• الرمز الدولي HK
• رمز الاتصال الهاتفي 852
• العلم
• العاصمة City of Victoria

هونغ كونغ: أي: المِيناء العَطِر، والتي لقبها المستعمرون بلؤلؤة الشرق، هي إحدى المنطقتين الإداريتين الخاصتين التابعتين لجمهورية الصين الشعبية (الثانية هي ماكاو)، تقع على ساحل الصين الجنوبي، وهي محصورة بين بحر الصين الجنوبي ودلتا نهر اللؤلؤة، وتتميز بناطحاتها السحابية الكثيرة ومينائها الفسيح، ويزيد عدد سكانها على 7.482 مليون نسمة، وهي تضم إحدى أكبر الكثافات السكانية في العالم.
سُكنت منطقة هونغ كونغ منذ العصور القديمة، وظلت حتى نهاية العصور الوسطى مجرد قرية صيد صغيرة لم يكن لها شأن كبير، ثم وقعت تحت سيطرة بريطانيا في أعقاب حرب الأفيون الأولى (1839-1842)، لتتوسع حدودها من جزيرة هونغ كونغ لتضم مقاطعة أوسع تشمل شبه جزيرة كولون ثم الأقاليم الجديدة فيما بعد، وفي منتصف القرن العشرين استولت عليها اليابان أثناء حرب المحيط الهادئ، ولكن بريطانيا استعادتها بعد الحرب، وبقيت مستعمرة بريطانية حتى عام 1997، عندما أعيدت ملكيتها إلى الصين، وقد كانت تتمتع بحريتها طوال العصر الاستعماري، فقد كان التدخل الحكومي في الاقتصاد والدولة محدوداً، وقد أثرت تلك المرحلة على تشكيل ثقافة هونغ كونغ الحديثة، وما زالت تتمتع باستقلالية عالية ونظام مختلف عن نظام البر الصيني في القضاء والدستور، باستثناء العلاقات الدبلوماسية الدولية والبنية العسكرية.
وتعد هونغ كونغ واحدة من المراكز الاقتصادية الرائدة في العالم، وعملتها (دولار هونغ كونغ) هي العملة الثامنة الأكثر تداولًا على مستوى العالم، وبسبب صغر مساحتها وكثرة سكانها، برزت الحاجة إلى بنية تحتية تسمح بكثافة سكانية أكبر، فحوَّلها ذلك إلى مركز للعمارة الحديثة، وجعل منها المدينة الأكثر علوًّا في العالم، كما تسبب ذلك في تطوير شبكة المواصلات فيها، حتى أصبح يعتمد أكثر من 90% من سكانها على النقل العام، وهو المعدل الأعلى عالميًّا.
معظم أراضي هونغ كونغ عبارة عن جبال وتلال، ولذلك فإن أقل من 25% من إجمالي مساحتها مأهول بالسكان، ونحو 40% من مساحتها الباقية يقع ضمن نطاق الحدائق الوطنية والمحميات الطبيعية، ويتركز معظم التوسع العمراني في المنطقة في شبه جزيرة كولون وعلى الساحل الشمالي من جزيرة هونغ كونغ، وكذلك في مستوطنات متفرقة في أنحاء الأقاليم الجديدة، وتمتاز هذه المنطقة بمناخ رطب شبه مداري، حيث يكون الطقس في فصل الصيف حارًّا ورطباً، تتخلله أمطار وعواصف رعدية، وتهب عليها الرياح الدافئة القادمة من الجنوب الغربي، وتشيع الأعاصير الاستوائية خلال الصيف، وتتسبب أحياناً بالفيضانات والانهيارات الأرضية، أما فصل الشتاء فهو معتدل الطقس.
ولغة هونغ كونغ الرسمية هي صينية يؤ (الكانتونية)، وتصنف اللغة الإنجليزية أيضاً لغة رسمية فيها، وتتحدث بها نسبة كبيرة من السكان في حياتهم اليومية، وتشتهر هونغ كونغ بأنها مكان يلتقي فيه الشرق بالغرب، إذ نتجت ثقافتها عن خليط بين أصلها الصيني وآثار استعمارها البريطاني، ويصل هذا الاندماج بين الثقافتين من التأثر بالفلسفات والاتجاهات الفكرية الشائعة فيها إلى الأطعمة، إذ توجد فيها مطاعم للوجبات السريعة الغربية إلى جانب المطاعم الصينية.
لا يقر أكثر من نصف سكان هونغ كونغ بانتمائهم إلى أي دين، وهم يقفون على نوع من مذاهب الإلحاد واللاأدرية، وقد وصل الإسلام إلى هذه المنطقة مبكراً مع التجار العرب الذين جاؤوا إلى جنوب شرقي الصين، ووصلت أيضاً سفارات إسلامية إلى كانتون المجاورة لهونغ كونغ في القرن الهجري الأول، وتوالت هجرات المسلمين إلى تلك المنطقة عبر القرون المتتالية، من جزر الهند الشرقية والملايو، ولا يمكن فصل تاريخ الإسلام في جنوب الصين عن تاريخه في هونغ كونغ، وقد كانت ملجأً للمسلمين الصينيين في بعض الأحداث التي جرت داخل الصين، وهاجر إليها كثير من المسلمين إبان الانتفاضة الشيوعية في الصين، ولم تغلق الحدود بينها وبين الصين الشعبية إلى سنة 1950.
أما في العصر الحديث فقد وصل الإسلام إليها في منتصف القرن 19م مع وصول شركة الهند الشرقية البريطانية التي جلبت المجموعة الأولى من المسلمين إلى هونغ كونغ، ومع اندلاع حرب الأفيون توجه مسلمون من عرقية الهوي (خوي) في مقاطعة قوانغدونغ (جنوب الصين) إلى هونغ كونغ، وفي تلك الأثناء أخذ المجتمع الإسلامي بالتطور والتنامي، وفي أقدم إحصائية نجد أنه في عام 1871 كان في هونغ كونغ 151 مسلماً بين السكان غير الصينيين، وفي إحصاء عام 1911 كان فيها 1779 مسلماً (0.4% من إجمالي السكان)، وبعد الحرب العالمية الثانية جلب البريطانيون عمالًا من الهند وإندونيسيا، وكان بينهم مسلمون، ومع نهاية القرن العشرين ازدادت أعداد المسلمين في هذه الدولة بسبب هجرتهم إليها، أما عن تحديد نسبتهم اليوم، فيتكرر في غالبية المصادر أن 4.1٪ أو 4.2% من سكان هونغ كونغ مسلمون (حوالي 300.000 مسلم) بينهم  50 ألف صيني، و150 ألف إندونيسي، و30 ألف باكستاني، وغيرهم من جنسيات أخرى، ويقدر مركز بيو نسبتهم بـ1.8% من إجمالي السكان في عام 2010، ثم 2.1% في عام 2020، مقابل 54.7% للملحدين واللادينيين، و14.9% للنصارى، و13.3% للبوذيين، و13% للديانات الشعبية والقديمة، وهناك ديانات غيرها ذات نسب قليلة، والفارق بين النسبتين للمسلمين يصل إلى النصف، ويبدو أن النسبة التي تقارب 4% هي الأقرب إلى الصحة، فهي تتكرر في العديد من الأبحاث والمقالات العربية والغربية التي كتبت حديثاً عن مسلمي هونغ كونغ.
يُعامل مسلمو هونغ كونغ تاريخيًّا باعتبارهم منفصلين عن المسلمين الصينيين من حيث ترتيبات الحج إلى بيت الله الحرام، ويضطر كثير من المسلمين هناك إلى الصلاة في أماكن مؤقتة بسبب قلة المساجد، وقد بني أقدم جامع فيها في أربعينيات القرن التاسع عشر، ثم أعيد بناؤه عام 1915، وتظهر الأبحاث والتغطيات الإعلامية أن هناك مشكلتين رئيستين لدى مسلمين هونغ كونغ، وهما العقبات في التعليم وصعوبات الاندماج الاجتماعي، حيث لا يزال نظام التعليم الحالي في هونغ كونغ يفتقر إلى دعم الأقليات العرقية غير الصينية، ونتيجة لذلك فإن العديد من الطلاب المسلمين غير الصينيين لديهم خيارات محدودة من المدارس، ومن المهن كذلك في المستقبل، وتشير الصعوبات في الاندماج الاجتماعي إلى أن عامة الناس في هونغ كونغ ليس لديهم الكثير من الوعي بالإسلام، ولكن مع زيادة التغطية الإعلامية للإسلام والمسلمين وأوضاعهم، بدأت النظرة العامة إلى المسلمين بالتغير في هونغ كونغ، مما أدى إلى ارتفاع نسبة دمجهم في المجتمع، وفي أحدث مناهج التاريخ المنقحة للمرحلة الثانوية، ورد أنه "من أجل توسيع وجهات نظر الطلاب العالمية وتعزيز فهمهم للثقافات الرئيسة الأخرى في العالم، تمت إضافة موضوعات جديدة عن الحضارة والتطور التاريخي للمناطق الأخرى، بما في ذلك الحضارة الإسلامية"، مما يدل على وجود جهود لتسهيل الاندماج الاجتماعي للمسلمين، وأن المسلمين في هونغ كونغ سيصبحون أكثر وضوحاً في مجتمعهم في المستقبل.