المسلمون في جنوب السودانمقالات

مترجم من مقال باللغة التركية

المساحة: 644.329 كيلو متر مربَّعًا.

عدد السكان: 11.562.695 نسمة.

نسبة المسلمين: 20%.

العاصمة: جوبا.

اللغة الرسمية: الإنجليزية.

 أصبح المسلمون أقليَّةً في دولة جنوب السودان بعد انفصالها عن السودان عام 2011م بعد الحرب الأهلية الطويلة؛ حيث إن نسبة المسلمين حوالي 20% من سكان البلاد، وتُعتبر نسبة النصارى أكثر بقليل من المسلمين في البلاد، ويعود وصول المسلمين إلى تلك المنطقة إلى عملية الدعوة في الفترة الأولى في إفريقيا، وكانت هناك علاقات اقتصادية في فترة ما قبل الإسلام بين سكان المنطقة الأصليين - المجتمع النوبي – والمجتمع العربي.

 بعد أن فُتِحت مصر في القرن السابع الميلادي، سيطرت القوات المسلمة التي انطلقت إلى الجنوب على الجزء الموجود فيه دولة السودان اليوم؛ حيث كان إقليم جنوب السودان – الذي أنشأته الفرق الصغيرة التي تؤمن بالديانات الإفريقية المحلية - متَّصلًا تمامًا بالسُّلطة المركزية بالوالي العثماني في مصر محمد علي باشا في القرن الثامنَ عَشَرَ.

 وبعد ضعف قوَّة الخلافة العثمانية تدريجيًّا بسبب الموازنات الدولية في المنطقة، تركت الدولة العثمانية مكانها تمامًا للمستعمر الإنجليزي عام 1899م، وفي ظلِّ الحكم الاستعماري الإنجليزي الذي استمرَّ لمدة (56) سنةً، بدأ عدد النصارى الأفارقة بالازدياد؛ بسبب الأعمال التنصيرية، التي اكتسبت قوةً في المناطق الجنوبية، ولأن المسلمين كانوا في الشمال السوداني.

 وبعد الكثير من الدراسات، تمَّ اكتشاف الكثير من الاختلافات العِرقية بين الشمال والجنوب، وزُرعت أوَّل بذور الانفصالية في المنطقة، التي أدَّت إلى الحرب الأهلية التي بدأت مباشرةً بعد الاستقلال في عام 1955م، والتي كانت خطوة كبرى على طريق الانفصال بين الشمال والجنوب.

كانت الحرب الباردة قائمةً على قدم وساق بين المعسكرينِ: الغربيِّ بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي، في تلك الفترة، وكانت الحكومة القمعية في الشمال قريبةً من المعسكر الغربي؛ ما كان سببًا في قيام المعارضين بعلاقات مع الاتحاد السوفيتي، وكان هناك تأثير للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية بين الشمال والجنوب.

    بعد استقلال جنوب السودان وتمتُّعها بحكمها الذاتي عام 1972م، لم تتأقلم الأقلية المسلمة في هذه الفترة مع استقلال جنوب السودان، فاشتعل فتيل حرب أهلية جديدة أكثرَ شدَّةً في عام 1983م، وقد استمرت هذه النزاعات التي قدَّمت لها الدول الغربية كل أنواع الدعم لتقسيم السودان حتى عام 2005، وخسر آلاف الأشخاص حياتهم، واضطُرَّ مئات الآلاف للهجرة بسبب الحرب بين الشمال والجنوب، وكان الجنوب يتلقَّى الأسلحة من الغرب، وتُعَدُّ هذه الحرب التي بدأت في الثمانينيَّات حربًا عَقَدية، فكانت أشدَّ من الحرب الأهلية التي سبقتها.

 لقد تمَّ إظهار الصراع في الجنوب على أنه نضال من أجل حقوق النصارى، وهذه الخُطَّة طبَّقتها الدول الغربية لإيقاف عملية الأسلمة، خاصةً بعد انقلاب عمر البشير عام 1989م.

 وفي الاستفتاء على انفصال جنوب السودان الذي أُقيم عام 2011م، قام جزء كبير من المسلمين بالتصويت بقبول الاستقلال والانفصال عن الشمال، وظلُّوا في الجنوب على الرغم من هجرة جزء من الأقلية المسلمة إلى الشمال، وهذا الانقسام بين مسلمي جنوب السودان يرجع إلى حدٍّ كبير إلى أسباب عِرقية، وَفْقًا لغالبية العِرق العربي في الشمال؛ فإنّ المسلمين الجنوبيين يرون أنفسهم مختلِفين، ودائمًا كانوا في حالة شكوى من الظروف السائدة في البلاد، وأنهم كانوا مضطهدين هم وبعض الجماعات الوثنية، حيث كانوا يُعاملون بإهمال وتمييز عنصريٍّ، كما شعرت حكومة الخرطوم في الشمال بخَيْبة أمل كبيرة تُجاه المسلمين السودانيين الجنوبيين بسبب موقفهم من عملية الانفصال.

وقد اتَّخذت إدارة جنوب السودان العديد من الخطوات لكسب ولاء الأقلية المسلمة بعد الانفصال؛ كتَبَنِّيها لممارسة الحريات الدينية، والتعايش، بالإضافة إلى إرجاعها جميَع الأراضي التي اغتُصِبت من المسلمين.

وتمثِّل الأقليةَ المسلمة في البلاد منظَّمةٌ تُسمَّى (مجلس مسلمي جنوب السودان)، وهذه المنظَّمة تَهدُف إلى تنظيم العلاقات بين الحكومة والمسلمين، ولتكون أيضًا وسيطًا لحلِّ المشكلات بين الجانبين، على الرغم من أن حكومة جنوب السودان تَعِدُ المسلمين بالحرية الدينية الفردية، فإنها تقول: إنه لن يتمَّ التسامح مع أيِّ نشاط سياسي لهم.

ثم أخذ وضع الأقلية المسلمة في جنوب السودان بالتدهور منذ عام 2014م؛ بسبب المشكلات الاقتصادية والحرب الأهلية العِرقية، ويُعتبَر الفقر وقلَّة التعليم هي أكبر مشكلات البلاد، ولا ترتبط هذه القضية بسياسة تمييز محدَّدة؛ بل يرتبط بالوضع والحالة العامَّة للبلاد.