جمهورية سورينام: هي دولة تقع في شمال أمريكا الجنوبية، عاصمتها وأكبر مدنها باراماريبو، وتحدها من الشرق غيانا الفرنسية، ومن الغرب غيانا، ومن الجنوب البرازيل، ومن الشمال المحيط الأطلسي، وهي أصغر دولة ذات سيادة من حيث المساحة وعدد السكان في أمريكا الجنوبية، والبلد الوحيد في المنطقة الناطق بالهولندية، وتبلغ مساحة سورينام 163270 كم2، ويتجاوز عدد سكانها 586,634 نسمة.
جاء اسم سورينام نسبة إلى قبائل "سورين" التي كانت تسكن هذه المنطقة، وقد كانت تعرف سابقاً باسم غيانا الأراضي المنخفضة، أو غيانا هولندا، أو غيانا الهولندية، وقد استقلت عن هولندا عام 1975، ويمكن تقسيمها إلى منطقتين جغرافيتين: المنطقة الشمالية (الأراضي المنخفضة الساحلية)، والمنطقة الجنوبية (الغابات الاستوائية المطيرة والسافانا قليلة السكان على طول الحدود مع البرازيل، وهي تغطي نحو 80% من أرض سورينام)، ويسود سورينام مناخ مداري تلطفه الرياح التجارية الموسمية، ويتميز مناخها بغزارة الأمطار التي يتركز سقوطها في الجزء الشمالي من البلاد على المناطق الساحلية، وفي الجزء العلوي من المستجمع المائي (مسقط المياه) لنهر كوبينام، تقع محمية سورينام الطبيعية المركزية.
وتهيمن صناعة البوكسيت (الخام الطبيعي الذي يصنع منه معظم معدن الألومنيوم) على اقتصاد سورينام، وهو ما يمثل أكثر من 15% من الناتج المحلي الإجمالي، و70 ٪ من عائدات التصدير، وهناك منتجات تصدير رئيسية أخرى مثل الأرز والموز والروبيان، وقد بدأت سورينام مؤخراً باستغلال بعض احتياطها الكبير من النفط والذهب، ويعمل حوالي ربع سكانها في القطاع الزراعي، وتنتج غابات سورينام كميات كبيرة من الأخشاب، حيث تعتبر صناعة ألواح ورقائق الخشب (الأبلكاش) إحدى الصناعات المهمة في هذه الدولة، ومن الشركاء التجاريين الرئيسيين لها: هولندا والولايات المتحدة وكندا ودول الكاريبي.
كان سكان سورينام قبل احتلالها يتكونون من الهنود الحمر، ثم وصل الأوروبيون إليها في النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي، وازدادت الهجرة الأوروبية إليها في القرن الثامن عشر في ظل الاحتلال الهولندي، وقد جلب الهولنديون عدة آلاف من الرقيق الأفارقة لاستغلالهم في الزراعة، ثم لجأ العديد منهم إلى الغابات والأدغال، وتمردوا على الهولنديين، واستقدم الهولنديون العمال أيضاً من الصين وإندونيسيا والهند، وهكذا أصبح سكان سورينام خليطاً من الأعراق، ويمكن تقسيمهم اليوم كما يلي: الهندوستانيون (أجدادهم من أصول هندية هاجروا إلى البلاد في القرن التاسع عشر) 37%، الكريول (خليط من البيض والسود) 31%، اليابانيون 15%، المارون (أصولهم إفريقية، جاء أجدادهم كعبيد إلى البلاد في القرن الثامن عشر) 10%، الهنود الأمريكيون "الحمر" 2%، الصينيون 2%، البيض 1%، آخرون 2%.
واللغة الرسمية لهذه الدولة هي الهولندية، فإن 60% من السوريناميين يتحدثون بالهولندية كلغة أم، بينما يتحدث بها آخرون كلغة ثانية أو ثالثة، وهناك لغة محلية تسمى "سرانان طونغو" تتحدث بها مجموعة السكان الكريول، وهي اللغة الأكثر استخداماً في الشوارع، ومع أن اللغة الرسمية لسورينام هي الهولندية إلا إن كل فئة من مسلمي سورينام ترتبط غالباً بلغتها الأم، فالإندونيسيون متمسكون بلغتهم وعاداتهم، في حين أن الفئة الهندية تتمسك بلغتها الأوردية، بينما يتحدث الأفارقة بلغاتهم، وقد ذكر أكثر من مصدر أن ذلك يعتبر مشكلة أساسية في توحيد الجالية المسلمة، فقد أصبح لكل مجموعة منها مساجدها الخاصة، وانعكس ذلك سلباً على التوجيه والتعليم الموحد للمسلمين، ولولا هذه المشكلة لازداد انتشار الإسلام هناك، حيث للمسلمين مركزهم الكبير وثقلهم الواضح في الحياة العامة بكل وجوهها.
عرفت سورينام الإسلام منذ القرن الخامس الهجري، عندما هاجرت إليها جماعات مسلمة من غرب إفريقيا، واستقرت في البلاد، وبنت مساجد صغيرة، وتؤكد بعض الدراسات التاريخية والإثنوغرافية الحديثة أن التاريخ الرسمي لم يتحدث عن ذلك، لأن الأمر كان يتعلق بمسلمين سريين مارسوا عقيدتهم في الخفاء خوفاً من محاكم التفتيش الإسبانية في غرناطة ثم في العالم الجديد.
وعندما احتلت هولندا جمهورية سورينام جلبت الكثير من العبيد من إفريقيا لاستخدامهم في مزارع قصب السكر والبن والشاي وحفر الآبار وشق الأنهار وتعبيد الطرقات، وقد كان هؤلاء اللبِنات الأساسية والبذور الأولى للوجود الإسلامي هناك، وقد مارست عليهم هولندا سياسة الاستعباد والظلم والتعذيب النفسي والجسدي، مما أدى إلى تمردهم عليها كما ذُكر، فشكلوا في وسط الغابات قرًى محصنة، ظلت في صدام مستمر مع المستعمر حتى نالت حريتها سنة 1863م، وهم مايعرفون اليوم باسم زنوج الغابات (جيوكا)، ومعظم عاداتهم وتقاليدهم في اللباس والأكل والشرب إسلامية، وما يزال الكثيرون منهم لا يأكلون لحم الخنزير ولا يشربون الخمر كما كان أسلافهم المسلمون، ومنهم من عاد إلى دين الأجداد المسلمين.
أما في العصر الحديث فقد كان سبب وجود الإسلام بسورينام هو جلب الهولنديين للعمال من إندونيسيا والهند وجنوب شرق آسيا، فقد بدأت الهجرات العمالية تصل إلى سورينام في القرن 19م، وكان معظم العمال الإندونيسيين من المسلمين، كما وصلت إليها مجموعة من السوريين واللبنانيين بحثاً عن فرص جديدة لتحقيق حياة أفضل، وقد ظل عددهم يزداد يوماً بعد يوم، وجاء بعدهم عدد لا بأس به من أبناء بعض دول إفريقيا، وخصوصاً نيجريا، ومن بلاد إسلامية وعربية أخرى.
أكثر الديانات انتشاراً في سورينام هي النصرانية، بنسبة تزيد على 50% من إجمالي السكان، وللهندوس نسبة تقدر بـ18.8%، وهناك أتباع لديانات شعبية ولادينيون، أما عن المسلمين فهناك اختلاف واضح في المصادر حول نسبتهم وأعدادهم، إذ تبلغ نسبتهم في مصادر 14.3%، وتقدر أعدادهم مصادر أخرى بـ110.000 مسلم، منهم 75 ألف إندويسي، و30 ألف هندي وباكستاني، وبضعة آلاف من الأفارقة ومن السوريناميين المسلمين الجدد، ثم تزداد النسبة في مصادر لتصل إلى 35% و 40%، وترجع أسباب زيادة نسبة المسلمين إلى عدة عوامل، منها: إقبال أعداد جديدة كل سنة على الدخول في الإسلام، وهجرة جماعات من السكان من سورينام، وغالباً ما تكون هذه الجماعات غير مسلمة، وزيادة نسبة المواليد عند المسلمين، وبذلك تكون سورينام أعلى البلدان في أمريكا اللاتينية من حيث نسبة المسلمين.
ومن أخطر ما يهدد الجالية الإسلامية السورينامية: نشاط القاديانيين الذين يبلغ تعدادهم 6000 شخص، فقد وقفوا حائلًا دون توحيد كلمة المسلمين هناك عندما تشكلت جمعية سورينام الإسلامية سنة 1367هـ، إذ تسلل القاديانيون إليها، وبدؤوا بالدس والتآمر، حتى فشل مشروع الجمعية لتوحيد كلمة المسلمين، كما أن مسلمي سورينام بحاجة إلى الأئمة والمعلمين والوعاظ لتنشيط الدعوة الإسلامية، ومن المخاطر أيضاً وجود فرق منحرفة مثل فرقة (جمعية المغرِّبين)، وهم يصلون إلى اتجاه الغرب، ويبررون ذلك بأنهم لما كانوا في إندونيسيا كانوا يصلون إلى جهة الغرب، وقد بنوا مساجدهم على هذا الأساس! وهذه التناقضات الموجودة في واقع الأقلية المسلمة السورينامية، تبرز خطورة المنظمات المنحرفة عقائديًّا في هذه الدولة وغيرها من دول أمريكا اللاتينية.
تعداد السكان SP.POP.TOTL
نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي بالدولار الأمريكي NY.GNP.PCAP.PP.CD
يبلغ عدد سكان سورينام 542,975 نسمة بحسب إحصائية البنك الدولي لعام 2015
يبلغ عدد المسلمين في سورينام 80,000 شخص وبنسبة 15.2% من إجمالي السكان