نقد الكتاب الذي يقول الحقيقة (كتاب الطائفة الرائيلية)مقالات

رضا البطاوي

مقدمة:

للكاتب رضا البطاوي دراسة مطولة حول كتاب الطائفة الرائيلية (الكتاب الذي يقول الحقيقة)، والذي ألفه صحفي عاش في فرنسا يسمى "كلود فورلون"، والكتاب هو تفسير جديد لبعض مقولات ما يسميه اليهود والنصارى بالكتاب المقدس، ونختار لكم مقتطفات مما جاء في هذه الدراسة النقدية، التي تقف بنا على أبرز المعتقدات الغريبة والمتناقضة لهذه الطائفة.

إن هذا الكتاب طبقًا لنهايته هو إعلان لديانة جديدة تسمى "الرائيلية"، وهي تقوم على أنه لا يوجد إله، أي خالق واحد، وإنما مجموعة من الخالقين، فكلمة "إيلوهيم" لا تعني إله واحد كما هو المعنى المعروف، لأن معنى الكلمة هو "الخالقون" في اللغة العبرية.

الألوهية والخلق عند الرائيليين:

- يتبنى "كلود" نظرية الآلهة المتسلسلة (الخالقون المتسلسلون)، والمراد أن الخالقين يموتون، وتصبح مخلوقاتهم خالقين أخرين، ثم يموتون، وتصبح مخلوقاتهم خالقين، وهكذا، حيث يقول: "لقد اكتشفنا عند خلقكم وتطوُّر ذلك أصلنا نحن، لأننا نحن أيضًا خُلقنا من طرف أناس أخرين، والذين انقرضوا أكيدٌ أن حضارتهم قد دمرت". ومقولة الخالقين المتسلسلين تنافى وجود ثواب وعقاب، والخالقون عند الفضائي المزعوم هم العلماء الذين أتوا من كوكب الخالقين في السماء.

- وأما عدد فرق الخالقين فهو بعدد أجناس البشر، كما في قول الفضائي المزعوم: "لكن سكان كوكبنا صعقوا من كوننا صنعنا أطفالًا من الأنابيب خوفًا من أن يزعجوا راحتهم إذا ما كانت قدراتهم وذكاؤهم يفوقون ذكاء خالقيهم، فأخذنا على أنفسنا أن نتركهم يعيشون عيشة بدائية، دون أن نكشف لهم عن العلوم، وأن نوحي إليهم أن أعمالنا روحانية، ومن السهل معرفة عدد فرق الخالقين فكل جنس بشري يماثل فريقا من الخالقين".

- والخالقون عندهم يتزوجون من المخلوقين الذين خلقوهم، كما في قول الفضائي المزعوم: "حين عاشر بنو الإيلوهيم بنات الناس وولدن لهم أولادًا..".

- والخالقون لديهم ينقسمون إلى نوعين: من يعيشون في كوكبهم الأم، والمنفيون الذين عاشوا في الأرض، وبعد العفو عنهم من الخالقين في الكوكب الأم عادوا إليه، وهو ما جاء في قول الفضائي المزعوم: "سُمح للخالقين المنفيين أن يعودوا إلى كوكبهم بعد أن تم العفو عنهم، فدافعوا عن الحياة التي خلقوها في الأرض فأصبح الكوكب كله يهتم بالأرض ويحيطها برعايته".

- وبيَّن الفضائي المزعوم أن الخالقين والمخلوقين متساوون متماثلون، في قوله: "أن الكل دائري، الأعلى يصبح الأسفل، والأسفل يصبح أعلى، أصل ومصير الخالقين والإنسان مماثل ومقيد".

- والخالقون عندهم يأكلون، كما في قول الفضائي المزعوم: "إن ذلك الفريق من الخالقين سيقيم في الأرض وقتًا طويلًا، وكانوا يرغبون في أكل طري، ولهذا طلبوا من شعب إسرائيل أن يزودوهم به وبطريقة منتظمة".

- وعدد الخالدين فقط 700 شخص، وذلك في قول الفضائي المزعوم: "من بين سبعة مليارات من السكان هناك 700 خالد فقط، يعيشون بعيدين عن بقية الناس، يتمتعون بالحياة الخالدة، ولكن على عاتقهم أن يهتموا بالآخرين الذين ليسوا مجبرين على العمل".

- والناس يعملون برغبتهم، كما في قوله: "كل الناس يعملون لأن لهم الرغبة في ذلك، بما أن النقود منعدمة عندنا كل من عمل شيء أتقنته".

الدين عند الرائيليين:

- دين القوم هو دين العبقرية الإنسانية، كما في قول الفضائي المزعوم: "ديننا الوحيد هو العبقرية الإنسانية، لا نؤمن إلا بذلك، ونحب بصفة خاصة ذكرى خالقينا الذين لم نرهم أبدًا".

- كتابهم يبدو أنه إعادة اعتبار لليهود فقط، فرسالة المسيح تلغي وعود القوم لليهودية، بدليل أن الحلول التي أتى بها الكتاب مستمدة من شريعة اليهود وعاداتهم.

- اليهود عند الكاتب أكثرُ الناس علمًا، كما في قوله: "فجاءوا وأخذوا اليهود الذين لهم معرفة أكثر بالعلوم، فنشروهم في باقي أطراف القارة وسط شعوب بدائية"

- وهم وحدهم العلماء بين بقية الشعوب البدائية، ويبدو أنه استخدام تعبير "البدائيين" بدلا من "الغوييم" أو الأمم الأخرى لاعتبارات علم الناس، فيقول: "فيما بعد أراد الخالقون أن يروا ما إذا كان شعب إسرائيل، وخاصة كبيرهم، لا يزال يكن محبة واحترامًا بعدما أصبحوا يعيشون في حالة شبه بدائية، وبعدما تم تخريب معظم الأدمغة، هذا ما تقوله الفقرة التي أراد فيها إبراهيم أن يضحي بابنه، أراد الخالقون أن يمتحنوه ليروا ما إذا كان خوفه ومحبته للخالقين قوية جدًّا، ومن حسن الحظ أن كانت التجربة إيجابية".

- بيَّن الفضائي أن دين الرائيلية يتم إثباته من خلال الشعب اليهودي وحده، في قوله: "وبما أن التوراة التي حافظ عليها الشعب اليهودي ستكون دليلًا يستشهد به عند مجيء الخالقين فقد كتب: أنتم شهودي".

- كما بين أن الشهادات على صدق الدين الرائيلي موجودة في كل الكتب الدينية، خاصة كتاب القبلانية، وهو الكتاب المعروف باسم "الكابالا" أو السحر اليهودي، في قوله: "ليست الحقيقة موجودة فقط في الكتاب المقدس والإنجيل، بل هناك تقريبًا في كل الديانات، وخصوصًا في كتاب القبلانية الغني بالشهادات، لكن لا يمكنك الحصول عليه بسهولة".

نماذج من التناقضات في الكتاب:

ذكر الكاتب الكثير من التناقضات الغريبة في هذا الكتاب، ومنها:

1- علو الخالق هو 236000 فرسخ، في قول الفضائي المزعوم، وهو ما يناقض أن علو أقدامه 30 مليون فرسخ في قول الفضائي، حيث قيل فيه: "إن علو الخالق هو 236000 فرسخ وأن علو أقدامه هي 30 مليون فرسخ".

2- عدد الخالقين كثير، كما في قوال الفضائي المزعوم: "من أقصى السماء شروقها، وإلى أقاصيها، أتى الخالقون من كوكب بعيد جدًّا عن مدار الأرض"، وهو ما يناقض كونه إلهًا واحدًا هو الله، في أقوال الفضائي المزعوم مثل: "أن مريم تنتظر طفلًا وأن أباه هو الله، الإله الحق والوحيد الذي يجب إتباعه".

3- رؤية الخالقين غير ممكنة، فمن يرى سيموت بسبب اختلاف الغلاف الجوي بين الكوكبين، في قول الفضائي المزعوم: "أما وجهي فلا تقدر أن تراه لأن الذي يراني لا يعيش الخروج"، بينما لديهم رؤية الخالقين ممكنة لو أظهر الإنسان امتنانه لخلقه "نحن الخالقون لا نود إظهار أنفسنا رسميًّا إلا إذا بين الإنسان أنه ممتن لخلقه".

4- الإنسان غير خالقيه، يقول الفضائي المزعوم: "يكاد الإنسان أن يكون في نفس المستوى من الذكاء كخالقيه، لم يجرؤ الذين استنسخوا الكتاب أن يكتبوا كما أملى عليهم أن الإنسان كخالقه". ولكن الخالقين ناس كالناس في قوله: "إننا إنس مثلكم ونعيش في كوكب شبيه بالأرض على حد ما".

5- عمر الخالقين المزعومين يساوي 10 أضعاف عمر البشر، وهو 75 سنة، أي 750 سنة: "أنتم الذين لا تعمرون سوى 75 سنة في المتوسط، أما بالنسبة لنا فالمسألة مختلفة، لسنا بخالدين، ولكننا نعمر عشر مرات أكثر منكم"، ومع هذا يناقضه أنهم يعيشون أكثر من 750 سنة حتى 1250 سنة أي حوالي 17 ضعفًا: "يعمر جسدنا حوالي 10 مرات أكثر من جسدكم كرجال الكتاب المقدس الأوائل ما بين 750 و1250 سنة، لكن ذهننا أي شخصيتنا الحقيقية يمكن أن تكون حقًّا خالدة".

6- العبقري الخالد لا يلد أطفالًا في قول الفضائي المزعوم: "إذا كان يستحق أن ينضم إلى مجلس الخالدين كعضو أبدي عندما يطلب أحد ما حياة أخرى، ليس له الحق في أن ينجب أطفالًا"، وهو ما يخالف أن من حق كل زوجين إنجاب طفلين بلا استثناء في قول الفضائي المزعوم: "لنا أطفال ونطبق ما قلته لك سابقًا، لكل زوجين طفلان، وبهذا فعدد سكاننا ثابت".

7- سكان كوكب الخالقين يعملون ذهنيًّا في قول الفضائي المزعوم: "نحن لا نعمل تقريبًا إلا ذهنيًّا، مستوانا العلمي جعل رهن إشارتنا أناسًا آليين في كل الميادين، لا نعمل إلا إذا كانت لنا الرغبة في ذلك، وبالعقل فقط"، وهذا يخالف قوله: "كل الناس يعملون لأن لهم الرغبة في ذلك".

8- عدد العاطلين مليون مختل عقليًّا تحت رعاية الأطباء، حيث يقول: "من بين السبعة مليارات من السكان ليس هناك سوى مليون واحد من العاطلين، كلهم تقريبا تحت المعالجة"، وهو ما يخالف أن العدد غير معروف؛ لأن كل من يطرأ عليه خلل ذهني يعالج، ففي قول الفضائي المزعوم: "بالمقابل هناك أطباء نفسانيون وزيارتهم منتظمة، وكل من لوحظ فيه خلل ذهني يمكنه أن يمس بحرية الفرد أو يهدد حياة الآخرين يخضع لمعالجة تعيده إلى الطريق القويم".

9- الزواج ليس هو أساس الأسرة، ففي كتابهم: "هل الزواج موجود عندكم؟ لا، النساء أحرار والرجال أحرار، لكن الحياة الزوجية ممكنة للذين اختاروا ذلك"، وهو ما يناقض كون الزواج الأساس للأسرة في قوله: "لنا أطفال ونطبق ما قلته لك سابقًا، لكل زوجين طفلان".

10- أن الخالقين يموتون كما في قول الفضائي المزعوم: "ونحب بصفة خاصة ذكرى خالقينا الذين لم نرهم أبدًا ولم نجد أثرًا لعالمهم، من المحتمل أنهم اندثروا، وقد حرصوا على جعل كل معلوماتهم في مركبة ضخمة نزلت على كوكبنا تلقائيًّا عندما دمر عالمهم"، وهو ما يناقض وجود الخالدين في قوله: "من بين سبعة مليارات من السكان هناك 700 خالد فقط يعيشون بعيدين عن بقية الناس يتمتعون بالحياة الخالدة".

11- قول الفضائي المزعوم: "ومصير الخالقين والإنسان مماثل ومقيد"، يخالف أن الأعمار مختلفة فيما بينهم في العمر في قوله: "أنتم الذين لا تعمرون سوى 75 سنة في المتوسط، أما بالنسبة لنا فالمسألة مختلفة، لسنا بخالدين ولكننا نعمر عشر مرات أكثر منكم".

12- الحياة بدأت بكائنات بسيطة في قول الفضائي المزعوم: "عندما جئنا من أجل خلق الحياة على الأرض، بدأنا بخلق كائنات بسيطة، وأخذنا بتطوير تقنياتنا من أجل التكيف مع المكان... وأخيرًا الإنسان الذي هو نموذج متطور للقرد"، وهو ما يخالف أنها بدأت بالماء والهواء: "بعد البحار والهواء خلقوا الحيوانات على اليابسة، كسيت بحشائش وأشجار في مناظر خلابة".

13- التسلسل بين الخالقين والمخلوقين، واستمرار السلسلة إلى ما لا نهاية، حيث يموت الخالق فيترقى المخلوق لمرتبة الخالق، وهكذا، كما في قوله: "لقد اكتشفنا عند خلقكم وتطوُّرِ ذلك أصلَنا نحن، لأننا نحن أيضًا خلقنا من طرف أناس أخرين، والذين انقرضوا أكيد أن حضارتهم قد دمرت"، يناقضه وجود حياة أخرى حيث البعث، في قول الفضائي المزعوم: "وهنا ستحدث معجزة، سيعيد الخالقون بعث رجال من بقايا عظامهم"، ويخالفه وجود العقاب والثواب في قوله: "في ذلك اليوم يعاقب (يهوه) بسيفه العظيم الشديد لوياثان الحية الهاربة، ويقتل التنين الذي في البحر"، كما يناقض إدخال الناس في العهد وهو الثواب والعقاب في قوله: "وهكذا سندخلهم إلى العهد المجزي بفضل ميراثنا الذي يساوي 25 ألف سنة من التقدم العلمي".