الأدب الإسلامي: خصائصه ومميزاتهمقالات

المستودع الدعوي الرقمي

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :

    إن الأدب الإسلامي هو التعبير الفني الهادف عن الإنسان والحياة والكون ، وَفْقَ التصور الإسلامي ، فهو تصوير الحياة والإنسان والكون ، في صورة فنية مُلتزمة بفلسفة الإسلام للجَمال ، لذا ؛ لا بدَّ من الاهتمام بهذا الأدب حق الاهتمام ؛ لبثِّ الإسلام ورسالته ، ونشر دعوته في العالم كله .

وإن واجب الدعوة إلى الله - عز وجل - عن طريق الكلمة الأصيلة الملتزمة ، والسعي إلى تعزيز الأدب الإسلامي ، ومواجهة انتشار الأدب المزوّر والأدب الداعي إلى الفجور والرذيلة ومحادة الإسلام في العالمين العربي والإسلامي، كل ذلك دعا بعض الأدباء الإسلاميين إلى التفكير في إنشاء رابطة تجمع صفوفهم ، وتشدُّ كل واحد منهم بعضد أخيه ، وترفع صوتهم ، وتقفهم على واجبهم في التأصيل للأدب الإسلامي ، ونقد المذاهب الأدبية العالمية ومناهج النقد الحديثة ، وإيضاح ما فيها من إيجابيات وسلبيات .

وبعد تداول مصطلح " الأدب الإسلامي " والتنظير حوله ، وإعلان كثير من الأدباء الالتزام به ، وصار مدرسة أدبية متكاملة في سائر الدول العربية ، وساعد على ذلك تأسيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، ومجلتها " الأدب الإسلامي " ذائعة الصيت ، وانتشرت الدراسات الأكاديمية عن الأدب الإسلامي في الجامعات المختلفة ، استقرَّت المبادئ والخصائص التي يلتزمها أدباء هذه المدرسة في التالي :

- أن الأدب الإسلامي حاضر منذ انبلج فجر الإسلام ، وقد استمرَّ عبرَ القرون وخلالَ العصور ، وهـو يستمـدُّ عطاءه من مشكاة الوحي وهَدْي النبوة ، ويمتد عبر العصــور إلى عصرنا الحاضر ليسهم في الدعوة إلى الله عز وجل ، فهو لسان المجاهد والداعية ، والمدافع عن الإسلام وعقيدته وشريعته .

- أن خصائص الأدب الإسـلامي هي الخصائص الفنية المشتركة لدى آداب الشعوب الإسلامية كلها ، وأن التصـور الإسلامي يقــدم للإنسان والحياة والكون – كما نجده في الأدب الإسلامي - أصولاً لنظرية متكاملة في الأدب والنقـد ، وملامح هذه النظرية موجودة في النتاج الأدبي الإسلامي الممتد عبر القرون المتتالية .

- أن مصطلح " الأدب الإسلامي " حديث ، وقد أخذ موضعه بسبب تصدِّيه للهجمة التغريبية والعلمانية الشرسة على كل ما هو إسلامي ، ومحاولة حصر الأدب والحداثة في الخلاعة والمجون والشذوذ ، والثورةِ على قواعد الإسلام ؛ بدعوى الخروج على التابوهات !!

- أن الأدب الإسـلامي أدب متكامـل ، ولا يتحقـق تكامله إلا بتآزُر المضمون مع الشكل ، والأدب الإسلامي يفتح صدره للفنون الأدبية الحديثة ، ويحرص على أن يقدمهـا للناس ، وقد برئت مـن كل ما يخالف دين الله عز وجل ، وغَنِيَتْ بما في الإسلام من قيم سامية وتوجيهات سديدة ؛ فالأديب الإسلامي متقيد بالإسلام وقيمه ، وملتزم في أدبه بمبادئه ومُثله .

- أن الأدب الإسلامي يُعنى بالإتقان الفني ، وذلك لا يتمُّ إلا بتآزُر الشكل والمضمون ، وعلى ذلك ؛ فإن الأدب الرديء لا يشفع له أن يكون موضوعه إسلاميًّا ، حتى إن كثيرًا من مدائح الرسول -صلى الله عليه وسلم- مُستبعَدة من الأدب الإسلامي ؛ لأن الأدب الإسلامي ينبغي أن يجمع إلى سموِّ الغاية سموَّ الوسيلة .

- أن الأدب الإسلامي ريادة للأمة ، وأدب أصيل ، وتتجلَّى أصالته في التزام الأديب الإسلامي بالأصيل مِن خصائص الأمة الإسلامية ، والنقيِّ مِن صفاتها ، وتمحيص أدبه للخالد الباقي ، فهو مسؤولية أمام الله عز وجل ، حيث يَشعر الأديب الإسلامي شعورًا عميقًا بالمسؤولية التي ألقاها الله على كاهله ، وأن يُقدِّر خطورة الكلمة وشرَفها وقيمتها ، مصداقًا لقول الشاعر :

وَمَا مِنْ كَاتِبٍ إِلاَّ سَيَفْنَى = وَيَبْقَى الدَّهْرَ مَا كَتَبَتْ يَدَاهُ

فَلا تَكْتُبْ بِكَفِّكَ غَيْرَ شَيْءٍ = يَسُرُّكَ فِي الْقِيَامَةِ أَنْ تَرَاهُ

 

- أن الأدب الإسلامي يستمِدُّ قيَمَه ومضموناته وتصوُّراته مِن الإسلام الثابت الراسخ ، لذا ؛ فإنه يَحتفظ دائمًا بشخصيته وروحه وتفكيره وذكريات ماضيه ، وإذا تغيَّر فيه شيء على مرِّ العصور فإنما تتغيَّر أثوابه وأشكاله فحسب .

- أن الأدب الإسلامي يستوعب كل أشكال الأدب القديمة والحديثة ، في شتى فروع الأدب ، من شعر ، ورواية ، وقصة قصيرة ، وقصة قصيرة جدًّا . . . إلخ ؛ بَيْدَ أن ما يميِّزه هو أنه يراعي آداب الإسلام وأحكامه ، ويُعْنى بإشاعة الفضيلة ومحاربة الرذيلة في المجتمع .

- أن الأدب الإسلامي أدب ملتزم هادف ، ليس كالتزام الاشتراكيِّين والوجوديين ؛ بل هو التزام بالإسلام وقيمِه وتصوراته ، وتقييدٌ بمبادئه ومثُله وغاياته ؛ فالتزام الأديب فيه التزام عفوي نابع مـن التزامه بالإسلام ، ورسالته جزء من رسالة الإسلام العظيم ، فالأديب المسلم صاحب رسالة ، لا ينظر إلى الأدب على أنه غاية لذاته ، كنظرة أصحاب "مذهب الفن للفنِّ" ؛ وإنما هو وسيلة إلى غاية ، وسيلة لنشر القيم والخير والإيمان بالله تعالى .

- أن الأدب طـريق مهـم من طـرق بنـاء الإنسان الصالح والمجتمع الصــالح ، وأداة من أدوات الدعوة إلى الله عـزّ وجـلّ وتعزيز الشخصية الإسلامية ، وأن الأدب الإسـلامي مســؤول عن الإسهـام في إنقاذ الأمة الإسلامية من محنتها المعاصرة ، وأن الأدباء الإسلاميين أصحاب ريادة في ذلك .

- أن الأدب الإسلامي أدب أخلاقي بكل ما تَحمله هذه الكلمة مِن دَلالات ؛ ذلك لأن الالتزام الخلُقي عند الأديب الإسلامي كموهبته .

- يـرفض الأدب الإسلامي أية محاولة لقطع الصلة بين الأدب القديم والأدب الحديث بدعوى التطور أو الحداثة أو المعاصَرة ، ويرى أن الحديث مرتبط بجذوره القديمة .

- يرفـض الأدب الإسـلامي النقـد الأدبي المـبني على المجاملة المشبوهـة ، أو الحقد الشخصي ، كما يرفض لغة النقد التي يشــوّهها الغموض ، وتفشو فيها المصطلحات الدخيلة والرموز المشبـوهة ، ويدعو إلى نقد واضح بنّاء ، يعمل على ترشيد مسيرة الأدب ، وترسيخ أصـوله .

- أن الأدب الإسلامي استقلالي ؛ حيث يتخلَّص الأديب الإسلامي من تأثير الأدباء الأفذاذ الذين يَجذِبون إليهم مَن دونهم جذبًا شديدًا ، ويتحكَّمون في رؤيتهم للأشياء ، ويكوِّن شخصيته الأدبية الإسلامية المستقلة ؛ بحيث لا يَرى الأديب المسلم إلا بعين الإسلام ، ولا يسمع إلا بأذنه ، ولا يُحس إلا بإحساسه .

- أن اللغة العربية الفصـحى هي اللغة الأولى للأدب الإسلامي الذي يحارب الدعوة إلى العامية ، ويرفض الأدب المكتوب بها .

- أن الأديب الإسلامي لا يستطيع أن ينهـض بفكر الأمة وقضاياها إلا إذا كان تصوره العقدي صحيحًا ، ومعارفه الإسلامية كافية .