صقلية الإسلامية - الحملة الإسلامية على صقلية (3)مقالات

مجلة الوعي الإسلامي

المصدر: مجلة الوعي الإسلامي – السنة الثالثة – العدد 31 – غرة رجب 1387 ه – 5 اكتوبر 1967 م – (ص38 – 46).

 

مجلة الوعي الإسلامي

 

عرض زيادة الله الأغلبي أمر غزو صقليـة على كبار رجال دولته وأهل الرأي فيها، فجمع وجوه أهل «القيروان»، وكبار فقهائها في مؤتمر عام واستشارهم في إنفاذ أسطول إلى جزيرة صقلية (1).

 واختلفت وجهات النظر بين المؤتمرين كمــا هو الشأن عند النظر في الأمور الخطيرة مـن إعلان حرب، أو تقرير سلم، فبعضهم قال نغزوها ولا نسكنها، ولا نتخذهــا وطنا، وبعضهم تخوف من ذلك وقال: «لو كنت طائرا ما طرت عليها»، بعد أن سأل: كم بينها وبين بلاد الروم؟ فقيل له: يروح الإنسان مرتين وثلاثة في النهار ويرجع، قال: ومن ناحية أفريقية؟ فقيل له: يوم وليلة (2).

وكان هذا التخوف رأي لأنها لقربها من بلاد الروم سيكون مركز المسلمين فيها ضعيفا وحرجا، محفوفا بالمخاوف والمخاطر، لأن الروم يكونون أقدر على حمايتهـا، وأكثـر استعدادا لمواصلة الدفاع عنها، والكفـاح في سبيل الاحتفاظ بها، فأبدی رأیه مصورا شدة الخطر هناك على المسلمين.

ولكن فريقا ثالثا أشار بغزوها، ورغب في ذلك (۳)، وكان هذا الفريـق يشعـر بالحاجة الملحة التي تدعو إلى الاستيلاء على هـذه الجزيرة، لحيويتها من النواحي السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، ويعلم في الوقت نفسه ضعف الحكومة المركزية في القسطنطينية وعجزها عن إمداد الجزيرة بالقوات المحاربة بصفة دائمة، ويشاهد كذلك آثار الثورة الأهلية والفتن الجائحة مشتملة بالجزيرة، وعرف أنها فرصة إن ضاعت الآن قد لا تعود أبدا، فأشار بالغزو ورغب في ذلك. غير أن هذا النقاش لم يطل، فقد علم الأمير زيادة الله بأن الروم قد قتلوا بعض أسرى المسلمين الذين عندهم، وكان من شروط الهدنة التي عقدت بين حاكم الجزيرة والأمير أبـي العباس الأغلبي سنة 198 ه (۸۱۳ م) وجددت فيما بعد: أن من دخل إليهم مـن المسلمين، وأراد أن يردوه إلى المسلمين كان ذلك عليهم..»، فما بالك إذا كانوا قد قتلوا بعض الأسرى ولم يكتفوا بحجزهم؟

 

(۱) المكتبة الصقلية (نهاية الأرب) ج ۱ ص 427

(۲) المرجع السابق ص 427، 428.

(۳) المرجع السابق ص427، 428.

 

ولذا أعلن المؤتمرون نقض المعاهدة، وأعدت حملة لغزو صقلية على رأسها القاضي: أسد بـن الفرات (۱)

خرج القاضي وأمير البحر الفقيه: «أسد ابن الفرات» على رأس أسطوله في منتصف شهر ربيع الأول سنة 212 ه (15 يونيو سنة ۸۲۷ م) متجها صوب جزيرة صقلية، ومعـه (فيمي) ورجاله في مراكبهم ولم تكن هذه الحملة من السرايا الصغيرة، بل كانت فيما يظهر أعظم حملة بحرية وجهها المسلمون إلى صقلية، فقد كانت تضم سبعمائة فارس، وعشرة آلاف راجل غير البحارة والأتباع تحملهم ما بين سبعين، أو مائة سفينة وكان جيشه زهرة جند إفريقية من العرب، والبربر، وبعض المهاجرة من الأندلسيين،

 

(۱) المكتبة الصقلية (رياض النفوس..) ج ۱ ص ۱۸۳ (ومعالم الايمان) ج ۲ ص 14، ومجموعة كمبردج، ج 4 ف ه ص135•

 وأما أبو عبد الله أسد بن الفرات بن سنان قائد هذه الحملة، فان ما نعرفه من حياته الأولى لا يفسر لنا كيف تحول هذا الفقيه العالم أي أمير من أمراء البحار، وقائد من قواد المسلمين، فلقد ولد سنة 142 ه (759 م) ونشأ في مهاد العلم لا مهاد الجندية، وتخصص في دراسة الفقه لا دراسة الفنون الحربية، ورحل في طلب العلم إلى المشرق سنة 172 ه (۷۸۸ م) وأخذ من الامام مالك رضي الله عنه في المدينة، ورحل إلى العراق ولقي من أصحاب الامام أبي حنيفة رضي الله عنه : ابا يوسف، ومحمد بن الحسن، ثم دخل مصر ولازم ابن القاسم فكان يسأله ويجيبه ابن القاسم حتى دون ستين كتابا وسماها (الاسدية)، وفارق ابن القاسم وعاد إلى المغرب سنة 181 ه (۷۹۷ م) وأظهر أسديته وأسمعها للناس، وانتشرت بأفريقية، وما زال أمره مشهورا وقدره معروفا حتى ولاه زيادة الله القضاء سنة 204 ه (819 م)، فلما كانت سنة 212 ه (۸۲۷ م) ولاه قيادة الحملة على صقلية مع بقاء اسم القضاء له وقال له : «أنت قاض وأمير» وقد وافاه اجله بصقلية، وهو يحاصر سرقوسة سنة 213 ه(۸۲۸ م) وقد تجاوز السبعين قليلا..

 

وطلعوا من مرسی (سوسه) (1) بأفريقية قاصدين صقلية فوصلوها بعد أربعة أيام من اقلاعهم، ونزلت القوات المشتركة على مدينة (مازر) (۲) ـ وهي أقرب الثغور إلى أفريقية وأمر قائد المسلمين أسد بن الفرات بالخيل فأنزلت إلى البر، ونزلت جنوده، وجنـود «فیمي» كذلك، وبقي ثلاثة ايام (بمازر) فلم يخرج اليه أحد الا سرية واحدة تبين بعد أسرها أنها من أصحاب «فيمي» فأخلوا سبيلها.

وقد يبدو غريبا ألا يجد الغزاة مـن يصدهم، ويحول بينهم وبين نزول الجزيرة، ولعل سبب ذلك أن المسلمين جاؤوا مبكرين قبل أن تتمكن حاميتها من اتخاذ العدة، أو أنه لم يكن في اعتقادهم أن يلبي المسلمون مثل هذه الدعوة من ثائر خارج على سلطان الحكومة الشرعية (وهو فيمي) فلم يحتاطوا للأمر. على أنه يجوز أن القوة المدافعة عن المدينة كانت تقدر كل ذلك، وأن العرب سيلبون دعوة هذا الثائر ويشرعون بالمجيء، فرأى المسئولون أن يستعدوا للأمر في داخل الجزيرة، ليكون ذلك أمكن لهم، وأدعى إلى اجهـاد العــدو والتغلب عليه وقد تكون مدينة (مازر) وما حواليها موالية لفیمي فلم تتخذها القوات المدافعة مركــزا لحركاتها الحربية، مما سهل على المغيريــن مهمة النزول إلى البر بخيلهم ورجلهم وجميع معداتهم، دون أن يعترضهم أحد، وحتى أن القوة الوحيدة التي ظهرت بعد ثلاثة أيام تبين أنها تناصر «فیمي».

ومهما يكن من شيء فإن القوات الرومية قد اجتمعت حول الزعيـم (بلاطه) حـاكم الجزيرة عند مرج (بلاطنـو) (3)، وكانت تبلغ نحو مائة وخمسين ألف مقاتل، ورأى ((أسد)) أن يتقدم لملاقاتهم، وقبل أن يخطو هذه الخطوة استعمل على مدينة (مازر) أحد رجاله، ليؤمن خط الرجعة، ويحمي ظهره، ويحافظ على الفتوح من أول الأمر، وكأنه قرر منذ اللحظة الأولى أن يعمل لحساب المسلمين، لا لحساب (فيمي) الذي كان يريد الأمـر لنفسه.

 زحف «أسد» على رأس جنده لملاقـاة «بلاطه» وأتباعه، ومعـه «فيمي» في أصحابه، والتقى الجمعان ونشبت بين الفريقين معركة شديدة حمي فيها وطيس القتال وكر المسلمون كرة صادقة على العدو، فهزموه هزيمة منكرة، وأفلت (بلاطه) ولجأ إلى مدينة (قصريانة) (4) في قلب الجزيرة، بعد أن قتل خلق كثير من رجاله، واحتوى المسلمون جميع ما في معسكره، ثم لم يلبث «بلاطه» أن فرمن مدينة قصريانة، وغادر الجزيرة إلى قلورية (جنوبي ايطاليا) حينما تغلب عليه الخوف، وتملكه الفزع وخشي من متابعة المسلمين له، وهناك لقى مصرعـه حيـث قتل في ظروف مريبة (ه).

لم تذكر لنا المراجع التي بين أيدينا: هلكان قتل «بلاطه» حاکم صقلية من أعمـال الغدر والخيانة، أم بايماز مـن حكومـة القسطنطينية، حيث ترك الجيش وفر من وجه العدو، وأبقى الجزيرة بدون حامية تحت رحمة «فيمي» وحلفائه من المسلمين؟

 لا يبعد أن يكون قتله بيد بعض الغيورين الذين سائهم قهره (لفيمي) أولا، حتى الجاه للخيانة، ودعوة المسلمين، ثم تعريضه أخيرا الجزيرة للضياع بتركه قيادة الجند، وهربه حيث يبغي الحياة دون سائر جنده.

 

(۱) تنظر الخريطة الأولى التي تحدد موقع صقلية من أوربة وافريقية، وسوسة بالبر الافريقي (العدد: 23 من الوعي الإسلامي).

(۲) تنظر الخريطة وهي على الطرف الغربي الجنوبي منها

(۳) انظر خريطة (جزيرة صقلية).

(4) انظر خريطة (جزيرة صقلية)

(5) الكامل في التاريخ ج 5 ص ۱۸۷، والبيان المغرب ج 1 ص 95، والمكتبة الصقلية ج 1 ص165، 377، 428، 449، ج2 ص527، 540، ومعالم الايمان ج2 ص 15، 16، ومجموعة كمبردج ج4 ف5 ص 135.

 

كان على القوات الإسلامية المنتصرة أن تستمر في حركتها، وأن تتبع قوات الـروم المنهزمة إلى «قصريانة» فواصلت الزحـف آخـذة طريق الساحل الجنوبي إلى ناحيـة الشرق، حتى أصبحوا يشرفون على ثغر «سرقوسة» بشرق الجزيرة. ويبدو أن المسلمين سلكوا هذا الطريق، دون أن يتوغلوا في داخل الجزيرة المجهولـة لهم، ليكونوا قريبين من أسطولهم، الذي كان في الغالب يسير بمحاذاتهم، ليأمنوا شر التغرير بهم في أرض لم يدرسوا طبيعتها بعد.

 

خدعة:

شعر أهل «سرقوسة» والنواحي المحيطة بها بالخطر الذي يحدق بهم من ناحية المسلمين، فبعثوا بوفد من وجوههم لملاقاة قائد المسلمين : (أسد بن الفرات) لطلب الأمان منه، في نظير دفع الجزية، وكانوا يقصدون خديعة المسلمين حتى يكفوا عن القتال، لتتاح لهم فرصـة الاستعداد للدفاع، فأجابهم أسد، وأقام في موضعه أياما استطاعوا خلالها أن يجمعوا الكثير من أموال الجزيرة، وقد أخفوهـا في قلعة حصينة، بعيدا عن الشاطئ حتى لا تقع في أيدي المسلمين، وفي الوقت نفسه قــد عاودت (فيمي) حمية الكفر، وداخله الحسد من انتصار المسلمين، وخشى توغلهم في الجزيرة، وبخاصة حينما تأكد له بأن هذه الفتوح إنما هي لحساب المسلمين، وليست لحسابه كما كان يؤمـل، فاتصـل بأهـل (سرقوسـة)سرا وحثهم عـلى الثبـات، وأغراهم بأن لا يدفعوا للمسلمين الجزية، وأن لا يذعنوا لهم، فانقادوا له، وأصلحوا حصنهم، وأدخلوا فيه جميع ما كان في الربض وفي الكنائس من ذهب وفضة، وشحنوه بالزاد والسلاح والرجال.

أحس القائد أسد بالخيانة من ناحية أهل سرقوسة، وأدرك أنه خدع، فلم يتردد في مهاجمتهم وقتالهم، وأخذ بيت السرايـا في نواحي (سرقوسة) فتذهب وتعود ظافرة محملة بالأسلاب والغنائم الكثيرة، ثم تأتي له محاصرة (سرقوسة) برا وبحرا، حينما قدمت نجدات بحرية من أفريقيـة.

 ووفد بعض المغامرين البحارة من أهل الأندلس. وحينما اشتد الحصار لجأ أهلها إلى طلب الامان مرة ثانية، وكاد أن يستمع أسد لضراعتهم لولا أن ثناه المسلمون عن عزمه، وظلوا محاصرين لها وقد خف والي (بلرم) (۱) لنجدة أهل سرقوسة فوجد المسلمين قد خندقوا على أنفسهـم، واحتفروا وراء الخندق حفرا كثيرة كفخـاخ للإيقاع بالقوات الرومانية، فتردى فيهـا كثير منهم وهلك معظمهم، وهزمت هذه القوة سنة ۲13 هـ (۸۲۸ م) وقويت نفوس المسلمين بذلك، واشتد ضغطهم على أهل سرقوسة.

 

نجدة الروم:

وقد حدث في هذا الوقت أن جاءت نجـدة بحرية من القسطنطينية للدفاع عن سرقوسـة والجزيرة بقيادة: تورط (تيودوتس)، في حين أنه قد حدثت مجاعة بين جند المسلمين وتفشى فيهم وباء الطاعون وسرت بينهم روح التذمر، ونال المسلمين بسبب ذلك شدة عظيمة، كادت أن توهن من عزيمتهم، وتردهم عن غايتهم، ولكنهم رغم هذه المحنة صمدوا للعدو،وثبتوا على حصـار المدينة، غير أن الطاعون قد اشتدت وطـأته، وفتك بكثير منهم، حتى أفنى معظمهم، وكان منهم أميرهم القائـد : (أسد بن الفرات» في شعبان سنة 213 ه (نوفمبر سنة 828 م) ودفن بذلك الموضع (۲).

 

(۱) انظر خريطة جزيرة صقلية.

(۲) تراجع حركة فتوح أسد في : الكامل في التاريخ ج 5 ص ۱۸۷، والبيان المغرب ج 1 ص 96، والمكتبة الصقلية ج ۱ ص ۱۸۱، 185، 430، والعبر ج 4 ص ۱۹۹، و (معالم الايمان) ج ۲ ص ۱۷، ويقول ياقوت (معجم البلدان ج ۷ ص ۱۲۰) : ان قبره في مكان بين قطانية وقصريانة، ولا يبعد أن يكون قد وصل إلى هذا المكان في احدى حركاته الحربية، غير أن ابن خلدون (العبر ج 4 ص 199) يقول : «انه دفن بمدينة قصريانة» والظاهر أنه توفى على مقربة من قصريانة ودفن هناك ولم يدفن في قصريانة لأنها لم تفتح إلا في سنة 244 ه (859 م) فلم تكن خاضعة للمسلمين اذ ذاك.

 

تلك الخطوات الأولى التي خطتها قوات المسلمين في الجزيرة تحت قيادة الفقيه (أسد ابن الفرات)، وهي على قلتها قـد مهدت الطريق أمامهم إلى الفتح الأكبر فيما بعد، وتأسيس أمارة إسلامية بصقلية كان لها شأن بين الأمارات الإسلامية اذ ذاك.

 

 بعد وفاة أسد بن الفرات

ولي الجند بعد موت (أسد) باختيارهم : «محمد بن أبـي الجـواري» والمسلمـون محاصرون (لسرقوسة) والمعركة على أشدها بين المسلمين والروم، والوباء لا يزال يفتـك بالمسلمين فتكا ذريعا، واشتد الأمر عليهم وتحرج موقفهم، فلما رأى القائد الجديد الخطر الذي يهدد المسلمين وانقطاعهم في هذه الجزيرة النائية، ثم وصول امدادات بحرية وبرية من القسطنطينية، عزم على رفع الحصار عـن سرقوسة، والعودة إلى أفريقية، وأوعز إلى من بالمراكب بالاستعداد للرحيل، ولما حاول الانسحاب إلى أفريقية وجد قوات الروم وأساطيلهم يعترضون طريقهم، ويســدون المرسى الكبير للحيلولة بينهم وبين الخروج، فلما أدرك المسلمون أن محاولتهم فاشلة وأنه لا مفر من بقائهم بالجزيرة : أحرقوا سفنهــم وعادوا إلى البـر، وامتنعوا بداخـل الجزيرة (1).

 

لماذا أحرقوا السفن؟:

لا شك أن هذا الفعل من المسلمين صنع اليائس المغامر، إذ إن إحراق السفن مخاطرة جسيمة، حيث كان الجائز أن يتأخر المـدد ويحيط بهم العدو، وإذا لم يجدوا ملجأ في اليابسة فماذا يصنعون؟ ليس أمامهم إلا سفنهم يحاولون النجاة عليها، ولعلهم كانوا ينجحون، وها هي ذي قد أحرقت، فليس هنـاك إذًا غير البحر يلقون بأنفسهم بين أحضانه، فإذا ضنوا بها على المفرق فإنهم يستسلمون للعدو، وهو إما أن يستأصلهم أو يسترقهم، ولا أخاله يمن عليهم بالعفو، فيسرحهم إلى بلادهم. وليس للحادث من تعليل معقول إلا أن يكون المسلمون قد رأوا حرمان العدو منها، حتى لا يقوى بها، وبالتالي ليكون ذلك دافعا للمسلمين على الاستبسال في القتال بعد أن عرفوا أن لا سبيل إلى العودة لبلادهم، شأنهم في ذلـك شأن المسلمين حينما أحرقوا سفنهم في الاندلس مرة، وفي جزيرة اقريطش (كريت) مرة أخـرى، وإن كان المسلمون في الأندلس واقريطش قـد أحـرقوا سـفنهم طواعيـة واختيارا، أما هنا فقد اضطروا إلى إحراقها بحكم الظروف القاهرة، وكان ذلك ـ على أي حال ـ عمـلا سياسيا محمودا، وكأنما أراد القـدر أن يظل المسلمون في صقلية، ليكتبوا فوق أديم أرضها صفحة من صفحات التاريخ الإسلامي المجيد.

 

استمرار المسلمين في الفتح:

بعد أن أحرق المسلمون سفنهم، وأُكرهوا على البقاء في الجزيرة على ما هم فيه من شدة وعناء، لم تذهلهم الصدمة فيقفوا جامدين، بل تفرقوا فيها أسرابا يغزون بسائطها ويحاصرون قلاعها ومضوا في افتتاح مدنها وثغورها تباعا، فسارت فرقة ناحية الشمال الغربي، وأرغمت (میناو) (۲) على التسليم بعد ثلاثة أيام، فملك المسلمون حصنها وسكنوه، ثم انقسم الجيش إلى فرقتين، فرقة قصدت حصن (کرکنت) (۳) في الجنوب الغربي، فقاتلت أهله وملكتــه وسكنت فيه، وقد قويت نفوس المسلمين بهذا الفتح وفرحوا به.

 

(1) الكامل في التاريخ ج5 ص 187، والمكتبة الصقلية (نهاية الارب) ج1 ص 429.

(2، 3) انظر خريطة (جزيرة صقلية).

 

غدر فهزيمة

 ثم سارت الفرقة الثانية إلى مدينة (قصريانة) في وسط الجزيرة، وكان يرافقها (فيمي) فلما قاربوها خرج إليه أهلها، وبذلوا له الطاعة، وخدعوه حيث قالوا له : نكون نحـن وأنـت والمسلمون على كلمة واحدة، ونخلع طاعة الملك، وسألوه العودة من الغد حتى ينظروا في أمر شروط الصلح، فرجع عنهم يومه ولم يقاتلهم، وكان على المسلمين أن ينتظروا نتيجة هذه المفاوضة، ثم جاءهم (فيمي : من غد، وكان في قلة من الرجال ثقة منه بحسن نيتهم، وصدق حديثهم، فاستقبلوه مظهرين الطاعة، والخضوع حتى تمكنوا منه، فأخرجوا سلاحهم الذي كانوا يخفونه بمكان الاجتماع، وثاروا به وقتلوه. نجح أهل (قصريانة) في تمثيل قصة الغدر بفیمي، وظهر عندئذ أنهم لن يسلموا المدينة للمسلمين بسهولة، وأنهم علـى ولائهم لإمبراطور القسطنطينية، فصمموا على حصارها ومقاتلة أهلها، وبينما هم يحاصرونها جاءتها نجدة من سرقوسة لتخليصها من أيدي المسلمين بقيادة تورط (تيودوتس)، ونشب القتال خارج المدينة بين المسلمين وقوات تورط ولم يلبث القتال طويلا حتى تمت الهزيمة على الروم، وقتل خلق كثير وهرب قائدهم تورط.

 

وفاة القائد المسلـم

 قوي المسلمون بهذا النصر، وصمموا على الجهاد ومواصلة الفتح، وانفرج الأمر عليهم بعد شدته، وبينما هم في نشوة الفرح إذ قضى قائدهم نحبه في أوائل سنة 214 هـ (۸۲۹ م).

وخلفه (زهير بن عوف) وقيل (ابن غوث) في قيادة المسلمين بالجزيرة، وعلى عهده انقلب نصر المسلمين إلى هزيمة، وحاصرهم الروم في معسكرهم بالقرب من قصريانة حتى جهدهم الحصار، وضاق عليهم الأمر، فعزموا على مهاجمة الروم ليلا للإيقاع بهم، لكسر الحصار المضروب عليهم، ولكنهم فشلوا في محاوراتهم، وأوقع بهم الروم، وقتلوا كثيرا منهم في كمين أعدوه لهم لأنهم كانوا قد عرفوا ما بيتوه لهم، ومن ثم عادت فولولهم إلى مدينة (ميناو) ولحق بهم الروم، وضربوا عليهم الحصار فيها، وضيقوا عليهم الخناق حتى قلت الأقوات، ثم انعدمت وجهدوا من الجوع. فأكلوا دوابهم، ولما سمعت حامية (كركنت) بما نال إخوانهم في (ميناو) داخلهم الخوف، وخشوا سوء المصير فخربوا المدينة، ورحلوا إلى ثغر (مازر) بعد أن عجزوا عن نصرة إخوانهم في (ميناو) (۱). في هذا الوقت جاءت إمدادات من أفريقية، ووصل في الوقت نفسه أسطول أندلسي من السرايا المجاهدة المغامرة، وأغار رجاله على أطراف الجزيرة لحسابهم سنة 215 هـ (۸۳۰ م) فاستولوا على عدة قلاع، وامتلأت أيديهم بالسبي والغنائم، واتصل بهم المسلمون في (مازر) وسألوهم إغاثة إخوانهم في (ميناو) فأجابوهم إلى ذلك، وقصد الجميع (ميناو) واستطاعت قوات المسلمين المشتركة أن تهزم قوات الروم عند (ميناو) وتجليهـا عنهـا، ويتزحزح مخنق من كان بها من المسلمين، ويذهب (تورط) إلى قصريانة ليحتمي بها، وعندئذ دمر المسلمون (ميناو) وتركوها قاصدين متابعة (تورط) وقتاله سنة 215 ه (أغسطس سنة 830 م) وسرعان ما التقوا به ونازلوه، ثم كتب النصر للمسلمين وقتــل (تورط) قائد الروم. (۲)

 

(۱) الكامل في التاريخ ج 5 ص ۱۸۷، ۱۸۸، والمكتبة الصقلية (نهاية الأرب) ج ۱ ص 429، 430، والعبر ج 4 ص۱۹۹ •

(۲) الكامل في التاريخ ج 5 ص ۱۸۸، والبيان المغرب، ج 1 ص 96، ۹۷، والمـكتبة الصقلية ج 1 ص 166،430، والعبر ج 4 ص 199، ومجموعة كمبردج ج 4 ف ه ص 135، 136.

 

بعد أن دمرت (ميناو) وهزمت قوات الروم عند (قصريانة) وقتل قائدهم تأهب المسلمون لحركة غزو جديدة على الرغم من انتشار وباء الطاعون بينهم، وعودة معظم مسلمي الأندلس إلى ديارهم، وتعرض من بقي من المسلمين لشدة قتال الروم، وضعف مقاومتهم لهم، وذلك أنه وفد على الجزيرة في أواخر عام 215 ه (يناير سنة 831 م) والجديد هو الأمير (محمد بن الأغلب) ليتولى القيادة، فتنفس المسلمون الصعداء لمقدمه، وساروا بقيـادة أميرهم الجديد صوب الشمال الغربي قاصدين ثغر (بلرم) فوصلوها، وضربوا الحصار عليها وضيقوا الخناق على من بها، ولما لم تصـل امدادات من القسطنطينية لتخليصها، تفاوض أهلها مع المسلمين، واتفقوا على تسليم المدينة بشرط أن يسمح لقائدها وعائلته وما يملكه، والمطران بمغادرتها بحرا إلى القسطنطينية، فتم ذلك ودخل المسلمون (بلرم) صلحا في رجب سنة216 ه سبتمبر سنة 831 م (۱). وباستيلاء المسلمين على (بلرم) وهي أعظم ميناء في الجزيرة، وأخصب اقاليمها أيضا، حيث أن المنطقة المحيطة بها تعتبر أخصب بقاع صقلية، وكان يطلق عليهـا : «الصدفـة الذهبية» ـ نقول باستيلاء المسلمين على بلرم اصبح في مقدورهم أن يتخذوها قاعدة لأسطولهم ويهددون المدن والثغور الشمالية في الجزيرة، والجزر القريبة منها، كما كان لامتلاك (مارر) أثر واضح في نجدتهم وتخليصهم من حصـار (ميناو) وتثبيت أقدامهم في الجزيرة، وكما كان كذلك لاستيلائهم على (كركنت، وميناو) قيمة عظيمة، حيث ظل الطريق مفتوحا أمامهم من الغرب إلى الشرق، واستطاعوا أن يوالوا غزواتهم على الاقليم الشرقي حتى أضعفوه، ونالوا من أهله وقلاعه ومدنـه، وأضحـت (بلرم) منذ ذلك الوقت العاصمة الإسلامية للجزيرة، وانتقلت إلى الأبـد عن الحكـم البيزنطي (2)، وآذن سقوطها بالبدء الحقيقي لامتلاك الجزيرة

باستيلاء المسلمين على ثغر «بلرم» كسبوا مركزا استراتيجيا صالحا اتخذوه قاعدة حربية لمد الفتوح في داخل الجزيرة، ومع ذلك فقـد كان يسيطر على عقولهم منذ حركات الفتـح الاولى الاستيلاء على مدينة (قصريانة) التـي تعتبر قلب الجزيرة، فلذا اتجهت انظارهم بعد استيلائهم على (بلرم) اليها، ففي الفترة ما بين سنتي ۲۱۹ هـ، ۲۲۰ ھ (834، 835 م) هاجموها ثلاث مرات انتصروا في جميعهـا و انتسفوا زروعها، وخربوا أرباضها، واضطر أهلها لمصالحتهم على أموال يدفعونها، وعاد المسلمون وقد ساقوا أمامهم كثيرا من الأسرى الذين باعوهم بأباخس الأثمان، وحملوا معهم كثيرا من الأموال والسلاح والمتاع. (۳) كان المنتظر وقد تغلب المسلمون على أرباض قصريانة أن يصروا على البقاء فيهـا، وأن يعززوا حاميتهم بها حتى يسلم من امتنع بالحصن، ولكن يظهر أنهم رأوا من السياسة ـ وقد استعصى الحصن عليهم الرضا بهذا العرض مؤقتا حتى يتم لهم الاستعداد الكامل لفتح هذه المدينة المنيعة فتحا كاملا بإخضاع حصنها. - لم يطل انتظار المسلمين. فقد استأنفوا فتوحاتهم بالجزيرة، وأرغموا عدة حصون على الخضوع ودفع الجزية فيما بين سنتي 223 ه

 

(۱) الكامل في التاريخ ج 5 ص ۱۸۸، ومجموعة كمبردج ج 4 في ه ص 136.

 (۲) فتح المسلمون (بلرم) سنة216 ه (۸۳۱ م) وبقيت تحت سلطانهم حتى انتزعها منهم النورمان سنة 464 ه (1071م).

(3) الكامل في التاريخ ج ه ص ۱۸۸، ۱۸۹، والبيان المغرب ج ۱ ص ۹۸، والعبر ج 4 ص ۱۹۹، ۲۰۰، ومجموعة كمبردج ج 4 ف5 ص 136.

 

225 ھ، (۸۳۸، 840 م) كحصن: «البلوط وبلاطنو، وقرليون» وغيرها من مدن غربـي الجزيرة (1).

 كان لهذه الانتصارات، واذعان كثير من الحصون والمدن في الجزيرة للمسلمين إثر محمود في نفوسهم، فبعثت فيهم القوة، وشجعتهم على مواصلة الجهاد، واستطاعوا في خـلال العشر السنوات التالية من 226. – 236 ه (841 – 851 م) أن يغزو قصريانة ويخربوا نواحيها بقصد اضعاف حاميتها وحملها على التسليم، وأن تذهب حملة برية، وأخـرى بحرية إلى الشمال الشرقي لمحاصرة ثغر (مسینی) برا وبحرا، وينجح المسلمون في التغلب على مقاومة حاميته الشديدة ويسقط في أيديهم سنة 228 ھ (843 م). وبسقوط (مسيني) في يد المسلمين وقفوا في الطريق بين ايطاليا وصقلية، وصار شاطئ صقلية الشمالي من (مسینی) شرقا إلى (بلرم) غربا تحـت رحمتهـم، ومستهدفـا لضرباتهم القوية فيما بعد (۲) •

ثم جاء النصر تلو النصر واستولى المسلمون على الكثير من المدن والقلاع، حتى كانـت سنة 244 هـ (858 م) وصمموا على فتح (قصريانة) فهاجموها، والحوا عليها بالقتال، واستطاعت القوات الإسلامية أن تدخلها مـن عورة في صبيحة يوم الخميس منتصف شهـر شوال سنة 244 هـ (26 يناير سنة859 م) (۳).

وبذلك سقط الحصن الذي ظل يقاوم مـدة ثلاثين عاما، واحتوى المسلمون على جميـع ما فيه من أموال ونفائس، وقتلوا الرجــال وسبوا النساء والذراري «وذل الشرك مـن يومئذ بصقلية ذلا عظيما» (4)

وبامتلاك المسلمين (لقصريانة) أصبحـوا يسيطرون على معظـم أرجـاء الجزيرة، ويتحكمون في طريق المواصلات الداخلية، فكان ذلك أول الفتوح الحقيقية بعد (بلرم) التـي عززت مرز المسلمين، وشدت من عزائمهم كثيرا، وواصلوا فتوحاتهم المظفرة مما أضعف قوى العدو المادية والمعنوية، وقويت الروح المعنوية لدى المسلمين، وآمنوا بقوتهم وقدرتهم على مكافحة عدوهم، ونظروا إلى المستقبل بعين الرجاء والأمل القوي، وفي الحق كان لهذا الأثر المعنوي في النفوس من القيمـة مـا يعادل أثر الفتح المادي للمدن، والقلاع والحصون، ولذا فإنا نعتبر أن الفتح الإسلامي لصقلية أصبح تاما الآن، اذا استثنينا بعض المدن : كسرقوسة، وطبرمين (ه)، وبعض الأماكن الأخرى على الشاطئ الشرقي للجزيرة التي كانت لا تزال تدين بالولاء والطاعــة للإمبراطورية البيزنطية، ومع ذلك فيمكن أن يقال : «بأن صقليـة قد أصبحت اقليمـا إسلاميا».

 

(۱) الكامل في التاريخ ج 5 ص 253، والمكتبة الصقلية (نهاية الأرب) ج ۱ ص 431، والعبر ج 4 ص ۲۰۰، ومجموعة كمبردج ج 4 ف ه ص 136، وانظر خريطة (جزيرة صقلية) للاستدلال على مواقع هذه المدن الثلاث.

(۲) الكامل في التاريخ ج 5 ص 253، 267، 268، والعبر ج 4 ص ۲۰۰، ۲۰۱، ودائرة المعارف البريطانية م 20 ص609.

(۳) الكامل في التاريخ ج 5 ص ۲۹۰، والمكتبة الصقلية (نهاية الأرب) ج ۱ ص 432، 433، والعبر ج 4 ص۲۰۲ ۰

(4) الكامل في التاريخ ج 5 ص ۲۹۰ ۰

(5) انظر خريطة (جزيرة صقلية) (سقطت طبرمين سنة 252 هـ (866 م)، وسرقوسة سنة 264 هـ (۸۷۸ م).

 

قد يبدو غريبا نجاح المسلمين في فتوحهم إلى هذا الحد، وبخاصة أيـام تجـدد نشاط الامبراطورية البيزنطية، وإعادة حيويتها في عصر الإمبراطور: باسيل الأول (867 - 886 م) الذي هددت أساطيله (بلرم) أكثـر من مرة فردتها قوات المسلمين خائبة في الوقت الذي كان المسلمون يجتازون فترة اضطراب وعدم استقرار في الداخل مما أدى إلى تولى سبعة ولاة في الفترة من سنة (257 - 259 / 870 - 872م) لم يمكث بعضهم أكثر من شهر واحد (۱).

غير أن هذا الاضطراب لم يلبث طويلا حيث تغير الموقف بتولية: (إبراهيم بن أحمد» افريقية (261 – ۲۸۹ ه / ۸74 - ۹۰۱ م) فأصدر أوامره المشددة إلى والي صقلية وقتئذ: «جعفر بن محمد» بضرورة العمل بحزم وعزم ضد المدن الموالية للإمبراطورية البيزنطية في الجزيرة، فكان أول أثر لهذه الأوامر المشددة هو حصار ثغر «سرقوسة» الذي انتهى بسقوطه سنة 264 هـ (8۷۸ م) بعد حصار استمر تسعة أشهر، وانتقل إلى أيدي المسلمين، وخرج عن حكم البيزنطيين إلى الأبد. (۲)

وبذلك وبعد نيف وخمسين عاما انكمشت المقاطعات الامبراطورية البيزنطية المسيحية في صقلية إلى نقط قليلة على الساحل الشرقي، أو على مقربة منه، وانتقل مركز المسيحية إلى قرية صغيرة بالقرب من (مسینی) تدعی (رمطة) (3).. ولعل العرب كانوا لا يرون استحقاق هذه الجهات لعناء ما يبذلون في سبيل أخذها لأن معظمها حصون جبلية قد لا يكون في امتلاكها مصلحة محققة للمسلمين، ولا يضرهم بقاؤها في أيدي المسيحيين، على أننا نرى أن تـرك

المسلمين لهذا الإقليم في أيدي المسيحيين جعل منه وكرا لدسائسهم ضد النفوذ الإسلامي فـي صقلية وقد أثبت الواقع خطاهم، حيث بدأت من هذا الاقليم الحركات المعاديـة للنفــوذ الإسلامي، والتي انتهت بطرد المسلمين مـن الجزيرة، وهذا الموقف أشد ما يكون شبها بما فعله المسلمون في الانـدلس، حيث تركوا الاقاليم الجبلية الشمالية، ولم يعنوا بإخضاعها تماما لنفوذهم اكتفاء بما ملكوا من باقي شبه الجزيرة، ولجأ النصارى إلى هذه النواحـي فكانت هي النواة التي امتد منها نفوذ المسيحية فيما بعد وقوي حتى أدى أخـيرا إلى طـرد المسلمين من الأندلس المسلمة بعد ثمانية قرون.

 ومع ذلك فقد تم آنئذ فتح صقلية الذي بدأ منذ سنة 212 هـ (۸۲۷م) وظلت صقلية تحت حكم المسلمين نيفا وسبعين ومائتي سنة هجرية رسخت أقدامهم فيها، وأنشأوا امارة إسلامية جديدة تأصلت جذور الحكم الإسلامي فيهــا تأصلا شديدا، وخطوا في تاريخها صفحة تعتبر من أزهى وأمجد صفحات تاريخ الإسلام والمسلمين خلال العصور الوسطى، وعمرت حتى سنة 484 ه (91.ام) حيـث تغلـب (النورمان) على المسلمين، وأصبح الكونت : (روجربن تنكریددی هوتغل) صاحب صقلية، ووضع أساس دولة مسيحية فتية على أنقاض الدولة الإسلامية بالجزيرة أما الحديث عـن «صقليـة تحـت حكم المسلمين» فموعدنا معه في المقال التالي بعون الله تعإلى.

 

(۱) المكتبة الصقلية ج 1 ص 433، 434.

(2) الكامل في التاريخ ج 6 ص 19، والبيان المغرب ج 1 ص ۱۱۰ ۰

(۳) دائرة المعارف البريطانية م 20 ص 609، ورمطة إلى المغرب من مسيني (انظر خريطة - جزيرة صقلية).