المسلمون في الغابونمقالات

مترجم من التركية

مقال مترجم من اللغة التركية

تمّ نشر المقالة يوم 13/3/2019م

المساحة: 267.667 كيلو متر مربَّعًا.

عدد السكان: 1.672.597 نسمة.

نسبة المسلمين: 1 إلى 5 %.

العاصمة: ليبرفيل.

اللغة الرسمية: الفرنسية.

الغابون تُعَدُّ واحدةً من أصغر الدول في غرب إفريقيا، يتكوَّن نصف سكانها من النصارى، وتبلغ نسبة المسلمين من (1 إلى 5) بالمائة، وثُلث السكان يؤمنون بالأديان الأفريقية المحلية.

جزء كبير من المسلمين هم من المهاجرين، وليسوا من السكان الأصليين؛ وذلك بسبب أنّ البلاد جذَّابة للمستثمرين الأجانب، ولا سيَّما بعد العثور على النفط في السبعينيَّات.

ورغم الأغلبية النصرانية للسكان في الغابون، فإنها عضو في منظَّمة التعاون الإسلامي منذ عام 1974م، وبغضِّ النظر عن العلاقات الاقتصادية والتطويرية مع الدول العربية الغنية، فإنَّ إسلام الرئيس الغابوني عمر بونغو في ذلك الوقت، في سنة 1973م، كان سببًا فعَّالًا في دخولها منظَّمة التعاون الإسلامي، ومع ذلك فقد أثمرت هذه العلاقات الاقتصادية ثمارًا سياسية؛ حيث وقفت الغابون بجانب الدول الإسلامية في قضاياها في المحافل الدولية؛ مثل القضية الفلسطينية.

بعد إسلام رئيس الدولة، تحسَّنت أوضاع الأقلية المسلمة في البلاد، وقَوِيت مكانتهم في الدولة؛ حيث حكم عمر بونغو البلاد تحت إدارة الرجل الواحد حتى عام 2009م، ثم استلم ابنه الحُكم من بعده.

ومن الصعب تحديد متى وصل الإسلام إلى الغابون؛ لكن تشير التقديرات إلى أن ذلك كان في القرن الحادي عَشَرَ، عن طريق المجموعات الدعوية التي كانت تجول في ساحل غرب إفريقيا خلال فترة حكم المرابطين في المغرب، والتي مرَّت على المناطق الشمالية من الغابون، وبعد قُرابة خمسة قرون أسلمت عشيرة (Fang) في الغابون، بفضل الله تعالى، ثم بفضل التجَّار المسلمين الذين جاؤوا من دلتا النيجر ومالي، وشجَّع دخول عشيرة (Fulani) إلى الإسلام في الكاميرون أقاربهم المقيمين في الغابون على الدخول في الإسلام.

ورغمًا عن خطوات التغيير الصغيرة، فإنّ النفوذ الغربي - الذي بدأ في البلاد منذ القرن السادس عشَرَ - قد وضع الغابون وسواحل إفريقيا الغربية تحت سيطرة الاستعمار الأوروبي، فأُدخلت البلاد في فترة استعمارية مظلِمة من قِبل الاستعمار الفَرنسي في عام 1885م.

وقد شهِدت فترة استقلال الغابون اضطراباتٍ كثيرةً عقب جلاء الاستعمار الذي استمرَّ حتى الستينيات من القرن العشرين، ووقعت البلاد في دوَّامة من التوتُّرات والانقلابات العسكرية في السنوات الأولى من الاستقلال، وإلى اليوم تحكم الغابون عائلة (بونغو) المسلمة الأصل.

ورغم أنّه لم تحظَ دولة الغابون باستقلالها التامِّ – حيث كانت تدار من قِبل فرنسا من خلف الكواليس – فقد حاولت الحكومة اتِّباع سياسة التوازن بين فرنسا والدول الإسلامية؛ فمثلاً: اليوم الأول من رمضان وعيد الأضحى هي عُطَل رسمية في البلاد، ويحقُّ للأقلية المسلمة بثُّ البرامج الدينية مرة واحدة في الأسبوع على قناة الدولة، وهذا الحقُّ يستخدمه المسلمون في إذاعة خطبة الجمعة.

وليس هناك عوائقُ أمام المسلمين لإنشاء المؤسَّسات التعليمية الخاصة، شريطة أن لا يكون مستوى التعليم في هذه المدارس الإسلامية أقلَّ من المدارس العامَّة.

وهناك (34) مجموعةً إسلامية منتشرة في الغابون، لذا؛ تمَّ انعقاد أول مؤتمر رئيسٍ يجمع بين هذه المجموعات في العاصمة (ليبرفيل) في عام 2004م، وبعد نجاح المؤتمر قرَّرت جميع الأقليات المسلمة أن توحِّد قواها، والجهودُ مستمرَّة إلى هذا اليوم في هذا المجال، وقد اتَّخَذت عشرات الجماعات الإسلامية من مختلف الطوائف والمذاهب خطوةً نادرة في إفريقيا، ووقَّعت وثيقة مشتركة سمِّيت بـ (دستور الغابون المسلم)، اعتمادًا على هذا الدستور يتمُّ تنظيم العلاقات بين الجماعات الإسلامية، وإنّ مبادئ هذا الدستور مقبولة كنصٍّ أساسي لفضِّ النزاعات والمنافسات بين هذه الجماعات.

وتُعتبر مؤسسة المجلس الإسلامي الأعلى في الغابون هي التي تجمع الجماعاتِ المختلفةَ، وتدير العلاقات بين الدولة والأقلية المسلمة هناك، وهناك أيضًا أمانة عامَّة تقدِّم المشورة بخصوص السياسات المتعلِّقة بالمسلمين، ولها رأيٌ مباشر في المجلس.

ويُعتبر دخل الفرد في الغابون مرتفعًا نسبيًّا، حيث تتمتَّع الدولة بثروة اقتصادية فوق المتوسِّطة، ومع ذلك فإنّ عدم المساواة في توزيع الثروات يشكِّل خللًا كبيرًا باعتبارها أحدَ المشاكل الرئيسة في البلاد، وتُعَدُّ مشكلة العدالة الاجتماعية خطرًا كبيرًا في الدول التي توجد فيها فجوات كبيرة في الدخل.

إنّ الظروف الاقتصادية والاجتماعية لمسلمي الغابون متناقضةٌ تمامًا؛ فالطبقة التي تنتمي إلى النخبة المدنية والعسكرية يتمتَّعون بمكانة اقتصادية جيِّدة إلى جانب وضعهم الاجتماعي المرموق، مقارنةً بوضع المسلمين الذين يعيشون في الضواحي والمناطق الريفية.