلك الامتـداد، ويصبح في ادراكنا شيئا صغيرا.. تماما كما يحدث للناظر إلى عداد الماء أو الكهرباء وهو يتحرك تحت جريان التيار، فيحس بطأه، وامتداد زمنه، ولكن هذا البطء وذلك الامتداد سرعان ما يزولان عندما ينتهي المؤشر إلى غايته، اذ نرى حصيلة الحركة مجموعة كلها تحت أعيننا! ذلك هو التعليل النفسي لتفاوت الشعور بقيمة الزمن.. ولكن ثمة نتيجة روحية عليها يتوقف مفهوم التعبير القرآني في هذا المضمار، فاذا كان زمن الحياة وما يعقبها مما يسبق البعث، لا يتجاوز في إدراكنا مقدار الساعة، التي يراد بها الجزء الصغير من الزمن دون تحديد بعدد الدقائق، إذا فمن الإسراف بل مـن الجنـون أن نضيعها في الغفلة والمعصية والبعد عن سبيل الله! ومن خلال هذا التصور نطل على مضمون التعقيب الذي يرسله أولئـك الفتية أثر تساؤلهم عن مدة اللبث، إذ (قالوا ربكم أعلم بما لبثتم) فكأنهم لاحظوا بعض التغييرات التي طرأت على ما حولهم، فداخلتهم الحيرة من واقعهـم واستيقنوا العجز عن تحديد الزمن المسئول عنه، فانصرفوا عـن محاولـة التحديد إلى التسليم، ففوضوا العلم بهذا المجهول إلى الله وانتقلوا فجأة إلى تدبير أمر الطعام الذي يعوزهم، والطريقة التي يجب أن يسلكها طالبـه للحفاظ على سلامتهم.. بل سلامة دينهم. فإن مجرد العلم بأمرهم يعرضهم للموت رجما، أو للعودة إلى ما سبق عهد الهدى من ظلمات الكفر وأنهـا لعودة لا فلاح معها أبدا..
وقبل الخاتمة نقرأ هذا الإرشاد الرباني يؤدب به الله نبيه صلوات الله عليه: (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً. إلا أن يشاء الله..). فقد حدث أن رسول الله عندما سمع أسئلة الكفار التي حملوها من يهود المدينة، قال: (أخبركم غدا عما سألتم عنه..) ولم يستثن! وكانت هذه عجلة منه، إذ كان عليه أن يذكر أن الأمر لله، وليس لأحد أن يحدد عليه موعدا.. ولما أبطأ الوحي بالجواب، وأرجف الكفار ما أرجوا ضاق صدر الرسول واشتد حزنه ثم جاءه جبريل عليه السلام بالفرج المنشود وفيه معاتبة الله إياه، والتوجيه الذي يصونه من مثل تلك العجلة في المستقبل.. فعليه أن يربط كل أمر بمشيئة الله، التي لا يمكن لشيء أن يتجاوزها أبدا.. وأن يعالج النسيان بذكر الله الذي بيده وحده أمر الهداية!
وفي النهاية ما أراني بحاجة لأن أذكر المؤمن بروعة ذلك النظم المجيد الذي سلسلت فيه المعاني في تساوق فائق، فكانت كالحركة والحرارة والطاقة، تنطلق من المادة الواحدة، فما تدري أيها صاحب الأثر الأول! ان هناك الترتيب الذي يسميه البديعيون تقسيمـا، والتضاد الـذي يدعونه طباقا، والتآلف المعنوي الذي يطلقون عليه مراعاة النظير، ثم الجرس الذي يتلاحق في توقيع لا يستطيع القارئ تشويشـه، فيساعد على تثبيـت الصورة العامة للمضمون في أعماق القلب، وأغوار الذهن، تثبيتا يخطفه من واقعه الشخصي إلى واقع الفتيان النائمين في جوف الكهف! ولا عجب في هذا وذاك.. انه القرآن وأنها قصصه التي لا نجد لها وصفا أوفى بها من قول منزلها: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا اليك هذا القرآن وان كنت من قبله لمن الغافلين..) وليغفر الله لأبي العلاء الذي هزه من كتاب الله هذا الذي يهزنا، فجعل يمرغ وجهه في التراب وهو يقول في غمرة الدموع وغصة الخشوع: (سبحان من هذا كلامه سبحان من هذا كلامه).
[1] أنعم النظر في الأمر: حقق النظر فيه وبالغ، وانعم فيه: بالغ وجود، وأمعن في الأمر بالغ وأبعد في الاستقصاء، فيكون أنعم في الأمر كأمن فيه، أما إذا عديت أنعم إلى النظر مباشرة ففيه امتياز لا يتوفر في الآخرين.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.