وسائل وأفكار دعوية للدعوة إلى الله تعالى في المستشفياتمقالات

المستودع الدعوي الرقمي

إن من أعظم محاضن الدعوة اليوم: التعليم والتطبيب، وقد أجلب أصحاب الملل الباطلة في هذين المجالين بخيلهم ورجلهم، فانتشرت المدارس النصرانية وكثرت المراكز الطبية التي تقف من خلفها الكنائس والبعثات التنصيرية. فكان من الضروري استنهاض همم الأطباء المسلمين للقيام بالواجب المنوط بهم في الدعوة إلى الله تعالى، فإنهم الأجدر والأولى باستثمار ذلك المحضن الدعوي أفضل استثمار.

وفي ما يأتي تنبيه إلى بعض الوسائل والأفكار الدعوية للدعوة إلى الله تعالى في المستشفيات. 

أولًا: الوسائل الدعوية المتعلقة بالكتاب:

من نعم الله تعالى علينا في هذا العصر تيسر أمر الطباعة، حيث أصبح أمر طبع الكتب والكتيبات والمطويات سهلاً وميسوراً وبأعداد ضخمة يومية، وبأشكال متنوعة، وجذابة، مما يزيد المسؤولية على الدعاة إلى الله تعالى.

وكما نعلم، فإن الكلمة المطبوعة تمتاز بوضوح المقاصد والأهداف والتفكير، وتقلب وجوه الرأي في البحث قبل نشره، وهو ما لا يكون  - غالباً- في الوسائل الإذاعية، لذلك فإنها تكون أكثر تثبيتاً وتركيزاً، وأفضل مجالاً للإقناع، كما أنها أقدر على الاحتفاظ بالمعلومات.

ومن الوسائل الدعوية المناسبة للدعوة إلى الله في المستشفيات المتعلقة بالكتب والمطويات:

1- إهداء وتوزيع الكتيبات والمطويات المناسبة: من أسرع وسائل كسب القلوب الهدية سواء قلت قيمتها المادية أو كثرت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تهادوا فإن الهدية تذهب حر الصدور). رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم مبيناً أثر الهدية وموقفها في النفوس وأثرها: (تهادوا تحابوا). وكان صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها حتي وإن كانت شيئاً يسيراً. وقال صلى الله عليه وسلم: (لو أهدي إليَّ كراع لقبلت، ولو دعيت علية لأجبت). رواه أحمد. وقبل صلى الله عليه وسلم هدية الكفار؛ فقبل هدية كسرى وقيصر والمقوقس كما أهدى صلى الله عليه وسلم الهدايا والهبات للكفار رغبة في تأليف قلوبهم ودلالتهم على الخير.

أما موقع الهدية فى النفوس وفتح القلوب فإنه واضح جلي، هذا صفوان بن أمية يقول: (لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلىَّ).

وخير ما يُهدى للشخص المسلم، ما كانت إليه حاجة، وهو إليها متطلع، ويفرح بقدومها عليه.

وللكتيبات والمطويات الإسلامية مزايا عدة من أهمها: سهولة حملها، والتنقل بها، ووضوح عباراتها في الغالب؛ لأنها تكتب لعامة الناس لتسهيل العلوم لهم، وإيضاح أحكام الدين وأخلاقه، وقلة التكلفة المادية، فهي تباع بأسعار قليلة جدًا يستطيعها غالب الناس.

ومن هنا فإن القائمين بالدعوة إلى الله في المستشفيات حري بهم أن يحرصوا على هذه الوسيلة، وأن يُعنَوا بإخراج هذه الكتيبات والمطويات إخراجًا متميزًا، مع اختيار الموضوعات المناسبة للمدعوين على اختلاف دياناتهم ولغاتهم ومستوياتهم العلمية، وأن توضع في أرفف حاملات مناسبة، وفي أمكنة بارزة، وأن يكون الحصول عليها سهلًا وميسورًا، ومن ذلك المصليات وغرف التنويم.

كما ينبغي على المعنيين بهذا الأمر أن يتابعوا تلك الحاملات، ويزودوها بالكتيبات والمطويات، وأن يراعوا المناسبات والمواسم، مثل رمضان والحج والعيدين، وأن تتناسب مع ما يدور في الساحة من أحداث، مع تنوع في أساليب الطرح، ومراعاة لجميع الفئات.

2- المكتبـة الداخليـة: لا شك أن المكتبات وسيلة إعلامية قوية، ومجرد وجودها في مكان يستحث على القراءة والبحث والتدبر، وهي حصيلة عقول كبيرة شاركت في تشييد الحضارات، وبناء المجتمعات، وترسيخ مبادئ مهمة، وعلوم كثيرة.

ولا يخفى على الجميع أهمية الكتاب الإسلامي في تحصيل العلم والمعرفة واتساع الثقافة ومدارك الناس، ومن فوائد المطالعة: أن المطالعة والقراءة غذاء فكري وروحي ضروري للعقل، كما أن الطعام والشراب ضروريان للجسم، وأنها تنمي قدرة الفرد على الفهم والنقد، وتزيد من إدراكه للأمور والوقائع والأحداث، وأنها تساعد على الاقتناع بالفكرة، ومن فوائدها: تحقيق الدعوة إلى الله على بصيرة، وتحقيق فضيلة طلب العلم الشرعي، والتفقه في الدين، وإزالة الجهل عن النفس، مع نية العمل، وحفظ الوقت، فإنه من فاته الذكر والعبادة لا يحفظ وقته إلا مع الكتاب النافع.

والمكتبة الداخلية من وسائل الدعوة إلى الله في المستشفيات، وينبغي أن يُعنى بها المسؤولون في المستشفيات.

وهنا يجدر بنا أن نذكِّر بأمور تعين  -بإذن الله تعالى - على الاستفادة من المكتبة الداخلية في المستشفى، وهي:

1- أن يكون لدى المسؤولين في المستشفى قناعة بأهمية هذه المكتبة، ودورها في نشر العلم والثقافة الإسلامية بين العاملين في المجال الطبي والمرضى.

2- أن توضع المكتبة الداخلية في مكان بارز، بحيث يصل إليها الجميع بسهولة، وأن توضع اللوحات الإرشادية للدلالة على مكان هذه المكتبة.

3- الاعتناء بمبنى المكتبة الداخلية من حيث سعة المبنى، وتصميمه الهندسي، والتكييف والإضاءة، وما يتبع ذلك من أرفف وصالات وكراسٍ مناسبة.

4- اختيار الكتب المناسبة، والتنويع ما أمكن. وإذا كانت هذه المكتبة الداخلية ضمن المكتبة الطبية، فينبغي أن يُجعل لها جناح مستقل وبارز، ولا تدمج بالكتب الطبية.

5- اختيار الموظفين الأكفياء المتخصصين في هذا المجال، وتوظيفهم في أمانة المكتبة، مع العناية بإعطائهم دورات تدريبية؛ لمواكبة الوسائل الحديثة المعاصرة.

6- العناية بالفهرسة لتلك المكتبة الداخلية بالطرق الحديثة التي تجعل القارئ يصل إلى الكتاب بأيسر الطرق، وبأقل وقت ممكن، خصوصاً مع شح أوقات  العاملين في المجال الطبي.

7- الدعاية لبعض كتب المكتبة بشكل دوري في العيادات، وغرف التنويم، وأماكن الانتظار، فربما لا يعلم أحد من العاملين،  أو رواد المستشفى عن وجود هذا الكتاب، وإن علم فربما لا يدرك قيمته العلمية، وفائدته الجمَّة.

8- تزويد المكتبة الداخلية بالكتب في التخصصات المختلفة، خصوصاً في العلوم الشرعية، ومتابعة ما يصدر من الكتب المفيدة والبحوث العلمية والفقهية في المكتبات التجارية ودور النشر. ومما ينبغي التأكيد عليه أن يُعنى بالكتب التي تهتم بأحكام الطب والمرضى والمسائل الطبية الفقهية المعاصرة، والموضوعات التي تخص العاملين في المستشفيات على وجه الخصوصَ، وهي متوفرةَ ولله الحمد.

9- الاهتمام بوضع ركن للأسرة وركن للطفل ، بحيث يستفيد منها أسر منسوبي المستشفيات والمرضى من النساء والأطفال الذين يمكنهم الوصول إلى تلك المكتبة الداخلية.

10- أن تفتح المكتبة أبوابها أكبر وقت ممكن؛ حتى تتهيأ الاستفادة منها حسب الوقت المناسب.

11- وضع مكتبات مصغرة في أقسام التنويم النسائية، لتمكين النساء من قضاء أوقاتهن فيها.

3- إقامة معارض الكتاب في المستشفى: حيث يتم التواصل مع دور النشر الإسلامية لإقامة المعارض المصغرة لمدة ثلاثة أيام مثلاً في المستشفى، يكون جزء من الريع عائدًا لمصلحة الدعوة.

إن الكتاب ما يزال يشكل منهلاً عذبًا للدعوة إلى الله عز وجل، وقد توفر في هذا الوقت الكثير من الوسائل الحديثة مما يُعتقد أنه قد أغنى عن الكتاب وأخذ دوره بشكل نهائي وكامل، غير أن الكتاب قد أثبت مقدرته على الصمود. ويمكن أن نعد تلك الوسائل – مثل الشاشة الإلكترونية – رديفةً له، كما أنها تكون في العديد من الحالات بديلًا جيدًا.  

ثانيًا: توظيف البرامج والمواد الدعوية في وسائل الإعلام العامة لتعزيز الدعوة إلى الله في المستشفيات:

الإعلام الإسلامي يمثل معقد أمل البشرية في الحصول على الحقيقة المجردة الغائبة اليوم بسبب بعد الإعلام -بشكل عام- عن الحق والهدى، وحاجة الناس الشديدة إلى ما يزيل عنهم أسباب القلق والاضطراب، ويقدم لها الحلول الناجحة لمشكلاتها، ويعالج قضاياها، في ضوء الشريعة الإسلامية، وليس من سبيل إلى ذلك سوى نظام إعلامي يعلم الناس دينهم، ويثقفهم، ويوجههم، ويربيهم، ويعرض عليهم قضايا الحياة في صدق، ونزاهة، وأمانة، وبراعة، وإتقان.

ولا شك أن المستشفيات بمن فيها محتاجة أشد الحاجة إلى الاستفادة من البرامج والمواد الإعلامية الهادفة سواء عن طريق الإذاعة، أو التلفاز، أو الصحافة، غير أن المستشفى - غالباً - ليس بإمكانه صناعة برامج إعلامية دعوية، ولكنه يستطيع توظيف البرامج والمواد الموجودة في وسائل الإعلام.

وهذه الوسائل في الواقع منها ما هو وسائل دعوية مثل المجلات الدعوية، والإذاعات والقنوات الدعوية كإذاعة القرآن الكريم، ومنها ما هو وسائل عامة، وهي على نوعين:

النوع الأول: وسائل ملتزمة بالمنهج الإسلامي.

النوع الثاني: وسائل غير ملتزمة بالمنهج الإسلامي.

وهذه الوسائل الملتزمة، وغيرها، يبث خلالها برامج ومواد دعوية، يمكن الاستفادة منها في تعزيز المفاهيم عند المدعوين، وحديثي الإسلام في المستشفيات.

وبإمكان المسؤولين في المستشفيات انتقاء البرامج والمواد الدعوية، وتقديمها لمنسوبيها وروادها؛ فتأخذ الصحف والمجلات الدعوية المتخصصة، وتأخذ البرامج الإذاعية والتلفازية المفيدة، وتعيد بثها داخليًا، وتوضح لهم مواعيد بث هذه البرامج في وسائل الإعلام المتاحة في المستشفيات.

أما الإنترنت: فهو من أقوى وسائل الإعلام، والمواقع الإسلامية كثيرة جدًا على هذه الشبكة العالمية، حتى إنها من كثرتها تجعل المستخدم لها في حرج وحيرة أي المواقع أفضل؟، ولذا فيحسن بالمختصين في المستشفيات، والمهتمين بأمر التوعية، أن يرشدوا المدعوين إلى المواقع الإسلامية الملتزمة بمنهج أهل السنة والجماعة، والثرية بالبرامج والموضوعات النافعة المفيدة، حتى تفيد المدعو وتغذي معرفته الدينية.

ويمكن تقسيم وسائل الإعلام والاتصال بالمستشفى إلى:

أولاً: الإذاعة الداخلية: الإذاعة الداخلية من الوسائل الدعوية المهمة في المستشفيات؛ وذلك للأسباب التالية:

1- الإذاعة الداخلية وسيلة سهلة وميسورة، خصوصاً وأنه يوجد في كثير من المستشفيات محل الدراسة من التقنيات الحديثة في مجال الاتصالات ما يمكنها -بتوفيق الله تعالى- من إقامة هذه الإذاعة الداخلية.

2- يمكن أن يبث الأذان عن طريق هذه الإذاعة؛ للتذكير بالصلاة. وهذا أمر مهم جداً.

3- يمكن أن يستفاد من هذه الإذاعة في الإعلان عن المحاضرات والدروس والأنشطة الدعوية التي تقام في المستشفى.

4- يمكن تقديم بعض البرامج الدعوية، كنقل المحاضرات التي تقام في المستشفى، وفتاوى العلماء. وبالإمكان أن يذاع السؤال والجواب أيضاً من خلالها مباشرة.

5- الاستفادة -كما مر سابقاً- من البرامج الدعوية والتربوية الهادفة الموجودة في الإذاعات الأخرى، وإعادة بثها. على أنه ينبغي مراعاة حال المرضى، بجعل البث عن طريق جهاز تحكم مع المريض؛ منعاً للإزعاج.

ثانياً: التلفاز الداخلي: يتميز التلفاز بمميزات خاصة تجذب الجمهور إليه، ومنها:

1- أنه يجمع بين الرؤية والصوت والحركة، مما يجذب الانتباه، ويثير الحواس أكثر من أي وسيلة أخرى.

2- يقدم الأحداث كما هي في الواقع زمن حدوثها.

وبإمكان الإفادة من التلفاز الداخلي في المستشفى فيما يلي:

1- نقل البرامج النافعة في التلفاز، والقنوات المفيدة النافعة.

2- نقل خطبة الجمعة من المسجد الحرام، أو المسجد النبوي الشريف.

3- الاستفادة من البرامج الدينية والترفيهية السليمة المسجلة في أشرطة الفيديو، وبثها في التلفاز الداخلي.

4- نقل المحاضرات واللقاءات العلمية والدعوية التي تقام في المستشفى.

ثالثاً: الصحف والمجلات الإسلامية: الصحافة من وسائل الإعلام المهنية، ولها تأثيرها البالغ.

ومن وظائف الصحافة الإسلامية دعوة غير المسلمين إلى الدخول في الإسلام، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتثبيت الإيمان والعلم والعمل في نفوس المسلمين، وإزالة معوقاته من الفسوق والجهل والكسل، وإزالة الهموم، وتحصين الرأي العام ضد الفساد، والإفساد الفكري، والخلقي، والسلوكي، وهدم العقائد الفاسدة، وإقامة العقيدة الصحيحة مكانها. وعلى هذا فينبغي العناية بإيصال المجلات الإسلامية إلى المرضى والعاملين في القطاع الصحي، وتيسير أمر الاشتراك فيها بتخفيض قيمته، وجعل المجلات الهادفة البعيدة عن المخالفات الشرعية في متناول أيدي الجميع حتى غير المسلمين، والناطقين بغير العربية.

ثالثًا: تفعيل الدعوة الفردية:

الدعوة إلى الله تكون بطرق متعددة ومتنوعة، يقصد الداعية من ورائها إصلاح المدعو، والوصول إلى قلبه بأيسر الطرق.

ومن أنفع الوسائل وأكثرها تأثيرًا: الدعوة الفردية؛ ذلك أن الداعية يشعر أثناء قيامه بالدعوة الفردية بالإخلاص لله تعالى، وأن هذا العمل قد جرد عن الحظوظ الدنيوية في الغالب، كما أنها تجعل الداعي يتحدث بما في نفسه، ويصارح المدعو، وبإمكانه أن يقوم بتلك الدعوة الفردية في المسجد، وفي المنزل، وفي غرفة المريض، وغيرها. فيستطيع الداعية من خلال هذه الوسيلة الوصول إلى كل مدعو في مكانه ومحيط عمله، هذا من جانب الداعي، أما من جانب المدعو فإن المدعو يشعر بأن الداعي ناصح له؛ لأنه يدعوه على انفراد غير مشهر به ولا مظهر عيوبه أمام الناس، ولا يريد الداعي إظهار نفسه وإبراز تفوقه على المدعو.

والدعوة الفردية من أفضل الوسائل في الدعوة في المستشفيات لأن مَن في المستشفى لا يجد وقتًا في الغالب للاجتماع إن كان طبيبًا أو فنياً أو ممرضاً، فهو مشغول كثيرًا في عمله، وإن كان إداريًا فهو مشغول في عمله الإداري الذي يستغرق منه يومه كله أو معظمه، وإن كان مريضًا فإنه يشق عليه الذهاب إلى مكان الدعوة العامة، فكل أولئك يفرحون بمجيء الداعي إليهم، وجلوسه معهم دقائق، خصوصًا المريض فإنه يشعر بفراغ كبير، ويفرح بمن يملأ عليه فراغه، لاسيما إذا كان ذلك من داعٍ ناصح محب، كما أن الداعي في هذه الحالة ينال فضيلتين عظيمتين: عيادة المريض، والقيام بالدعوة والإصلاح والتوجيه والإرشاد والتعليم.

ثم إن المرضى يحتاجون إلى من يعلمهم بعض الأحكام المتعلقة بالعبادات، كالطهارة، والصلاة، ونحوها، ويكون ذلك نظريًا، وربما عمليًا، وهذا مما يؤكد أهمية الدعوة الفردية، كما أن هناك أمورًا خاصة لدى المرضى والعاملين في المجال الطبي لا يحبون أن يفصحوا بها أمام الملأ، فيحتاجون إلى طالب علم يعرضونها عليه شخصيًا؛ ليرشدهم إلى التصرف الشرعي تجاه هذه الحالة.

وقد زخرت السنة النبوية بصور رائعة ومتعددة من الدعوة الفردية، فمن ذلك:

1- حديث ابن مسعود رضي الله عنه: (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد - كفي بين كفيه - كما يعلمني السورة من القرآن). أخرجه البخاري برقم (6265) ومسلم برقم (402).

2- عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير، فقال: (يا معاذ، هل تدري حق الله على عباده، وما حق العباد على الله؟)، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا)، فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر به الناس؟ قال: (لا تبشرهم، فيتكلوا). أخرجه البخاري برقم (2856) ومسلم برقم (30) .

3- حديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)، وكان ابن عمر، يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك). أخرجه البخاري برقم (6416).

إن الدعوة الفردية قد تفعل ما تفعله الدعوة الجماعية التي توجه بشكل عام إلى مجموعة كبيرة من الناس؛ فعن طريق الدعوة الفردية يستطيع الداعية الوصول إلى النفوس المعرضة عن سماع صوت الحق، وذلك باستخدام أساليب الدعوة المختلفة، ولعل أوضح مثال لأهمية الدعوة الفردية هو: دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كانت تتم بشكل فردي خلال السنوات الأولى من دعوتـه.

ومما يبين أهمية الدعوة الفردية، أنه عن طريقها يمكن الرد على الشبهات التي لدى الأفراد، والوصول إلى الذين أغلقوا قلوبهم عن سماع الحق، واستحوذ عليهم الشيطـان. كما أنها سهلة وميسرة، فيمكن أن يقوم بها الموظفون في مكاتبهم، والأطباء في عياداتهم.

وهي تتيح الفرصة للمدعو أن يستفسر عما في نفسه من إشكالات وشبهات، لكن ينبغي على الداعية عند قيامه بالدعوة الفردية في المستشفى، أن يحسن علاقته مع المدعوين قبل البدء بدعوتهم؛ لتنقاد القلوب لدعوته ويقبل عليها فإن النفوس لا تقبل إلا ممن تحب. ولابد من تعرف على أحوال هذا المدعو، وظروفه، ونفسيته، وكانت بعثـة الأنبيـاء عليهم الصلاة والسلام أفـراداً يقومـون بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

ومن المواطن التي قد تهمل فيها الدعوة الفردية في المشفى مع شدة الحاجة إليها، وضرورة استثمارها:  

1- أطباء الأمراض الجلدية والتناسلية تمر عليهم حالات مرضية سببها علاقات محرمة، وقد يتغافلون عن الجانب الدعوي في هذا الموطن، فيصرف للمريض الدواء الحسي، وينسى الدواء المعنوي، فمثل هذه الحالة تعد من الحالات المناسبة للدعوة الفردية في المستشفى.         

2- بعض المرضى لا يصلي ويأتي للعلاج من علة بدنية، ويعلم منه الطبيب ذلك، خاصة الطبيب النفسي مثلاً، ويقصر في توجيهه فيحرم من هذا الخير العظيم – أعني الدعوة إلى الله –، بل وقد يكون هذا المريض من خصماء الطبيب يوم القيامة، لأنه لم يدله على الخير وما نصحه وأرشده.

3- بعض المريضات يتكشفن أمام الطبيب وهو لا يبالي بهذا الأمر، وتجده يسأل ويدقق، ومع ذلك لا يأمرها بالحجاب وستر الوجه والاحتشام، قال بعض الأطباء: أتتني أمُّ مع طفلها الصغير، فلما استوت على الكرسي كشفت عن وجهها، فقلت متعجبًا: من المريض؟ قالت: طفلي! فقلت لها: لماذا إذًا تكشفين؟ اتقي الله!

فلا بد أن يشعر كل عامل في المستشفيات بعظم المسؤولية الدعوية الملقاة عليه، ورُبَّ كلمة خالصة من طبيب أو ممرض تكفي عن محاضرات وندوات، وكلما كان الطبيب ناجحًا ومخلصًا في عمله كان ذلك أدعى لتعلق المريض به وتنفيذ نصائحه. والله تعالى أعلم.

 

المراجع:

1- الدعوة إلى الله في المستشفيات: دراسة تطبيقية تقويمية: خالد بن راشد بن مساعد العبدان، رسالة علمية تقدم بها صاحبها للحصول على درجة الدكتوراة من كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود.

2 – رسائل دعوية إلى العاملين في مجال الصحة والطب: للشيخ عبد الملك القاسم، من منشورات دار القاسم بالرياض.