تحقيق صحفي مع فضيلة الشيخ محمد بن ناصر العبودي حول المؤتمر الإسلامي في أمريكا الجنوبيةمقالات

مجلة الجامعة الإسلامية

نشرت صحيفة عكاظ في عددها 1815 تحقيقًا صحفيًا مع فضيلة الشيخ محمد ناصر العبودي الأمين العام للجامعة الإسلامية بمناسبة عودته من البرازيل حيث حضر باسم المملكة العربية السعودية المؤتمر الإسلامي الأول للمؤسسات الإسلامية في أمريكا الجنوبية الذي عقد في مدينة سان بولو في البرازيل، إعداد الأستاذ محمد عبد الله الحصين، تحت عنوان:

مسلمو أمريكا اللاتينية يباركون جهود الفيصل.

رئيس وفد المملكة إلى مؤتمر المؤسسات الإسلامية في البرازيل يتحدث لصحيفة عكاظ.

المؤتمر يدعو إلى جمع التبرعات للمجاهدين في فلسطين.

في المهجر مجلة عربية تهتم بنشر أنباء تطور المملكة وخاصة في المجال الثقافي.

***

عقد مؤخرًا في مدينة سان باولو في البرازيل مؤتمر للمؤسسات الإسلامية، وقد وجهت الدعوة إلى المملكة العربية السعودية لحضور هذا المؤتمر فبادرت كدأبها إلى الاستجابة إيمانًا منها بفاعلية مثل هذه المؤتمرات التي تستهدف نشر الدين الإسلامي والدعوة إلى اعتناقه، فأوفدت فضيلة الشيخ محمد ناصر العبودي الأمين العام للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وقد التقيت بفضيلته بعد عودته من حضور المؤتمر إلى المدينة المنورة وأجريت معه هذا الحديث:

قلت لفضيلته: ماهي أهداف المؤتمر؟

فأجاب قائلًا: هو المؤتمر الأول أو كما أسماه المؤتمرون حرفيًّا (المؤتمر الإسلامي الأول للمؤسسات الإسلامية في أمريكا اللاتينية) والغرض منه مناقشة ودراسة الأمور التي تهدف إلى رفع شأن المسلمين في أمريكا اللاتينية وإيجاد التعاون بينهم وتأمين مستقبل أولادهم من الناحية الدينية وذلك مثل توفير التعليم الإسلامي وتعليم اللغة العربية لهم، كما تضمن جدول أعمال المؤتمر مسائل كثيرة كلها داخلة في موضوع العمل على رفع شأن المسلمين ومنها إبراز شخصية المسلمين في أقطار أمريكا اللاتينية والاعتراف بهم كهيئة دينية لها مقامها المعتبر.

وقد استغرق المؤتمر خمسة أيام.

وإجابة على سؤال عن الدول التي اشتركت في المؤتمر قال فضيلته:

المؤتمر كما قلت هو للمؤسسات الإسلامية في أمريكا اللاتينية وقد اشترك فيه ممثلون عن المسلمين في البرازيل والأرجنتين وفنزويلا وكولمبيا وأرغواي، هذا على جانب الوفود التي وجه لها المؤتمرون الدعوة لحضور المؤتمر من خارج قارة أمريكا الجنوبية وقد حضره من الوفود وفد المملكة العربية السعودية ووفد من مصر كما مثلت بعض الدول الإسلامية كالباكستان وإندونيسيا بسفرائها في تلك البلاد.

وسألت فضيلته عن القرارات التي اتخذها المؤتمر فقال:

تضمنت قرارات المؤتمر أمورًا كثيرة من أهمها:

  1. إنشاء اتحاد للجمعيات الإسلامية في أمريكا اللاتينية.
  2. تكوين صندوق يصرف منه على الدعوة الإسلامية وما يحتاجه المسلمون في أمور دينهم.
  3. الاتصال بالحكومات الإسلامية في الخارج بغية العمل على إرسال مدرسين ومرشدين للمسلمين في أمريكا اللاتينية.
  4. حث جميع المسلمين في كل منطقة ولو كان عددهم قليلًا على أن يبنوا لهم مسجدًا ولو كان صغيرًا أو غير مستكمل البناء ليكون بمثابة النادي الذي يجتمعون به وعن طريقه يتعارفون وذلك بغية إيجاد الصلة والتعارف فيما بينهم وبالتالي إيجاد التعاون الوثيق بين أفرادهم.

هذا وقد أعقب المؤتمر أن وجهت بعض الجمعيات الإسلامية في أنحاء البرازيل أي خارج المنطقة التي عقد فيها المؤتمر وهي مدينة سان باولو دعوات إلى ممثلي بعض الدول لزيارتها وقد قمنا بزيارة بعضها وتفقد أحوال المسلمين هناك واستغرق ذلك بضعة أيام.

وإجابة على سؤال عن نشاط الجمعيات الإسلامية هناك قال فضيلته:

نقول مع الأسف الشديد أن نشاط الجمعيات الإسلامية هناك محدود جدًّا بالنسبة إلى نشاط الجمعية الدينية غير الإسلامية كالجمعيات المسيحية وذلك راجع إلى أمرين أساسيين:

أولًا: وهو الأهم وجود الدعم الخارجي ماديًّا ومعنويًّا وأهم مظاهر هذا الدعم إرسال رجال الدين من الخارج إلى البرازيل على حين أن الدعم للمسلمين من الخارج يكون معدومًا.

ثانيًا: أن أكثرية المسلمين في أمريكا اللاتينية هم التجار الذين هجروا من سوريا ولبنان للرزق وليسوا على مقدار كبير من الثقافة الإسلامية وإن كان لا ينقصهم التحمس لدينهم ومحبة العمل فيما ينفع المسلمين هناك.

وسألت فضيلته عن العلاج الذي يراه فقال:

أعتقد أن أهم شيء وألزمه للمسلمين في أمريكا اللاتينية هو إرسال مرشدين يرشدونهم ومدرسين يدرسون أولادهم الدين الإسلامي وينشئونهم تنشئة إسلامية صالحة وهذا أمر إذا تحقق فإنه يحل كثيرًا من المشكلات التي يعانيها المسلمون وأخطرها الذوبان في تلك المجتمعات الغربية عن الإسلام لأن المسلم إذا كان هو نفسه على درجة كبيرة من الجهل بأمور الدين ثم أرسل أولاده ليتعلموا في مدارس غير إسلامية فمن أين تأتيهم المعرفة بأمور الدين وكيف يحصلون على التربية الإسلامية الصحيحة المطلوبة؟

وأعتقد أن واجب إرسال المرشدين والمدرسين للمسلمين هناك لا يقتصر على دولة إسلامية دون أخرى بل يجب أن يتضافر المسلمون على القيام بكل ما يجب نظرًا لبعد المسافة من جهة ولشدة حاجة المسلمين وتفرقهم به لأن دولة واحدة لا تستطيع أن تقوم في أنحاء تلك القارة من جهة أخرى مما يستدعي معه الحاجة إلى إرسال عدد كبير من المرشدين والمدرسين الدينيين.

وسألت فضيلته هل طرحت قضية فلسطين في المؤتمر فقال:

طرحت في المؤتمر قضايا سياسية خارج قارة أمريكا الجنوبية وكان الرأي السائد أن من الأفضل للمسلمين في هذه البلاد النائية أن يركزوا جهودهم على إصلاح أحوالهم لأن في ذلك تقوية للمسلمين في كل مكان على هذا لم يمنع من أن المؤتمر اتخذ قرارًا بتأييد جمع التبرعات للمجاهدين في فلسطين ودعا إلى مزيد من التبرعات في هذا السبيل للمستقبل.

وإجابة على سؤال حول نظرة مسلمي أمريكا إلى المملكة العربية السعودية قال فضيلته:

إن المؤتمرين هم كغيرهم من المسلمين ينظرون إلى هذه البلاد على أنها الوطن الأم الذي شع منه نور الإسلام وهبط على ساحاته الوحي على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقد سروا كثيرًا لوجود ممثل المملكة العربية السعودية بينهم ونوَّهوا بذلك في خطبهم وتوجهوا بالشكر إلى جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز حفظه الله على إصدار أمره الكريم بإيفاد ممثل عن المملكة لحضور مؤتمرهم وقد تضمنت قرارات المؤتمر بندًا بهذا الخصوص.

وقال فضيلته ردًا على سؤال عن نشاط الوفد السعودي في المؤتمر:

الحقيقة أنه شارك في عدة لجان وتقدم باقتراحات مفيدة وقدم باسم المملكة ما يلي:

  1. عددًا من المنح الدراسية للدراسة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة مخصوصة لأبناء البرازيل الذين يحملون الجنسية البرازيلية ويقيمون هناك لأنهم هم الذين سيبقون في بلادهم البرازيل والمؤمل أن ينفعوها بعلمهم في المستقبل.
  2. قدم كمية طيبة من المصاحف والكتب الإسلامية هدية من الجامعة الإسلامية.
  3. قدم وعدًا للسعي في إرسال عدد من المدرسين والمرشدين الإسلاميين إلى هناك حالما تتوفر الظروف لإرسالهم.

وقال فضيلته عن نشاط الجمعيات هناك في بناء المسجد:

هنالك في بعض المدن الكبرى توجد جوامع وفي مدينة سان باولو في البرازيل بصفة خاصة مركز إسلامي اسمه (المركز الإسلامي البرازيلي) ويتكون المركز من مسجد جامع تقام فيه صلاة الجمعة وقاعة صغيرة جدًا تلقى فيها المحاضرات وبيت لإمام الجامع ولكن المسلمين يشكون من ضيقه ويزمعون العمل على إنشاء مركز أكبر يلحق به ناد كبير يكون صالحًا لقضاء أوقات الفراغ لأبناء المسلمين تحت إشراف المرشدين المسلمين.

كما أن المركز الإسلامي في سان باولو يصدر جريدة أسبوعية صغيرة باللغتين العربية والبرتغالية لغة البلاد.

وتحدث فضيلته عن الحركة الأدبية العربية في المهجر قائلًا:

إنه يوجد في البرازيل حركة أدبية عربية مهجرية تقوم على إصدار عدد من المجلات والنشرات الأدبية باللغة العربية وأكثر الذين يقومون على هذه الحركة ويغذونها بإنتاجهم الأدبي وخاصة من إنتاجهم الشعري هم من المسيحيين العرب الذين نزحوا من لبنان وسوريا؛ وذلك لأن عددهم أكثر وعهدهم بالبلاد أقدم، ولهم نشاط بارز في المحافظة على إبقاء اللغة العربية حية في أولادهم وإبقاء مكتباتهم الخاصة عامرة بالكتب العربية.

وأقرب مثال لذلك أن مدينة سان باولو التي عقد فيها المؤتمر الإسلامي تصدر فيها أكثر من ست صحف ما بين جريدة ومجلة باللغة العربية.

ومن أرقى هذه الصحف مادة لغوية وأرقها إنتاجًا شعريًّا مجلة (المراحل) التي تقوم على إصدارها وإدارتها امرأة لبنانية في السبعين من عمرها اسمها (ماريانا فاخوري) وهذه المجلة بالذات تهتم بنشر أخبار المملكة العربية السعودية وتعريف العرب في المهجر بالنهضة الأدبية والثقافية في المملكة جريًا على عادتها في توسيع الحركة الثقافية والأدبية بين العرب في الوطن العربي والعرب في المهجر.

وسألت فضيلته عن أهم ما لفت نظره في البرازيل فقال:

أهم ما يلفت النظر من الشرق الأوسط أنّ الذي يزور تلك البلاد من الناحية العمرانية والسكانية هو ما بلغته البرازيل من حضارة مادية ورقي عمراني لم نكن نظن أنه يوجد في غير أمريكا الشمالية فمثلًا ناطحات السحاب توجد بكثرة في سان باولو وفي مدينة ريودي جانيرو والجسور العظيمة تكاد تكون صفة مميزة لمدينة سان باولو التي يبلغ عدد سكانها أكثر من ستة ملايين نسمة وحركة سير السيارات فيها هائلة.

ثم إن المرء ليلاحظ بمزيد من الارتياح أن سكان البرازيل يمكن ملاحظة كونهم يتألفون من عناصر بشرية متعددة أو ربما يقال إنهم يمثلون جميع العناصر البشرية ويلاحظ ذلك بسهولة من تعدد ألوانهم ومع ذلك فإن التسامح العنصري موجود بل إن سياسة عدم التفرقة العنصرية هي السائدة هناك فلا تفريق بين أجناس الناس بسبب اللون أو الثقافة أو غيرهما.

ثم ان المرء إذا خرج إلى الريف البرازيلي وبخاصة إذا رأى مزارع البن فإنه يدهش إذا رأى المزارع الخضراء تغطي مساحات شاسعة ويمكن ملاحظة بعض مساحاته بالطائرة مما يجعل المرء يعتقد بأن دولة البرازيل سيكون لها مستقبل عظيم في السياسة الدولية في بحر عشرين سنة المقبلة لا سيما إذا لاحظنا أن عدد سكان البرازيل في الوقت الحاضر 91 مليون نسمة وأنهم يرحبون بالمهاجرين الجدد لأنهم يعتقدون أن بلادهم لا زالت في حاجة إلى أيدٍ عاملة.

1 شخص قام بالإعجاب


شاهد أيضاً