• الرمز الدولي BY
• رمز الاتصال الهاتفي 375
• العلم
• العاصمة Minsk

جمهورية روسيا البيضاء (بيلاروس، بيلاروسيا): هي دولة حبيسة (غير ساحلية) في أوروبا الشرقية، عاصمتها مينسك، وتحدها روسيا من الشرق، وأوكرانيا من الجنوب، وبولندا من الغرب، وليتوانيا ولاتفيا من الشمال، عملتها هي الروبل البيلاروسي، ويتجاوز عدد سكانها 9.399 مليون نسمة.
وقد تم توحيد هذه الدولة بحدودها الحالية عام 1939، عندما منحت الأراضي التي أقيمت عليها الجمهورية البولندية الثانية للاتحاد السوفيتي - وفقًا للاتفاق الألماني السوفيتي - وألحقت بروسيا البيضاء السوفياتية، وقد تضررت بيلاروسيا بشدة جراء الحرب العالمية الثانية، حيث فقدت خلالها نحو ثلث سكانها وأكثر من نصف مواردها الاقتصادية، وقد أعلن البرلمان سيادة روسيا البيضاء عام 1990، وأعلن استقلالها عام 1991، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
يقيم معظم سكان بيلاروسيا في المناطق الحضرية المحيطة بالعاصمة وغيرها من عواصم الأوبلاستات (أقاليم الدولة الستة)، ويمتلك كل أوبلاست سلطة محلية تدعى أوبلسوفيت (مجلس أوبلاست)، ينتخبها سكان الأوبلاست، وسلطة تنفيذية إقليمية تدعى إدارة الأوبلاست، وتقسم هذه الأوبلاستات إلى رايونات (مناطق).
وتشكل الغابات 40% من مساحة هذه الدولة التي تبلغ مساحتها 207,595 كم²، ولبيلاروسيا طبيعة مستوية نسبيًّا، وهي تحتوي على مساحات واسعة من أراضي المستنقعات، وفيها العديد من الأنهار الصغيرة، وآلاف البحيرات، إضافة إلى ثلاثة أنهار رئيسة: نيمان وبريبيات ودنيبر، ويتدفق نهر نيمان غرباً نحو بحر البلطيق، وبريبيات شرقاً إلى دنيبر، ودنيبر جنوباً نحو البحر الأسود، ويتراوح المناخ في بيلاروسيا ما بين الشتاء القاسي، والصيف المعتدل الرطب.
الاقتصاد البيلاروسي ما يزال معظمه تحت سيطرة الدولة، ويوصف بأنه "وفق النمط السوفياتي"، ويعمل 51.2% من البيلاروسيين في شركات الدولة، و47.4% في الشركات الخاصة (منها 5.7% مملوكة جزئيًّا للأجانب) وهناك 1.4% يعملون في شركات أجنبية، وتستورد الدولة النفط وغيره من روسيا.
وتشكل العرقية البيلاروسية 81.2% من سكان روسيا البيضاء، تتلوها العرقية الروسية (11.4%)، ثم يأتي البولنديون فالأوكرانيون، ويتحدث السكان بلغتين رسميتين هما الروسية والبيلاروسية، واللغة الروسية هي اللغة الرئيسة هناك، ويستخدمها 72% من السكان، في حين أن البيلاروسية هي اللغة الرسمية الثانية، ولا تستخدم إلا بنسبة 19.2%، وتتحدث الأقليات بالبولندية والأوكرانية واليديشية الشرقية (لغة ألمانية يهودية الأصل)، ولروسيا تأثير كبير في كل نواحي الحياة في بيلاروسيا، سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا.
لا يعلن دستور بيلارسويا ديناً رسميًّا لها، على الرغم من أن النصرانية هي أكثر الأديان انتشاراً هناك، ويتبع الأرثوذكسية الروسية (الشرقية) وحدها حوالي 61.5% من السكان، تليها الكاثوليكية بعدد أتباع أقل بكثير، ثم تأتي طوائف بروتستانتية مختلفة، وهناك يهود تناقصت نسبتهم عبر الزمن من 10% إلى 1% لعدة أسباب، إضافة إلى أتباع ديانات أخرى وملحدين.
وفي حوار مع مفتي روسيا (2020) ذكر أن المسلمين - حسب الإحصائيات الرسمية - لا يزيد عددهم على 20.000 نسمة، كما يلي: التتار 7316، الأذر 5567، الأوزبك 1583، التركمان 2685، القازاخ 1355، العرب 1330، وغيرهم، وهم متواجدون في كل مدن الجمهورية، وذكر أن هناك قرًى خاصة بالتتار المسلمين، وأن المسلمين لا يختلفون عن غيرهم في المستوى التعليمي أو الوظيفي أو الاقتصادي، وأن غالبيتهم من أهل السنة (الأحناف)، ويوجد شيعة أذريون.
ويذكر مصدر آخر أن عدد مسلمي بيلاروسيا اعتباراً من عام 2007 هو 45.000 مسلم، يمثلون 0.5% من إجمالي السكان، وأن غالبيتهم من أحفاد (تتار ليبكا/ التتار البولنديون الليتوانيون) ومن المهاجرين الجدد من الشرق الأوسط، ويذكر مصدر ثالث أن نسبة نصارى بيلاروسيا هي 70.7% ونسبة الملحدين واللادينيين هي 28.6%، أما بقية الأديان فنسبة كل منها أقل من 1%.
بدأ الوجود المستمر للإسلام في بيلاروسيا منذ القرن الرابع عشر الميلادي، ومن ذلك الوقت وإلى اليوم يرتبط الوجود الإسلامي في بيلاروسيا بتتار ليبكا المسلمين، ويعود سبب وجودهم القديم في هذه المنطقة إلى طلب ليتوانيا الكبرى (المجاورة لبيلاروسيا) من القبيلة الذهبية مساعدتها في حماية حدودها، فوصل إليها تتار ليبكا الذين عُرفوا بأنهم طبقة عسكرية نبيلة، ثم سرعان ما انتشروا في في بيلاروسيا وليتوانيا وبولندا، وبحلول نهاية القرن السادس عشر، كان هناك قرابة 200.000 تتري مسلم يعيشون في الكومنولث البولندي الليتواني (دولة سابقة)، وكان لديهم نحو 400 مسجد، فأصبحت تلك الطبقة العسكرية شعباً يسكن المدن، وظل أبناؤها متمسكين بدينهم وعاداتهم، وتميزوا بحِرفهم ومهاراتهم في ركوب الخيل، وما يزال الكثير من أحفادهم يعيشون في بيلاروسيا حتى اليوم.
وفي القرن السابع عشر، خصوصاً في عهد سيغيزموند الثالث، تفاقمت ظاهرة الاضطهاد الديني في المجتمع البولندي-البيلاروسي، وحوربت الأديان غير النصرانية، وتضررت من ذلك بشكل أساسي الأقليات من المسلمين واليهود، ومن الأمثلة على ذلك: هدم مسجد مدينة تروكي سنة 1609 في عيد كاثوليكي، منع المسلمين من بناء مساجد جديدة، قتل العديد من المسلمات بتهمة أنهن ساحرات، ولعل السبب الرئيس لهذا الاضطهاد هو ظهور كتاب (الفرقان التتاري) الذي اتهم فيه الكاتب التتارَ بأنهم أعداء للمسيح عليه السلام، وأنهم سبب كل شر في أرض المملكة، وطالب مؤلف هذا الكتاب بطرد وقتل كل التتار المسلمين، مما تسبب في هجرة كبيرة للتتار إلى الدولة العثمانية،  وبعد موت سيغيزموند الثالث وابنه فلاديسلاف الرابع، سنة 1684، أعيدت إلى المسلمين حقوقهم وتمت حمايتهم.
ومما حدث لمسلمي بيلاروسيا أيضاً: فرار العديد من الزعماء الدينيين لتتار ليبكا من بيلاروسيا إلى بولندا، من عام 1944 إلى عام 1946، خوفًا من تجدد الاضطهاد الديني، وفي العهد الاشتراكي السوفيتي لبيلاروسيا، كان الإسلام محارَباً أيضاً، ففي عام 1935 بدأ إغلاق المساجد، وتم ترحيل بعض الأئمة والمؤذنين وقتل بعضهم.
تستخدم اللغة العربية في بيلاروسيا في بعض المناسبات الدينية، وكان مسلموها قد طور قديماً (الأبجدية العربية البيلاروسية) لكتابة اللغة البيلاروسية بالخط العربي، واستخدمها التتار بشكل شائع بعد أن تخلوا عن لغة التتار الخاصة بهم إلى اللغة البيلاروسية، وقد عُقد أول مؤتمر لمسلمي عموم بيلاروسيا عام 1994، ونتيجة له تأسست الجماعة الدينية الإسلامية هناك، وتعتبر بيلاروسيا الدولة الوحيدة في أوروبا التي حكمت على رئيس تحرير صحيفة بالسجن لمدة 3 سنوات، بسبب نشره الرسوم الدنماركية المسيئة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بتهمة التحريض على الكراهية الدينية، ويذكر أيضاً أن بيلاروسيا هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي تحتفظ بعقوبة الإعدام على جرائم معينة في أوقات السلم والحرب.