إذا كان التفكر والتدبر في الكون مندوبَين لعامة المسلمين فإنهما أشد ندبًا للدعاة إلى الله تعالى؛ لما لهما من آثار على التكوين النفسي والإيماني للداعية؛ ولذلك فإن حبيبنا محمدًا صلى الله عليه وسلم كان التحنث في الغار قبل البعثة من وسائل التربية والتكوين والتهيئة له؛ لتقبل الأمر العظيم الذي يترقبه.. فبالإضافة إلى ما يحمله التفكر من صفاء روحي، ونقاء إيماني، هناك بعض الفوائد الأخرى التي يختص بها الداعية والتي يمكن تلخيصها في هذا الكتيب.
أهمية التفكر خلق الله عز وجل الإنسان مركبا من عقل وجسد وقلب، وجعل لكل منها احتياجاته الخاصة، ودلَّه على سبل ومسالك لتلبية كل منها؛ فجعل القراءة غذاء للعقل، والطعام غذاء للجسد، والخلوة بالنفس والتفكر في الخلق غذاء للروح. ثم إنه سبحانه وتعالى خلق هذا بصنع بديع، وإتقان إلهي فريد، وسخره للإنسان، وجعل علاقة الإنسان بهذا الكون علاقة تناغم وانسجام وتفاعل؛ فقد ذكر سبحانه وتعالى للإنسان في كتبه بعض أسرار هذا الكون، وترك له مساحة واسعة لإعمال عقله وقدح زناد فكره في استكشاف بعضها الآخر.. ولذلك جاء التحفيز القرآني في العديد من الآيات القرآنية على إمعان النظر وإنعام الفكر في هذا الكون، ومهن ذلك الاستفهام الاستنكاري على الغابرين الذين لم يوظفوا حواسهم الإدراكية كما أراد الله تعالى، وعطلوها عن بعض أهم وظائفها وهو النظر والتفكر؛ فقال تعالى في أكثر من موضع {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا…}، وفي مواضع أخرى {أولم يسيروا}. وفي المقابل يأتي الثناء من الله تعالى على المتفكرين والمتدبرين {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (آل عمران: 190، 191).. فما أجملها من حالة؛ أن يتفكر العبد بقلبه وعقله فينطلق لسانه ذاكرا لله تعالى، مثنيا عليه، داعيا له بأن يقيه من النار.. إنه منتهى الخشوع والخضوع والعبودية الكاملة لرب الأرباب. والإنسان مطالب بنوعين من التفكر والتدبر؛ أولهما في كتاب الله المسطور؛ القرآن الكريم، وما يحويه من قيم وآداب وأخلاق وعقائد تسمو بها الإنسانية وتسعد، وثانيهما –وهو مجال حديثنا- هو التفكر في كتاب الله المنظور المتمثل في هذا الكون الفسيح الذي خلقه الله فأتقن خلقه وصنعه، وندبه إلى تقليب النظر وتعويد القلب على التفكر فيه وما ضمه من آيات كونية دالة على عظيم صفاته العلى وأسمائه الحسنى جل وعلا. إذا كان التفكر والتدبر في الكون مندوبين لعامة المسلمين فإنهما أشد ندبا للدعاة إلى الله تعالى؛ لما لهما من آثار على التكوين النفسي والإيماني للداعية؛ ولذلك فإن حبيبنا محمدا صلى الله عليه وسلم الذي صنعه ربه على عينيه، كان التحنث في الغار قبل البعثة أحد وسائل التربية والتكوين والتهيئة له لتقبل الأمر العظيم الذي يترقبه. فبالإضافة لما يحمله التفكر من صفاء روحي، ونقاء إيماني، هناك بعض الفوائد الأخرى التي يختص بها الداعية والتي يمكن تلخيصها في هذا الكتيب.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.