أصول الدعوة المحمدية ومقاصدها العامة التي أجملناها من قبل في إحدى عشرة مقدمة، نلخصها للتذكير وبيان نتيجتها:
- إصلاح ما أفسده أهل الكتاب المعروف تاريخهم في الجملة ومن سبقهم من أتباع الأنبياء الأقدمين بالأولى من أركان الإصلاح الديني الإلهي الثلاثة وهي الإيمان بالله، والإيمان بالبعث والجزاء، والعمل الصالح الذي تتزكى به الأنفس البشرية، فأنَّى لرجل أمي أن يعلم هذه الأصول وما أفسد أتباع الأنبياء منها ويستقل عقله بما أشرنا إليه من إصلاحه المعقول الموافق للفطرة البشرية، بل كان يعجز عن ذلك جميع المتكلمين والحكماء الراسخين من تلك الأمم.
- بيان ما كان يجهله البشر من حقيقة النبوة والرسالة ووظائف الرسل عليهم الصلاة والسلام وفيه بحث مستفيض في حقيقة الآيات الكونية التي أيدهم الله بها وما يشبهها من خوارق العادات وضلال الماديين والخرافيين فيها.
- بيان أن الإسلام دين الفطرة السليمة، والعقل والفكر، والعلم والحكمة، والبرهان والحجة، والضمير والوجدان، والحرية والاستقلال، والشواهد على هذه الأصول لترقية نوع الإنسان وبلوغه بها سن الرشد من آيات القرآن، ولا تزال فلسفة جميع البشر القديمة والحديثة قاصرة عن تشريع يحتوي هذه الأصول كلها، وما جاء في القرآن من فروعها أو شروط التحقق بها.
- الإصلاح الاجتماعي والإنساني والسياسي وتحقيقه بالوحدات الثمان:
- وحدة الأمة.
- وحدة الجنس البشري.
- وحدة الدين.
- وحدة التشريع بالمساواة في العدل.
- وحدة الأخوة الروحية والمساواة في التعبد.
- وحدة الجنسية السياسية الدولية.
- وحدة القضاء.
- وحدة اللغة.
ولم يأت بهذه الوحدات البشرية في ذلك كله ولا في أكثره دين ولا تشريع إلا دين القرآن وهدي محمد عليه الصلاة والسلام.
- المزايا العشر للتكاليف الشخصية في الإسلام وهي الجمع فيها بين حقوق الروح والجسد، وكون الغاية منها سعادة الدنيا والآخرة معًا، وكونها يسرًا لا حرج فيها ولا عسر ولا إرهاق، وكونها قصدًا واعتدالًا في كل أمر، لا غلو بها ولا إسراف، ولا سيّما الزينة والطيبات، وكونها معقولة سهلة الفهم، واشتمالها على العزيمة والرخصة، وكونها مراعى فيها درجات البشر في العقل والفهم وعلو الهمة وضعفها، وبناء المعاملات فيها على الظواهر دون البواطن، وبناء العبادات فيها على الإتباع دون الابتداع، حتى لا يكون فيها تحكم للآراء والرياسات.
- بيان أن حكم الإسلام السياسي الدولي قائم على أساس سلطة الأمة واجتهاد أولي الأمر على أساس درء المفاسد ومراعاة المصالح والشورى، والعدل المطلق والمساواة فيه، وحظر الظلم، ومراعاة الفضائل في الأحكام، ولم يوجد في الدنيا دولة ولا حكومة تساوي الإسلام في ذلك، وفي هذا البحث عدة أصول وقواعد.
- الإصلاح المالي من جميع النواحي التعبدية والأدبية والخلقية والاجتماعية والدولية بما لو اتبعته الدول والأمم لما وجد في الدنيا فقر مدقع، ولا غرم مفجع، ولا بلشفية باغية، ولا رأسمالية طاغية، ولا طمع يهودي، ولا زهد مسيحي، ولا تقشف هندي، ولا بغي إفرنجي، ولا تعطيل مصلحة عامة، ولا إرهاق منفعة خاصة، وإذا لاستغنى البشر به عن الاشتراكية المعتدلة لأنه الاشتراكية المثلى.
- إصلاح نظام الحرب ودفع مفاسدها وقصرها على ما فيه الخير للبشر، وفيه قواعد مؤيدة بشواهد الآيات البينات المثبتة أن دين الإسلام هو وحده دين السلام، وأن شرور الحروب وطغيانها وتأريثها للعداوات بين البشر لا يمكن درؤها إلا باتباع قواعده في قصر الحرب على الدفاع ومنع الاعتداء، وإيثار السلم على القتال، والصلح على الخصام، ومراعاة الحق والعدل في المعاهدات، وخلوها من الدخل الذي يفسدها بجعلها حجة لغلب أمة على أمة، وإرهاق دولة لدولة، وقد أوردنا فيه بضع قواعد مؤيدة بالنصوص والشواهد.
- إعطاء النساء جميع الحقوق الإنسانية والدينية والمدنية من زوجية ومالية وغيرها وتكريمهن واحترامهن، وهو ما لم يوجد في دين ولا قانون سابق ولا لاحق.
- تحرير الرقيق ورفع الظلم والإهانة عنه وتشريع الوسائل لمنع تجديده، وإيجاب الإحسان إليه، إلى أن يتم تحريره وإبطاله.
المصدر: مجلة المنار - العدد: 2 - 3 أبريل 1933.