الإسلام في جمهورية الدومينيكانمقالات

موقع dr1

المصدر: موقع dr1[i]

 

"مترجم عن اللغة الإنجليزية"

 

على الرغم من أن الإسلام في جمهورية الدومينيكان أصبح أحد أكثر الأديان تداولًا بين الناس في القرن الحادي والعشرين، إلا أن هناك الكثير من المؤامرات والمعلومات المضللة حول الإسلام في هذا البلد.

هناك في أحد أجمل أحياء سانتو دومينغو يقع مسجد الدائرة الإسلامية في جمهورية الدومينيكان، حيث يجتمع المسلمون للصلاة والمشاركة في تعلُّم ونشر القيم والتعاليم الإسلامية، ويعتبر هذا المسجد مكانًا لالتقاء الجالية المسلمة الصغيرة في سانتو دومينغو، وعلى الرغم من أن أعدادهم ليست كبيرة مثل النصارى أو حتى اليهود، فإن وجودهم في جمهورية الكونغو الديمقراطية يعتبر طويل الأمد، ويستحق الاعتراف به، حيث يعتبر الوجود الإسلامي في جمهورية الكونغو الديمقراطية رابطًا لتاريخهم، ويعكس نمو تعدد الثقافات وتنوع الجماعات هناك، بغض النظر عن أصولها.

تاريخ الإسلام في جمهورية الدومينيكان:

لقد بدأ تاريخ الإسلام في جمهورية الدومينيكان مع جلب العبيد الأفارقة خلال فترة استعمار جمهورية الدومينيكان، حيث وصل الغزاة الإسبان بقيادة كريستوفر كولومبوس إلى هيسبانيولا في عام 1492، وبدؤوا بحلول عام 1502 في تجارة الرقيق، وقد أثبت المؤرخون أن الإسلام كان موجودًا بالفعل في غرب إفريقيا خلال القرن السادس عشر، وكان هذا هو المكان الذي اشترى فيه المستعمرون الأوائل معظم عبيدهم، ويُعتقد أن مسلمي الولوف من غرب إفريقيا كانوا من بين المجموعة الأولى من العبيد الذين تم نقلهم إلى العالم الجديد.

ومع نمو تجارة الرقيق، استورد المستعمرون مجموعة جديدة لها عاداتها ومعتقداتها الإسلامية إلى بلدانهم، وسرعان ما تم النظر إلى وجود العبيد في غرب إفريقيا ذوي العقيدة الإسلامية على أنه مشكلة، وقد تم تسجيل أول مقاومة للعبيد في عام 1503، عندما كتب نيكولاس دي أوفاندو إلى الملكة الإسبانية إيزابيلا طالبًا منها منع إرسال المزيد من الأشخاص الذين لهم صلات بالإسلام إلى المستعمرات، إلا أن الطلب على العبيد كان قويًّا إلى درجة أن أحداً لم يستجب لمناشدات الحكام الإسبان بالتوقف عن استيراد الأرقاء المسلمين.

وعلى الرغم من البقاء الطويل لهؤلاء المسلمين – بمعتقداتهم وثقافاتهم - بين شعوب الأمريكتين، إلا أن القمع والتحويل القسري إلى الكاثوليكية أدى تدريجيًّا إلى إضعاف الثقافة الأصلية والهوية الدينية للسكان العبيد المسلمين في هيسبانيولا.

ثم توقف استيراد عبيد الولوف من إفريقيا في عام 1522 بعد أن قاد مجموعة من المسلمين أولَ تمرد واسع النطاق للعبيد في الأمريكتين، واندلعت تحركات لهم في مزرعة قصب السكر للأدميرال دون دييجو كولون الذي كان نجل كريستوفر كولومبوس، وبحلول 28 ديسمبر 1522، وصل العبيد إلى مزرعة الماشية في ملكيور دي كاسترو.. ولكن نجاح هذا التحرك كان محدودًا، وفي نهاية المطاف تصدى رجال الميليشيات الأوروبية للعبيد، وتم إحباط تحركهم لاحقًا، ورسمت هذه التحركات خط النهاية لاستيراد المسلمين إلى الجزيرة، مما أدى إلى تقلص الوجود الإسلامي لسنوات قادمة.

المجتمع المسلم المعاصر في الدومينيكان:

على الرغم من تأخر إنشاء مجتمع مسلم واضح الملامح في جمهورية الدومينيكان، إلا أن الدين الإسلامي ظهر بوضوح خلال هجرة اللبنانيين والشرق الأوسط إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

ومع ذلك فقد كانت هجرة المسلمين محدودة على أقل تقدير، وقد زُرعت بذور الإسلام من خلال الهجرة مرة أخرى في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إلا أن وجود الدين الإسلامي لم يكن ينمو هناك، فقد كان معظم المهاجرين من الشرق الأوسط إلى جمهورية الدومينيكان من النصارى، بالإضافى إلى أن عدداً قليلًا من المسلمين المهاجرين تحولوا إلى النصرانية على مر السنين.. ولم يظهر الإسلام مرة أخرى في تلك البلاد إلا بعد هجرة الطلاب إلى جمهورية الدومينيكان خلال الجزء الأخير من القرن العشرين، فقد أصبحت جمهورية الدومينيكان عرضًا تعليميًّا جذابًا للعديد من الطلاب من الهند وباكستان والشرق الأوسط، والذين جلبوا معهم ثقافاتهم وعاداتهم المتنوعة بهذه الطريقة البسيطة، فأكد الإسلام حضوره من جديد في الثقافة الدومينيكية.

وعلى الرغم من أن معظم الناس في جمهورية الدومينيكان من الكاثوليكيين الرومان، إلا أن الدائرة الإسلامية في جمهورية الدومينيكان ساعدت في نشر الإسلام في هذا البلد، وبخطوات تعتبر بطيئة، ويضم المجتمع المسلم مزيجًا من المعتنقين المحليين والطلاب القادمين من الدول، الذين يدرسون في جمهورية الدومينيكان، والمغتربين الذين حافظوا على عقيدتهم أثناء سكنهم في المقاطعة.

ولا تزال الجالية المسلمة في جمهورية الدومينيكان صغيرة نسبيًّا، وقد أصبح من الصعب تحديد عدد المسلمين الذين يعيشون في البلاد، ولكن تشير بعض التقديرات إلى أن 0.02% فقط من السكان (أو 2000 فرد) مسلمون، وهناك إحصاءات أخرى تحدد عددهم بين 400 - 700 مسلم؛ ويصل إلى 1000 مسلم في جمهورية الدومينيكان.

الإسلام والدائرة الإسلامية في جمهورية الدومينيكان:

كانت الدائرة الإسلامية هي أول مسجد تم إنشاؤه بالكامل في جمهورية الدومينيكان، ويقع مسجد الدائرة في وسط سانتو دومينغو، على بعد حوالي خمس دقائق سيرًا على الأقدام من إدارة الشرطة الوطنية وجامعة UNIBE، ويمكن للمسلمين الوصول إليها بسهولة من جميع أنحاء المدينة.

كما كان هناك مساجد حول هذه المدينة، تُعرف عند العرب بالمساجد المتنقلة، ولكن لم يكن هناك مكان يمكن للمسلمين الذهاب إليه للصلاة حتى تم بناء المسجد الحالي، وأفادنا مدير الدائرة الإسلامية أنه كان هناك مسجد صغير في شارع Pedro Lluberes في سانتو دومينغو منذ حوالي 10 سنوات، وأوضح أن هناك حاجة إلى مسجد لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب المسلمين في جمهورية الدومينيكان؛ إلا أن الأموال المخصصة لشراء الأرض كانت محدودة، حتى تمت تلبية طلب المسلمين في يوم من الأيام:

فقد سمع رجل مسلم يُدعى فوتوري عن الحاجة إلى أموال لشراء الأرض، وسأل عن مقدار المال المطلوب، فكتب شيكًا هناك وتم شراء الأرض.. وعندما حان وقت البناء، فتح فوتوري قلبه ومحفظته مرة أخرى وساعد في بناء المسجد.. وهذا المسجد يعمل حاليًّا على تبرعات المسلمين، وهو لا يتطلب الكثير، ولكن يجب الاهتمام بأشياء صغيرة فيه مثل الكهرباء والماء والصيانة الدورية، ويوفر العديد من المسلمين أكبر قدر ممكن من الوقت والموارد المتاحة لتزويد المسجد بما يكفي لإبقائه قيد التشغيل، والمسجد مفتوح يوميًّا للصلوات الخمس، ويقدم دروسًا في الدراسات الإسلامية للسيدات والأطفال في عطلات نهاية الأسبوع، كما ينظم في شهر رمضان أنشطة دعوية أخرى للمسلمين.

وإضافة إلى النشاط الذي يقوم به المسجد داخل المجتمع المحلي، فإن مكتب الفوتوري الاستشاري يقدم استشارات طبية مجانية لأي شخص في المجتمع، ويوجد في الجزء الخلفي من المسجد مكتب صغير للطبيب، حيث يمكن لأفراد المجتمع إجراء فحوصات مجانية لأمراضهم، وفي بعض الحالات قد يحصلون أيضًا على أدوية مجانية، ويأتي الطبيب إلى مكتبه كل أسبوعين لفحص المرضى، وفي بعض الأحيان قد لا يكون الطبيب قادرًا على تشخيص مشكلة أو قد لا يكون لديه الأدوات أو الخبرة اللازمة لعلاج مريض، لذلك يتصلون بأصدقائهم الأطباء، ويرسلون المرضى إليهم، بل هناك ما هو أكثر من ذلك، فعندما يحال مريض إلى عيادة خاصة من طرف المسجد، فقد يقوم الطبيب المعالج بذلك على أنه عمل مجاني، من باب احترام قيمة المسجد في دين الإسلام.

تجربة شخصية:

قدمَ أحد الإخوة الذين يترددون على المسجد (خوسيه كابا) قدرًا كبيرًا من التمعن في الروابط التاريخية بين الإسلام والجمهورية الدومينيكية، وأوضح أن عائلته هاجرت في الأصل إلى جمهورية الدومينيكان من الشرق الأوسط، وأنه عندما نشأ في نيويورك كان يعتقد مثل الكثيرين أنه دومينيكاني فقط، وفي مرحلة ما أصبح مهتمًّا بتتبُّع تاريخ عائلته والتعرف على ماضيه، وهذه الرحلة الشخصية جعلته على اتصال بدين الإسلام الذي كان جزءًا من تراثه الثقافي، فاعتنق الإسلام عام 1974، كما ذكر أن التزامه بهذا الدين دفعه ليكون شخصًا أفضل، وذكر أنه عندما يسافر ذهابًا وإيابًا بين الولايات المتحدة وجمهورية الدومينيكان فإنه يلاحظ نظرات مريبة بين الحين والحين، ويضيف أنه يحظى بالاحترام في المجتمع الدومينيكاني، ولم يبدِ أي قلق على دينه هناك.

المستقبل:

للإسلام تاريخ طويل في جمهورية الدومينيكان، وقد ترك بعض الآثار على الخريطة الثقافية الدومينيكية، وهو جزء مثير للاهتمام من ماضي جمهورية الدومينيكان وحاضرها، وسيظل مثيرًا للاهتمام في مستقبلها مع استمرار الطلاب في التوافد إلى جمهورية الدومينيكان بحثًا عن فرص تعليمية، وبما أن الثقافة الإسلامية أصبحت مثيرة للاهتمام في الدومينيكان فسيستمر هذا الدين في النمو.

أما أولئك الذين ينخرطون في الدين الإسلامي فسيتجاهلون الصور التلفزيونية والآراء الخاصة حولهم، وسوف يقدمون للآخرين المعلومات الصحيحة حول دينهم.

أخيرًا.. هل سنشهد ظهور عشرين مسجدًا جديدًا في جمهورية الدومينيكان في السنوات العشر القادمة؟ مَن يدري؟.. ولكن المؤكد هو أن وجود الإسلام في المجتمع الدومينيكي أصبح يضيف ثروة ثقافية مميزة ومتنوعة في هذا البلد.

 


[i] رابط المادة الأصلية: اضغط هنا.

0 شخص قام بالإعجاب