الواقع المعاصر للإسلاموفوبيا في البرازيل والأرجنتينمقالات

كارلي كلونتز

مترجم عن اللغة الإنجليزية

 

الواقع المعاصر للإسلاموفوبيا في البرازيل والأرجنتين[1]

كارلي كلونتز

طالبة جامعية في جامعة بيتسبرغ - مهتمة بمجال انتهاكات حقوق الإنسان والعنف الممنهج

 

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أخذت ظاهرة الإسلاموفوبيا في التوسع والانتشار في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الحال كذلك في دولتي البرازيل والأرجنتين خاصة أنها تضم أكبر جاليتين إسلاميتين في أمريكا الجنوبية. توصف الإسلاموفوبيا بأنها "التحامل والكراهية والخوف من الإسلام أو من المسلمين. وبالأخص عندما يُنظَر للإسلام كقوة جيوسياسية أو كمصدر للإرهاب". تأثرت البرازيل والأرجنتين بموجة الإسلاموفوبيا، وإن كان الخوف من الإسلام يتنامى بشكل تصاعدي، من خلال بعض الممارسات العدوانية التي أقدم عليها بعض الأشخاص ضد بعض الأخوات المسلمات أو حتى ضد الشباب المسلمين أو الرسوم العدوانية على بعض المساجد، وتنامت حدة العداء من الكنيسة الإنجيلية من خلال خطابها المحذر من التواجد الإسلامي وسعي بعض نواب البرلمان المتأثرين بالكنيسة لإصدار قانون مكافحة الإرهاب والذي تحول لاستعراض التخوف من الإسلام عن طريق عرض بعض المقتطفات الإعلامية الكاذبة مما ترتكبه جماعات التكفير وداعش وغيرها من المجموعات الإرهابية.

وتشير بعض الإحصاءات غير الدقيقة إلى أن عدد المسلمين في أمريكا الجنوبية قد بلغ 2.3 مليون مسلم في سنة 2010، وارتفع هذا العدد بشكل مطرد على مر السنين حتى بلغ 3 ملايين مسلم في عام 2016، وربما وصل الآن إلى أكثر من أربعة ملايين مسلم أغلبهم في الأرجنتين والبرازيل وسورينام وبنسب أقل في بقية الدول. ويجدر بالذكر أن فقط 50٪ من الجالية المسلمة هم من المهاجرين، في حين أن النصف الآخر هم ممن اعتنق الإسلام من سكان دول أمريكا الجنوبية أو من نسل المهاجرين المسلمين.

وقد وصل الإسلام إلى أمريكا الجنوبية من هجرتين رئيسيتين للمسلمين، حيث حدثت الهجرة الأولى في القرن الخامس عشر عندما تم جلب العبيد إلى أمريكا الجنوبية وكان بعض هؤلاء العبيد من المسلمين، بالرغم أن أكثر هؤلاء العبيد كانوا يجبرون على التحول إلى الكاثوليكية. وحدثت الهجرة الثانية بين عام 1878 حتى عام 1924 حيث هاجر الكثير من مسلمي سوريا ولبنان وفلسطين إلى الأرجنتين، والبرازيل، وفنزويلا، وكولومبيا هرباً من العنف المتصاعد ضد المسلمين في بلدانهم، وأيضاً بحثاً عن مستقبل أفضل لهم ولذويهم.

ومن خلال موجات الهجرة التي حدثت، تكونت في البرازيل والأرجنتين جاليتان إسلاميتان لا بأس بهما من حيث العدد، وكما ذكر سابقًا، فإن المسلمين في هذه البلدان ليسوا جميعًا مهاجرين أو من نسل المهاجرين، حيث هناك عدد كبير من سكان أمريكا الجنوبية اعتنقوا الإسلام من تلقاء أنفسهم.

 

وبالنظر في التاريخ البرازيلي مع الهجمات الإرهابية، يلاحظ أنها لم تكن شائعة حتى سنة 2016، حيث تم القبض على ثمانية رجال كانوا يخططون لشن هجمات على الألعاب الأولمبية في البرازيل جميعهم كانوا من مواطني البرازيل، وكانوا على صلة بالجماعات الإرهابية بما فيها داعش. جاءت محاولة الهجوم هذه في أعقاب المذبحة التي وقعت في 14 يوليو 2016 في نيس بفرنسا عندما قتل 84 شخصًا خلال احتفالات يوم الباستيل، وكان القاتل آنذاك تونسياً فرنسياً وُصِف بأن لديه تاريخ من العنف وعدم الاستقرار العقلي، وخلال عمليات البحث على جهاز الحاسوب الخاص به وجد المحققون صور للجثث وصور مرتبطة بالإسلام المتطرف.

نظرًا لحقيقة أن الهجمات الإرهابية ليست شائعة في البرازيل، فقد أدت محاولة الهجوم خلال الألعاب الأولمبية في البرازيل، والمذبحة في فرنسا إلى زيادة الخوف بين الناس في البرازيل، حتى أن حكومة البرازيل بدأت في أخذ المزيد من الحيطة والحذر. وعلى وجه التحديد، كانت هناك زيادة في الأطواق الأمنية ونقاط التفتيش على الطرق وعمليات التفتيش الجسدي في الملاعب الأولمبية.

وبالنظر في حالة الأرجنتين، يذكر أنهم تعرضوا لهجومين رئيسيين قبل 11 سبتمبر. الأول كان في عام 1992 حيث تسببت جماعة حزب الله المسلحة في انفجار في السفارة الإسرائيلية، حيث قتل 23 شخصًا وجرح 242 شخصًا آخر خلال هذا الهجوم. وبالمثل، في عام 1994 هاجمت هذه المجموعة نفسها الرابطة الأرجنتينية اليهودية المتبادلة، وأدى ذلك إلى مقتل 85 شخصًا وإصابة كثيرين آخرين. والخلاصة هي أن الهجمات الإرهابية كانت تحدث في الأرجنتين حتى قبل 11 سبتمبر، ولكن زادت المشاعر المعادية للمسلمين بعد هذه الهجمات.

وبغض النظر عن الأحداث المروعة، إلا أن سبب المشاعر المعادية للمسلمين هو أن المسؤولين عن الهجمات لم يتم اكتشافهم على الفور، ووصفت الأرجنتين جماعة حزب الله بأنها المنظمة التي تقف وراء الهجمات، لكن حزب الله نفى أي علاقة لهما بالتفجيرين، فبالنسبة لهجوم 1994 لم يتم العثور على المشتبه به إلا بعد حوالي عشر سنوات في عام 2004، حينها كانت المشاعر المعادية للمسلمين قد تجذرت داخل الكثير من الشعب الأرجنتيني.

بعد مثل هذه الهجمات، يبدأ الكثيرون من غير المسلمين إلى النظر إلى أي مسلم على أنه "كائن غريب"، حيث يتم التعامل معه بشكل مختلف، وذلك بسبب الفكرة السلبية التي زرعت وتكونت في دماغهم حول المسلمين. فعلى سبيل المثال، تكون لدى العديد من الشعوب اليهودية والمسيحية خوف شديد وتحيز ضد المسلمين بعد وقوع مثل هذه الهجمات في بلدانهم.

ولكن بالمقابل، أقرت إدارة كيرشنر في الأرجنتين تشريعًا جديدًا يسمح للمرأة المسلمة بارتداء الحجاب في الأماكن العامة دون مواجهة أي اعتداء، وكان ذلك خطوة جيدة نحو تحقيق العدالة للمجتمع الإسلامي في الأرجنتين.

 

[1] الترجمة نقل دقيق لمحتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب.